"المجلة" تعيد نشر حوار شامل مع الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد المحسن

قررتُ أن أترك قبل أن أُترك

"المجلة" تعيد نشر حوار شامل مع الأمير الشاعر الراحل بدر بن عبد المحسن

في 14 يناير/ كانون الثاني 2007، نشرت "المجلة" حوارا شاملا مع الأمير والشاعر الراحل بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز، أجراه الكاتب والصحافي سعد المحارب، وتطرق فيه إلى أسباب عزوفه عن الشعر في ذلك الحين، وابتعاده عن الأضواء، كما تحدث عن مجموعة من القضايا الساخنة، منها التطرف والتشدد الديني والإرهاب، والحداثة والتقليد، والشعر والرواية، إضافة إلى بداياته الشعرية وأبرز المحطات في رحلته.

هنا نص الحوار المنشور سابقا، تعيد "المجلة" نشره تحية لهذا الشخصية الثقافية الكبيرة التي تسبّب رحيلها بصدمة لجميع محبيه ومحبي الشعر في السعودية والعالم العربي.

"تبي الصحيح أنا مليت من الحوارات، وصارت الأسئلة وإجاباتها في رأسي محفوظة على أسطوانة"، بهذه الجملة قابل الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز طلب المجلة إجراء حوار صحافي معه.

ولكنه كان كريما- كعادته- فوافق على الحوار، غير أن جملته تلك بقيت، مثل أبياته، تثير التساؤل، وتوحي بالقلق على مدى قدرة هذا الحوار أن يجيء مختلفا على نحو ما ينشده بدر بن عبد المحسن دائما.

   والدي لم يكن مشغولا بالشعر، لكنه كان يكتب أبياتا شعرية من فترة لأخرى، وكانت والدتي تكتب قصصا

من هنا جاءت محاولة التوسع في إطار النقاش، والمزاوجة بين الشعري والنقدي، وبين الثقافي والسياسي، ولأجل ذلك سعيت عن أصيل رغبة، وصادق تصميم، إلى جعل هذه التجربة محاولة للاكتشاف، والإتمام، وتجنبا للإعادة والتكرار، آملا أن يحمل هذا الحوار بأسئلته وملاحظاته وإجابات ضيفه الأنيق في لغته وأفكاره، إضافة جديدة إلى محبي البدر.

ذكريات وبدايات

• ماذا يمكن أن تضيف لي من ذكرياتك في المرحلة الأولى حيث ولدت في الرياض؟

أتذكر أشياء كثيرة منها أن البيت الذي ولدت فيه في حي الغوطة بالرياض، كان عبارة عن ثلاث مناطق، الأولى خاصة بوالدي- رحمه الله- ومخصصة لاستقبال الرجال، والثانية للعائلة، والثالثة للمخازن والمطبخ وحظيرة للماشية، وخلف المنزل (طوالة الخيل)، وهي المكان المخصص للخيل الذي كان يمتلكها والدي.

أتذكر أنني ولدت في وقت ظهرت فيه بعض علامات الحياة الحديثة على الرياض، فكان الطب الحديث- مثلا- حاضرا، وكانت الكهرباء متوفرة، وإن كانت لا تتوفر إلا بصفة مؤقتة، فبعد صلاة العشاء تنقطع يوميا.

وكان الهاتف موجودا، وكان ثمة دور مهم في تلك المرحلة لموظف السنترال الذي يتولى تحويل المكالمات، إذ كان لكل حارة تقريبا سنترال، ويتوجب عليك الاتصال به وطلب التحويل إلى الرقم الذي تريد، ومن الطريف أن معاملة الموظف للمتصل كانت تتأثر بطبيعة علاقتهما (يضحك).

• وماذا عن مرحلة جدة؟ حيث بدأ الشعر؟

انتقلنا أولا من الرياض إلى مكة، وبقينا فيها سنة، وكان عمري وقتها ست أو سبع سنوات، ثم انتقلنا إلى جدة، وكان منزلنا في (كيلو 4) الذي كان وقتها محاطا بأراضٍ فضاء. وكانت بدايتي مع الرسم قبل الشعر، أما الشعر فبوسعي أن أقول إنه كان تقليدا شائعا لمعظم المراهقين في جيلي، كان الكثير منا يعبّر عن نفسه في تلك المرحلة المبكرة بصيغة أدبية ما، إما الشعر أو النثر أو الخواطر، وكنت أحد هؤلاء، ففي سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة بدأت كتابة الشعر، وتستطيع أن تقول إنها كانت مزاحا انقلب إلى جد، فلم أكن أخطط حينها لأن أكون شاعرا بقدر ما كنت أتحرك ضمن التقليد الشائع للتعبير عن الذات.

• هل كان للبيت الذي نشأت فيه تأثير في اتجاهك الشعري؟

- كان والدي- رحمه الله- شاعرا، لم يكن مشغولا بالشعر، لكنه كان يكتب أبياتا شعرية من فترة لأخرى، وكانت والدتي الأميرة وضحى الحمود آل رشيد- رحمها الله- تكتب قصصا، وسبقتني أختي الأميرة مشاعل بنت عبد المحسن إلى الشعر، ونشرت ديوان شعر فصيح في وقت مبكر، فقد نشأت في بيت يهتم بالأدب، وعلى الأرجح ساهم هذا بصورة ما في اتجاهي إلى الشعر، وإلى الرسم أيضا.

الشاعر الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن

• هل تنظر اليوم إلى شعر البدايات على أنه متواضع؟ أم ترى أنك بدأت بشعر مميز؟

لا، ليس كل شعري في البداية متواضعا، فالشعر ليس فقط صنعة جيدة، بعض الشعر يكتسب قيمته من صدقه وقلة زيفه، أو من حبسه لظل ذكرى جميلة، وبلا مبالغة أستطيع اليوم أن أنتقي ثلاث أو أربع قصائد مما كتبت في بداياتي وأقرأها بارتياح.

لكن لعل من المهم الإشارة إلى أن أسوأ ما يواجه الشاعر المبتدئ حين يتأثر بالشعراء الكبار فيكتب في مواضيع لا تناسبه، فتصبح قضية الشعراء الكبار قضيتك، وحبيبتهم حبيبتك، ومغامراتهم مغامراتك، بما يجعلك تستعير مواضيع غيرك وتكتب فيها، وهو أمر على الأرجح ينتج شعرا رديئا.

• بالمناسبة، هل تعتقد أن بعض الشعراء الشباب اليوم يكتب عن حبيبة بدر بن عبد المحسن؟

 أعتقد أن هذا صحيح إلى حد ما، فكثير من الشعراء الشباب اليوم يكتبون عن امرأة واحدة في كل حالة، فلديهم امرأة واحدة ومكررة للحب، وأخرى مكررة للهجر، وثالثة مكررة للعناد، وهكذا، وهي في النهاية امرأة مستعارة من تجربة شائعة لبدر أو غيره، فمثلا تلاحظ أن الجميع يصف عيني حبيبته بأنهما واسعتان وسوداوان، ولا تجد من يصف عيني حبيبته بالصغر، مع أن هذه قد تكون هي الحقيقة.

• وماذا عنك؟ هل استعرت تجارب الآخرين في بداياتك؟

الواقع أنني مررت بالتجربتين في البداية، فبالنسبة للاستعارة، أتذكر اليوم أنني في عمر السادسة عشرة كنت أستعير تجربة (ابن سبيّل) أو (العوني) أو (الهزاني) أو (ابن لعبون)، وكان هذا تصرفا خاطئا، لكن الجيد في الأمر أنني كتبت منذ البداية عن التجارب الخاصة.

سمات شخصية وشعرية

• أريد أن أسألك عما أعتبره سمة تميزك في الحديث، لا في الشعر، وهي الجمل الناقصة، فكثيرا ما تتوقف قبل إتمام جملتك؟

هذا صحيح، وأتذكر أن صديقا لي قال إن كلام بدر أصبح يشبه قصيدته، الشعر بطبيعته يأتي مكثفا، فمن السخف أن تكتب قصيدة لكي تشرح، وأن تجعل المعنى الذي يمكن تكثيفه في بيت واحد يمتد إلى عشرة أبيات حتى تتأكد أن المتلقي فهم ما تقول.

  أسوأ ما يواجه الشاعر المبتدئ حين يتأثر بالشعراء الكبار فيكتب في مواضيع لا تناسبه، فتصبح قضية الشعراء الكبار قضيتك

ويبدو أن هذا أثّر علي في حديثي العادي، والحقيقة أنني أتوقف عن الكلام عندما أشعر أن السامع فهم، لكن المشكلة أن شعوري يكون خاطئا أحيانا، وما يزيد من تعقيد الأمر أن بعض الناس لا يطلب التوضيح حتى لو لم يفهم ما تقول، إما بدافع الحياء أو لشعوره أن طلب الشرح يدل على نقص في فهمه.

• من سماتك الشخصية إلى سماتك الشعرية، ثمة مزاج غربي حداثي ظاهر في نصك الشعري، بشكل لا يتوقعه القارئ للشعر العامي، هل توافق على هذه الملاحظة؟

ليست المسألة في رأيي مزاجا غربيا، فالشاعر يستخدم الصور التي يعرف، بالمشاهدة أو السماع، والفرق بيننا وبين شعراء العامية في القديم هو مقدار الصور المتاحة، وقد تلاحظ أن بعض شعراء العامية القدماء توسعت صورهم، بالمقارنة مع مجايليهم، بسبب انتقالهم إلى بيئات متعددة، ومتحضرة، فالقضية ليست مزاجا غربيا بقدر ما أننا في هذا الوقت أتيح لنا فرصة أكبر للتواصل مع العالم، وهو ما سمح بتوسع صورنا واختلافها عن ما كان لدى أسلافنا، فهو فرق في الثقافة لا في مجرد الصورة الشعرية. 

فأنا لا أوافق على الملاحظة بقدر موافقتي على القول بأن مفهومي للإبداع غربي، بمعنى أن الإبداع الذي لا يضيف ليس إبداعا، وليس مهما، ومما يثير دهشتي في الشعر العربي، الفصيح والعامي، أنه مكرور لدرجة جعلت التجديد فيه صادما، بل يوشك السامع أن يكمل الأبيات قبل أن تكتمل، لأن طرق شعرنا أصبحت معروفة ومحددة بشكل سابق على القصيدة، إلى درجة يسهل معها استنتاج إلى أين سيتجه الشاعر بالضبط، وماذا سيقول بدقة، وأنا لا أرى أن هذا إبداع، فحيث لا توجد إضافة ولا دهشة، لا يوجد شعر، وفي كل الحالات أرى أنني استخدمت، وبوعي، شعرة معاوية في تجربتي الشعرية، فليس كل شعري تجديدا وابتكارا، وليس كله مكرورا، ولا مستجيبا لرغبة الجمهور.

• من السمات الأخرى تكرار استعمالك لمفردات معينة في قصائدك ضمن سياق الشعر الرومانتيكي، لعل أبرزها مفردها (الليل)؟

- لا أحب أن أعلق على مسألة التصنيف لشعري، فمعظم التصنيفات التي قيلت عنه تنطبق على بعض شعري، ولا تشمله كله، أما موضوع تكرار كلمة بعينها فأنا لا أرى مشكلة في استخدام (الليل) أو أي كلمة أخرى في كل بيت، ما دمت لا أكرر المعنى، وإنما أمنح الكلمة مدلولا مختلفا في كل مرة.

• من السمات أيضا، شيوع الصورة والمشهد في شعرك؟ فقصيدتك صورة على هيئة نص أكثر من كونها نصا ينقل صورة، هل تؤيدني في هذا؟

- الشعر في رأيي صورة فوتوغرافية، وبالمناسبة إذا أردت صورة جيدة فينبغي أن تصور المتحرك والاستثنائي والمختلف، فمن الوارد أن تحب فتاة وتكتب فيها وتهديها ما كتبت، أو حتى لا تكتب فيها شيئا رغم أنك تحبها فعلا، وأكثر من أي شخص آخر، لكن ثمة فتاة لا تشكل لك أهمية، لكنها تحدث حركة تثير انتباهك فتأتي من حركتها فرصة التقاط الصورة الجيدة، وهنا يولد الشعر الجيد، وبذا فالشعر ليس مقياسا دقيقا لتقدير الشاعر للناس والأشياء، قد أتعاطف مع قضية وأوجه نداء أو أكتب مقالا لكنني لا أكتب قصيدة.

والصورة الشعرية بالنسبة لي اكتشاف مثير، مثلا عندما أقول: (يطيح جفن الليل وأهزّ كتفه)، هذا اكتشاف مثير أن يتحول الليل إلى شخص يغالب نومه، وأحاول إيقاظه، ومن مثل هذه الصورة تبدأ مغامرة، وصدقا هي مغامرة لا أعرف نهايتها، أحيانا تنتهي إلى شعر جميل وصورة أخّاذة وتشعر حينها أنك أعظم الشعراء، وأحيانا تنتهي المغامرة إلى صورة رديئة، وتشعر أنك متطفل على الشعر والإبداع، والحديث هنا عن بعض شعري وليس كله، لكن هذا البعض هو الأمتع بالنسبة لي.

• ما رأيك فيما كتب من محاولات نقدية عن تجربتك الشعرية؟

 أنا أشكر كل من اجتهد في الكتابة عن تجربتي، لكنني أعتقد أن أهم ما فيها هو الشيء الذي لم يُكتب عنه بعد، ربما لأن من كتبوا عنها يعتقدون أنه شيء غير مهم.

• وما ذلك الشيء؟

- ليس دوري هو الإجابة عن هذا السؤال.

الأوبريت والدراما

• حسنا، وأنا دوري أن أنتقل الآن إلى الجنادرية، فقد كتبت الأوبريت في مناسبتين، كانت الأولى في أعقاب نهاية الاحتلال العراقي للكويت، والثانية ببمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة، فهل من المصادفة أن هاتين المناسبتين خرجتا عن الشكل الأكثر شيوعا في المهرجان حيث استعراض مناطق المملكة؟ 

الواقع أن موضوع أوبريت "وقفة حق" كان اختياري الخاص، ولم يكن هناك توجيه لتخصيصه للحرب، وعادة تنافس القصيدة الحدث الضخم الذي ولدها، وربما تصبح أهم من الحدث نفسه، ينطبق هذا على الأحداث العامة كما ينطبق على الأحداث الخاصة، فقد تكتب قصيدة عاطفية لحدث شخصي هو أكبر عندك من حرب الخليج، لكن الناس لا يعلمون عن الحدث وقيمته لديك، وإنما يقرأون القصيدة.

وبالنسبة لي كل شعري ولد من حدث، ولا أقصد أن شعري هو تسجيل لأحداث، وإنما أقصد أن ثمة جزءا من الواقع أو الحقيقة يساهم في إحداث الشعر عندي، لكن التحدي أمامي هو أن أجد المميز في الحدث، فالمهم كمية الشعر في القصيدة، إذ الحدث سابق على النص، والسؤال دائما ماذا أضاف النص، ما هي أبعاد الحدث التي نجحت القصيدة في إبرازها للمتلقي ولم تكن واضحة له من قبل، وبسؤال أوضح هل قالت القصيدة شيئا جديدا؟!

  احتجت في نص أوبريت "فارس التوحيد" إلى ستة أو سبعة أشهر أما أوبريت "وقفة حق" فكتبتها في ثلاثة أو أربعة أيام

  • كيف واجهت مسؤولية أوبريت المئوية "فارس التوحيد"؟ وكيف تنظر إلى تلك التجربة اليوم؟

 أولا لم أشعر بقلق حيال المسؤولية الكبيرة في أوبريت "فارس التوحيد"، بل شعرت أني قادر على تحمل المسؤولية، والعمل يختلف عن "وقفة حق" بأنه رسالة من بدر بن عبد المحسن وتعبير عن فكره، أكثر من الاتجاه إلى الجمهور بشكل مباشر.

ونص أوبريت "وقفة حق" استغرقت كتابته مني ثلاثة أو أربعة أيام، ثم تركته حتى رأيته بشكله النهائي في افتتاح المهرجان لأن دوري انتهى، بينما احتجت في نص أوبريت "فارس التوحيد" إلى ستة أو سبعة أشهر لأنني تحملت مسؤوليات إضافية، وكان من المؤمل أن أكتفي بكتابة النص الشعري والدرامي للأوبريت، لكن للأسف اضطررت للدخول في تفاصيل أخرى، أعتقد أنها لو تركت لمبدعين متخصصين فيها لظهر العمل بصورة أفضل.

أنا أؤمن بالاختصاص وأعتقد أنني إذا أعطيت كل جهدي للنص وكتبته بشكل جيد أكون أديت دوري، لكن دخولي في تفاصيل كثيرة، ومجالات موازية، أثرت حتى على كتابتي للنص، فمثلا كنت أتصور المشاهد وكيفية أدائها، ومن هنا ظهرت "المصنعية" في النص الذي يجب أن يستجيب للشرط الإخراجي، ولذلك استغرقت كتابة النص مدة طويلة.

ولكنني اليوم لست آسفا على شيء في تلك التجربة، إلا التصوير التلفزيوني للأوبريت، فالعمل الذي حفظ، وشاهده الناس على التلفزيون أقل بكثير من العمل الذي تابعه الحضور على المسرح، فقد تم تصويره بشكل رديء، وربما كان من واجب الجهة المنتجة أن يكون التصوير أكثر كفاءة مما كان عليه.

• وكيف كان شعور التجربة الأولى في الكتابة الدرامية ضمن هذا الأوبريت؟ وهل كان لديك تردد حول خوضها بعد نجاحاتك المتوالية في الشعر؟

فعلا كانت تجربة أولى، لكنني لم أكن مترددا، ولا متهيبا من التجربة الدرامية، الواقع أن الجزء الوحيد المزعج لي في الأوبريت هو الجزء الذي كتبته باللغة العربية الفصحى، فأنا لا أحب كتابة الشعر بالفصحى لأنني مضطر للتقيد بأحكام النحو، وهو أمر يحد من الإبداع في رأيي، لكن لم أكن متحسسا من العمل لأنني مؤمن بما سأفعل أكثر من إيماني بما فعلت، فأنا أملك الثقة الكافية لارتكاب المغامرة.

  •  بمناسبة الكتابة الدرامية، أين أصبح مشروع "توق" مسرحيتك الشعرية التي ننتظرها منذ وقت طويل؟

"توق" هي التجربة الموسعة عن "فارس التوحيد" من ناحية الكتابة الدرامية، في البداية كتبتها كتابة أولية منذ حوالى خمس أو ست سنوات، ثم توقفت عن العمل فيها، وعدت في العام الماضي لإعادة كتابة العمل وتنقيحها حتى يكون بالصورة التي أرضى عنها، وحاليا بالعمل في مراحله الأخيرة، وبإذن الله ينشر قريبا.

وأنا قلقي حاليا على نشرها من الخمول الذي يصيبني عادة بعد إنجاز أي عمل، وأذكر هنا أن الفنان راشد الشمراني كان حريصا على إنجاز "توق" من أجل تحويلها إلى فيلم سينمائي، وانتظر طويلا ولكنه يئس بسبب طول المدة، ولعله حين يقرأ هذا الحوار يستعيد حماسه (قالها ضاحكا).

دار الشعر

• بكونك أحد أبرز شعراء العامية في السعودية ألم تفكر في المساهمة، بأي صورة، في التأريخ للشعر العامي؟

أنا لست مؤرخا، والحقيقة أن معلوماتي عن تاريخ الشعر العامي ليست كبيرة، وأنا بصفتي شاعرا أعتبر أن العامية بالنسبة لي مجرد وسيلة، أنا استفدت من اللهجة العامية لأنها أفضل وسيلة لتوصيل ما لدي، وربما لو كنت أتقن الإسبانية أو الفرنسية لكتبت بها، لكنني لم أكتب باللهجة العامية من باب إحياء التراث، ولم تكن قضية التأريخ والتوثيق، للشعر العامي أو لغيره، قضية رئيسة عندي، وأرى أن ثمة أشخاصا آخرين، وجهات أخرى، سيكونون أولى، وأقدر، على أداء هذا الدور.

لو استمرت الحداثة لتأسس لدينا مناخ ثقافي أفضل وولدت حركة شعرية رائدة

  • قبل سنوات صدر توجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، يوم كان وليا للعهد، بإنشاء دار للشعر، وتكليفك برئاستها، لكن المشروع لم يظهر إلى الآن، فأين صار هذا المشروع؟

هذا السؤال يذكرني بحادثة قديمة، عندما كنا في جمعية الثقافة والفنون شرّفني بعض الأدباء الكبار بالاتصال وطلب مساهمتي في إنشاء أندية أدبية، لكن هناك من أوصل لي أن المطلوب هو المساهمة في إنشائها دون أن آخذ موقعا فيها. 

وكذلك في دار الشعر أحسست بأن بعض شعراء الفصحى يرون من غير المناسب أن يكون بدر بن عبد المحسن رئيسا لدار الشعر، وأنهم أولى بذلك، وهذا حقهم وليس لي اعتراض على رؤيتهم، مع أن المقصود من هذا الموقع التكليف لا التشريف، وأني سأكون موظفا لدى الشعر وأهله.

• فيما لو أعيد المشروع، هل من الممكن أن تأخذ موقع الرئاسة فيه كما كان متوقعا قبل سنوات؟

لا، في الوقت الحالي لا أعتقد أني قادر على تقديم ما أطمح له، فقد تناقصت طاقتي، وأصبحت أكثر مللا من السابق، ولكن سيسعدني أن تقوم الدار ويترأسها غيري وتكون خدمة لمحبي الشعر في بلادنا.

النقّاد والشعر العامي

• اتفق مع من يعتبر أن موقف بعض النقّاد في تبني الرفض المطلق لكل شعر باللهجة العامية موقف متشدد وغير موضوعي، ولكن ألا ترى أن في موقفهم بعض الصواب على مستوى عائق الإقليمية، وغلبة السطحية في الشعر العامي؟

 من جهتي لا أرى أن هذا كلام منطقي، صحيح أن معظم الشعر العامي سطحي وضعيف وتافه، لكن السطحية والضحالة والضعف والتفاهة متوفرة في كل محاولات الشعر بمختلف اللغات واللهجات، واللغة لا تمنح الشعر قيمته.

أما الإقليمية فمن الممكن ترجمة العامية إلى النقّاد أو القرّاء الذين لا يفهمونها، مثلما يحدث هذا مع شعراء أوروبيين أو أميركيين، كما أن لهجتنا العامية لو خدمت لتجاوزت هذا العائق، كما جرى مع لهجات عربية، مثل المصرية، وجدت من يخدمها حتى أصبحت معروفة ومتداولة في العالم العربي مع أنها بالأساس لهجة إقليمية.

• بالمقابل، هل تتفق معي أن غياب الحركة النقدية عن مواكبة الشعر العامي أدت إلى تحول مسؤولية التقييم للجمهور بدلا من النقاد، وهو ما قاد في النهاية إلى هبوط الشاعر العامي الذي صار مبتغاه تصفيق صالة ممتلئة بجمهور ضعيف الذائقة؟

لا شك أن غياب الناقد له أثر سلبي، والمقصود أن وجود ناقد نزيه ومتجرد وواع وجاد، ويتوفر على خلفية أدبية وثقافية، بالتأكيد سيشكل إضافة نوعية مهمة للشعر، بل أقول ربما كان هذا سيقدم لنا إنجازا نقديا أهم من الإنجاز الشعري.

غير أن المشكلة الرئيسة لدينا أن الناقد بات مشغولا بتقديم نفسه وحيازة النجومية، وهو ما يجعله يكرّس جهده لإبهار القارئ بذاته النقدية، وأدى هذا إلى غياب استفادة الشاعر، في العامية والفصيح، من هذا الجهد.

ولكن لي كلمتين أضيفهما هنا، الأولى أن الشعر العامي خسر بغياب النقّاد، لكن الشعر الفصيح لم يربح أيضا، والثانية أن تعالي النقّاد على نوع من الشعر بسبب لهجته هو تصرف غير حضاري، وغير متمدن.

• هل تعتبر نفسك متضررا من غياب النقّاد؟

بالنسبة لي كان ظهوري في وقت كانت فيه الحركة النقدية في السعودية في بداياتها، وكانت تجربة الشعر العامي بشكله الحديث محدودة، لذلك لم يكن النقد واردا لدي، ولا لدى المعنيين به، ربما هذا جعلني في غنى عن العناية بموقف النقّاد، لكن بعد الانتشار الكبير للشعر العامي وأخذه مساحة كبيرة على رقعة الثقافة في السعودية أصبح من الضروري وجود حركة نقدية نشيطة وجادة تقيّم وتفرز، للأسف اليوم حال هؤلاء مثل خيل تركض في حلبة سباق لكن بدون تحديد اتجاه، فصار كل منهم يركض في اتجاه مختلف، وأصبح كلهم الأول والأخير.

شؤون ثقافية

• هل تتابع النشاط الروائي في السنوات الأخيرة؟ وهل تلاحظ أن حضور أدب الفضيحة طغى على الأدب الجاد؟

لست متابعا بشكل دقيق، ولكنني مستمتع، فالرواية التي أجد فيها متعة أقرؤها، ولكن إذا لم تجذبني لا أقرأ، وبصفة عامة الحركة الروائية في السعودية أفضل بمراحل من نظيرتها الشعرية، ثمة نشاط روائي مبشّر وحضور شبابي مميز، وأتمنى على الروائيين الجدد أن يتجاوزوا تقليد أساتذة الرواية، فيرتكبون المغامرة الروائية لنجد، نحن القرّاء، أنفسنا أمام تجارب متمردة.

أما ما تشير إليه من أدب الفضيحة ففي الروايات الغربية كثير من المبدعين كتبوا رواية السيرة الذاتية التي احتوت على أشياء دقيقة وخاصة، ومع ذلك حين تقيمها على مستوى الإبداع تجدها روايات عظيمة وإن احتوت على الفضيحة، لكن للأسف هناك تجارب روائية لدينا لم أجد فيها إلا الفضيحة، تجد أنك أمام حكاية مكرورة، وتقال بألفاظ بذيئة، وتتساءل لماذا نشر المؤلف هذا العمل؟!

الرواية في السعودية أفضل من الشعر وأدعو الروائيين الشباب إلى التمرد

هل من الوارد أن تتكون لدينا حركة فنية ناجحة ومبدعة في وجود تحفظات اجتماعية على الموسيقى والتمثيل والتصوير والنحت وغيرها من الفنون؟

الذي أراه أن هذا الموقف حالة استثنائية، وهو الآن لا يمثل إلا القلة، وأغل الناس لديهم انفتاح وقبول بالفن من حيث المبدأ، لكن بطبيعة الحال أتفهم الموقف الرافض للأدب أو الفن الذي يحوي تجديفا، أو تطاولا على العقيدة، أو فيه ابتذال أخلاقي.

لكن الأهم في رأيي أن إبطال الأدب أو التصوير أو الموسيقى لم يعد ممكنا، فالخيار الآن هو تشجيع الفن الراقي، والأدب الجميل، والموسيقى التي تنقي الروح، في مقابل النماذج الهابطة أو المسيئة.

• عرفت المساحة الثقافية السعودية لسنوات خلت معركة صاخبة بين أهل الحداثة وخصومهم، واليوم نقرأ اعترافات الحداثيين بإخفاق حركتهم، برأيك لماذا أخفقت الحداثة في السعودية؟

الواقع أن حركة الحداثة في السعودية كانت حركة ثقافية مبشرة، وجيدة، وكانت ستأخذ الثقافة المحلية، والشعر خصوصا، إلى آفاق عظيمة، فالشعر حداثة، والشعر غير الحداثي شعر ميت، لأنه في هذه الحالة شعر قيل من قبل، وبالتالي لا داعي لقوله، وكلامي هنا على مستوى الفكرة والمعنى والصورة لا على مستوى الشكل الشعري.

إنما للأسف حوربت هذه الحركة مع بروز حضورها الصحافي، واستخدم خصومها كل الأسلحة المشروعة، وغير المشروعة، مثل المزايدة على الدين والوطن والأصالة، وفي الجانب الآخر أعتقد أن الحداثيين ارتكبوا أخطاء جعلت إسقاط حركتهم ممكنا، وسهلا، خصوصا عدما اتجه بعضهم لإثارة حساسيات دينية، أو حساسيات أخلاقية، وأتصور أنه كان بوسعهم تفادي هذه الأخطار لحماية منجزهم الثقافي الجيد.

الأمير بدر بن عبد المحسن

وفي تقديري لو أن الحداثة لم تحارب، ولو أن الحداثيين كانوا يحسبون خطواتهم بشكل أذكى لكان تأسس لدينا مناخ ثقافي أفضل، ولكان لدينا اليوم حركة شعرية رائدة على مستوى المنطقة كلها.

• إطلاق مركز للحوار الوطني، وجمعيتين لحقوق الإنسان، وجمعية للفنون التشكيلية، ومعارض جريئة للكتاب، وإعادة تشكيل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، ملامح تعكس خطوات هدفت لإحداث حالة من الانفتاح الثقافي في السعودية خلال السنوات الأخيرة، كيف ترى هذه الخطوات؟

بالقياس إلى الفترة الزمنية القصيرة، والتي لا تتجاوز سنوات قليلة، أرى أنها خطوات واسعة، وحقيقة ما أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من مبادرات في مجال الفكر والثقافة، كانت مبادرات ضرورية أولا، وثانيا كانت مصممة بشكل مدروس يراعي ضوابط أساسية، ولولا ذلك ربما وصلت الأمور إلى الانفلات والتنافر والتصادم، وأعتقد أن هذا المشروع الثقافي جاد وطموح، وسيصل يوما ما إلى تحقيق نتائج مميزة.

• ما رؤيتك حيال ما أفرزه بعض المحاولات الانفتاحية من مواجهات من جانب متحفظين، تطورت إلى محاولات إلغاء الآخر أو خنق صوته؟

أنا أشعر إزاء ذلك بأسف عميق، إذا كان الإنسان مسلما، وعقيدته سليمة، وعلمه واسعا، فلماذا لا يستطيع أن يقنع مخالفيه إلا بالصوت العالي، أو بالضرب، فأنا أرى أن الإنسان لا يتجه إلى ممارسة الإلغاء تجاه الآخرين إلا إذا كانت حجته ضعيفة.

التطرف الديني

• في الإطار ذاته، ما هي قراءتك لموجة التطرف الديني، وتجليها العنيف في شكل الإرهاب؟

لا شك أن رفض الإرهاب هو موقف مبدئي، وأن فعل الإرهاب انحياز ضد الإنسان والوطن، وأن منحه مبررا دينيا هو أشد إساءة يمكن أن توجه إلى الإسلام، وأنا أتفهم حالة الإحباط والغضب والسخط تجاه الظلم والجور والعدوان في العالم العربي، وأتفهم حاجة بعض الشباب للتعبير عن موقفهم واحتجاجهم، ورغبتهم في مقاومة أي عدوان، ولكن المشكلة ليست في الشعار بقدر ما هي في طبيعة الفهم، وفي طبيعة الوسائل التي يتم استعمالها، فمثلا ما قيمة اختطاف منظمة لشخص أو اثنين من عدو مقابل مقتل المئات من شعبها، وتدمير اقتصاده.

والمأساة هي في سؤال الأخلاق، هل نحن نمارس أخلاق الإسلام؟ أين الفروسية والنبل والحلم والشجاعة، أين المسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده، وأين المسلم الذي لا يقطع شجرة في أرض من يحاربه، أنا لا أرى سببا لأن يتنازل المسلم عن أخلاق الإسلام فيقتل النساء والأطفال ويدمر الممتلكات ويعتدي على أهله وبلاده.

ثم أنا لا أفهم لماذا هذا التناقض؟ كيف ندعو الناس إلى الإسلام ومنا من يستبيح قتلهم؟ كيف نتوقع أنهم يمكن أن يقبلوا حتى التعايش معنا، فضلا عن قبولهم الدخول في ديننا، ومنا من يعلن أن لا عصمة لدمائهم ولا لأموالهم.

وأنا أستغرب من اجتهادات فقهية تضيق الإسلام، فبدل دعوة من هو خارج الإسلام، أصبحت هذه الاجتهادات تخرج كثير من المسلمين من الدين، وعلى كل حال أنا أقبل بأي اجتهاد طالما بقي في إطار الرأي، لكن عندما تصل الأمور إلى التكفير بغير موجب، وإلى الحوار بالسلاح فلا تعود المسألة مجرد رأي أو اجتهاد.

• على ذكر التطرف الديني، هل تخشى من تصدير النزاع الطائفي في العراق إلى خارجه؟

أنا لا أعتقد أن ما يحدث في العراق هو نزاع طائفي، وإنما النزاع الطائفي مجرد ستار يخفي نزاعا على السلطة، ربما تستخدم الطائفية فيه ذريعة لجذب الأنصار، ولكن لا أرى أن ثمة نزاعا على أساس طائفي، ولذلك لا أخشى من تصدير هذا النزاع الطائفي، لأنه غير موجود. 

الابتعاد والاعتزال

• في المحور الأخير، سؤالي هو لماذا ابتعدت عن الساحة الشعرية؟

- انقطعت عمدا في السنوات الأخيرة، وهي تجربة مهمة جدا لي، فقد أصبح تواجد الأديب والفنان والاهتمام به وتكريمه مرتبطا بعلاقاته العامة، وأتذكر كيف رأيت في مصر الشاعر الكبير أحمد رامي قبل وفاته بسنة أو سنتين حيث كان مكتئبا، مغلقا عليه بابه ومعتزلا ومنسيا، بعد أن أفنى حياته في الشعر، وسبق أن رأيته قبلها بسنوات يوم كان محاطا بالاهتمام، كان وقتها مرحا ومتوهجا، مثل هذه الذكرى تثير في نفسي إحساسا مؤلما جدا، أن تمضي سنوات طويلة تبدع وتساهم في إسعاد الملايين ثم تنتهي مهملا، أوشك أن أقول إن عبدالحليم حافظ كان محظوظا لأنه مات في عز نجاحه، وأرى أن انقطاعي هذا يطرح السؤال: هل ما قدمته عبر سنوات كان عملا جيدا أم لا، هذا ما يجعلني ربما أنسحب بهدوء كي أترك قبل أن أُترك.

• ولكن ألا ترى أنك حصلت على الكثير من التقدير- المستحق- الذي يجعل هذا الإحساس غير متوقع من شاعر يملك نجاحك؟

أعتقد أن حتى من يقول إن بدر بن عبد المحسن حصل على أكثر مما يستحق لا يظلمني، لكنني في النهاية إنسان ومن الشجاعة أن أعترف بأن الإنسان لا يكتفي، ولذلك أشعر أن بدر يستحق أكثر بكثير مما حصل عليه، إنما الحقيقة التي ستبقى ستكون للتاريخ الذي سيحكم لي أو عليّ.

 رفض الإرهاب هو موقف مبدئي، وفعل الإرهاب انحياز ضد الإنسان والوطن، ومنحه مبررا دينيا هو أشد إساءة يمكن أن توجه إلى الإسلام

من جهة أخرى أرى أن حول كل شاعر دوائر، أصغرها دائرة أصدقائه، ثم دائرة أوسع تضم المهتمين بالشعر، وهكذا، حتى تبلغ الدائرة الكبيرة التي هي دائرة الجمهور العام، ومن يبلغ الدائرة الكبيرة هو الشاعر الحقيقي، والمشكلة أنني أحيانا أقيس على دوائر أصغر، وفي حالات كثيرة تتخلى الدوائر الأصغر عن الموضوعية لمصلحة أشياء أخرى، ولكن المشكلة الأكبر أن الدائرة الكبيرة بعيدة عني وهذا يجعل قياسي غالبا غير دقيق. 

• لا أخفيك، كان من المفترض أن أنهي الحوار هنا، غير أنني أود أن أسأل عن ما ألمسه في حديثك من شجن، ببساطة لماذا تبدو لي مكتئبا؟

بعض الشعراء يحصلون على دلال كبير، وعندما يفقدونه يصيبهم الاكتئاب (يضحك)، أشعر يا سعد أنني لست لاعبا في سيرك يتحرك على حبل، وكلما تخطى مرحلة جاء من يمد له الحبل أكثر، وأنا بطبيعتي أكره أن يُفرض علي شيء، فأنا شاعر بدأ في مرحلة كان المبدع فيها يقود الجمهور، أما الآن فالجمهور هو من يقود، والمبدع يجب أن ينقاد، وأنا فوق كل ذلك شاعر أمضى تجربته كلها دون أن يرسل نصا واحدا إلى أي صحيفة، ولم يطلب من أي فنان أن يغني له، أستثني من هذا المرثيات والقصائد الوطنية، بعد كل هذا لماذا يتوقع البعض أن أبحث عن الحضور؟

• من أجل جمهورك العريض الذي يحرص على استمرار تجربتك الإبداعية الرائدة، ألا شعر بحق عليك لهؤلاء الذين يحبونك ويساندون تجربتك؟

أشعر بذلك، لكن المشكلة أن كثيرا من الناس لا يرون في عمل الشاعر سوى الموهبة والإلهام، والحقيقة أن مسألة الإلهام هذه مجرد لحظة قد تعطيك فكرة، أو صورة، لكن إنجاز نص شعري يحتاج إلى وقت وجهد ذهني كاف، وأنا أقضي عادة ساعات طويلة ومتصلة من الجهد الذهني لإنجاز النص، والآن أشعر أني لم أعد أتحمل هذا العمل الشاق، ولذلك صارت القصيدة تأخذ مني فترة كبيرة حتى تنتهي، وأصبح عملي فيها يتم على فترات متباعدة.

font change

مقالات ذات صلة