وبسبب نجاحاتها أدرجت ضمن قائمة أنجح رؤساء الاحتياطي الفيديرالي، مما دفع نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة السابقة للرئاسة كمالا هاريس، الى وصف يلين بأنها "أول امرأة في التاريخ الأميركي تترأس أرفع ثلاثة مناصب اقتصادية في الحكومة الفيديرالية: مجلس البيت الأبيض للمستشارين الاقتصاديين والاحتياطي الفيديرالي، وحاليا وزارة الخزانة".
كريستين لاغارد سيدة "المركزي الأوروبي"
تصرف المجلس الأوروبي لسنوات وكأنه لا يوجد امرأة واحدة مؤهلة بين 341 مليون شخص يعيشون في منطقة اليورو لقيادة المصرف المركزي الأوروبي. لكن في السنوات الأخيرة، تخلى المجلس عن هذه العقيدة فعينت كريستين لاغارد لتكون أول امرأة لقيادة هذا المصرف في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وكان سبق للاغارد أن ترأست مكتب المحاماة الشهير "Baker & McKenzie" وصنفتها لذلك "وول ستريت جورنال" أوروبا عام 2002، كخامسة سيدة أعمال في أوروبا. عام 2005، عينت وزيرة للتجارة الخارجية في فرنسا ثم الزراعة والصيد ثم الاقتصاد والمال والعمل، فاعتبرتها "فايننشال تايمز" عام 2009 أهم وزيرة مالية أوروبية، أما مجلة "تايم" فاختارتها من بين 100 شخصية مؤثرة في العالم.
تعيين لاغارد على رأس المصرف المركزي الأوروبي كان موضع إشادة العديد من المراقبين، وحجتهم أن السنوات الثماني التي أمضتها كمديرة لصندوق النقد الدولي، تجعلها مؤهلة بشكل فريد للتوصل إلى اتفاق داخل مجلس محافظي المصرف في خصوص القضايا الخلافية التي لا بد أن تواجهها، في مقدمها مراجعة إطار السياسة النقدية.
كذلك، قوبل اختيار لاغارد بانتقادات، منها أن ليس لديها أي خبرة في مجال المصارف المركزية، وأنه كان ينبغي أن تذهب الوظيفة إلى ألماني لإصلاح العلاقة التي توترت بين المصرف المركزي الأوروبي والجمهور الألماني نتيجة سياسة التيسير التي اعتمدها الأول خلال أزمة اليورو. وكان من المهم ان يستعيد المصرف الدعم الشعبي للبلد الذي يمثل نحو ربع سكان منطقة اليورو.
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد
وكان هناك نبش للماضي بانتقاد دورها عام 2008 في الـ"كريدي ليونيه" الذي أفضى الى صدور قرار قضائي بمسؤوليتها القانونية عن الاهمال، دون تدوين الأمر في سجلها القضائي، وأيضا دورها في منح الارجنتين أكبر قرض في تاريخ صندوق النقد الدولي، بلغ 57 مليار دولار لحماية الرئيس ماوريسيو ماكري المدعوم آنذاك من ترمب من مد منافسه الشعبوي خافيير مايلي.
وأبرز النجاحات التي تسجل للاغارد، حسن إدارتها الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" من خلال إنشاء برنامج الشراء الطارئ للوباء الذي سمح للمصرف المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة على الديون العامة، وجعل العجز المرتبط بالوباء مستداما من دون إمكان محو الدين العام تقيدا بالمعاهدة الأوروبية التي تحظر بشكل صارم التمويل النقدي للدول.
وعملت على إجراء مراجعة استراتيجية للمصرف، هي الأولى منذ عام 2003، أعادت فيها تحديد هدف التضخم في منطقة اليورو بمعدل 2 في المئة، وهو أقل من معدل التضخم الأساسي بأكثر من نقطة، كما أشركت المصرف في قضايا تغيير المناخ، ونجم عن ذلك تصنيف "بوليتيكو" لها عام 2021 ضمن أقوى 28 شخصية أوروبية في أوروبا وفي المركز الثالث من فئة "الفاعلين".
كارنيت فلوج الاسرائيلية خليفة ستانلي فيشر
منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط من أكثر المناطق التي شهدت تبوؤ النساء قيادة مصارفها المركزية، وارتفع عددهن إلى أربعة مع تعيين ميساء صابرين حاكمة لبنك سوريا المركزي.
أولى هذه النساء، الاسرائيلية ذات الأصول البولونية كارنيت فلوج، وقد اختيرت لترؤس المصرف المركزي الاسرائيلي عام 2013 خليفة لستانلي فيشر، بعد استقالته، باعتبارها كانت تعمل نائبة له ولغياب منافس ذكر وبالطبع لكفاءتها العلمية والمهنية، إذ تحوز شهادة ماجستير في الاقتصاد من جامعة كولومبيا وعملت في صندوق النقد الدولي مع فيشر مدة من الوقت.
كارنيت فلوج، حاكمة بنك إسرائيل المركزي
الثانية، كريستالا جورجادجي، التي عينت عام 2014 على رأس المصرف المركزي القبرصي، واستمرت في منصبها لغاية عام 2019، فكانت المرأة الوحيدة التي تتولى قيادة مصرف مركزي في دول الاتحاد الأوروبي.
حفيظة غاي أركان لفترة انتقالية تركية حساسة
الثالثة، هي حفيظة غاي أركان، التي اختارها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتكون أول امرأة تتولى ادارة البنك المركزي التركي، نظرا الى مؤهلاتها العلمية اذ تحمل درجة الدكتوراه في إدارة الأخطار من جامعة برينستون، وتابعت برامج مكثفة في القيادة لدى هارفرد وستانفورد، وأيضا لخبرتها المهنية المميزة كمسؤولة رفيعة المستوى في بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" وأيضا في مؤسسات وشركات أميركية أخرى.
كانت ولايتها قصيرة، إذ دامت من يونيو/حزيران 2023 إلى فبراير/شباط 2024، ومع ذلك نجحت في التصدي لمعضلتي التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية، فعمدت إلى رفع الفائدة تدريجيا من 8,5 في المئة إلى 45 في المئة، مما ساعد في تحسين الصدقية المالية لتركيا وثقة المستثمرين، وأفضى إلى استقرار الليرة والأسعار والسيطرة بشكل أكبر على تكاليف المعيشة المرتفعة.
حفيظة غاي أركان، أول امرأة تتولى ادارة البنك المركزي التركي
لكن بعد أقل من تسعة أشهر، قررت الاستقالة "لحماية أسرتها وطفلها من الإشاعات" على حد قولها، وكانت تعرضت لانتقادات شديدة اتهمتها بأنها منحت ميزات لعائلتها، خصوصا لوالدها، داخل المصرف المركزي التركي، وبخروجها عن خطها كبيروقراطية والتوجه نحو السياسة، مما أدى إلى تراجع الثقة بها داخل "حزب العدالة والتنمية" الحاكم. كما كانت هناك توترات متزايدة بينها وبين موظفي اللجنة النقدية هددت بتآكل صدقية المصرف.