ما بين لقبي "رُمان" و"سمكة" عاش شاعر العامية المصري عبد الرحمن الأبنودي (1938-2015) وتوفى في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات عن عمر يناهز 77 عاما.
قبل وفاته بثلاثة أشهر تقريبا كان يبتسم وهو يقول: "هلكني التدخين بشراهة، أنا الآن دون رئة، أتنفس كالسمك من الخياشيم، لكني لن أضيّع الأبنودي، المرض له علاجه، وأنا في حالي أقرأ وأكتب وأضحك وألعب".
لص الرمان
قفز الطفل عبد الرحمن الأبنودي إلى حديقة منزل علي غزالي الملاصق لجدار منزل العائلة الخلفي، طمعا في رمانة أو رمانتين، لكن بعدما جنى كومة من الرمان وخبأها في جلبابه، باغته ابن الجار، ولم يستطع الهرب فصاح مناديا أمه التي ظنت في البداية أنه سقط في البئر.
ظنت فاطمة قنديل أن ابنها عبد الرحمن سقط إلى الحديقة بالخطأ بينما كان على سور المنزل، لكن "منسي" والرمان فضحاه. أعاد ما سرقه وعاد إلى البيت بخجل، لكن غزالي أحضر الرمان إلى بيت الأبنودي وقبل انصرافه سأل فاطمة: "ما اسم ابنك؟"، فردت: "رمان"، على ما روى الأبنودي في إحدى حلقات البرنامج التلفزيوني "أيامي الحلوة"، وذلك بعد أن رواها ضمن سلسلة نشرت في جرية الأهرام"، ثم جمعت في كتاب من ثلاثة أجزاء، و"من يومها أصبح تدليلي رمان".
نشأ عبد الرحمن في رعاية أب وأم متناقضين، الأول صارم يتجنب الضحك أمام أولاده، ويرفض لعبهم كرة القدم بالشارع، حتى ظنوا أنه يرفض وجودهم في الحياة، وإذا اجتاز أحدهم العام الدراسي، يقول: "كنت تريد السقوط؟"، ورغم ذلك الجفاء، كان يقهقه مع رفاقه ويلقي النكات.
عمل الأب خطيبا في مسجد سجن محافظة قنا العمومي إيمانا منه بأن السجناء هم الأجدى بالهداية والنصح، كما كتب الشعر وصدرت له دواوين منها "منحة المنان في مدح سيد الأكوان"، وألفية في الشعر، كان يؤلف على غرار الشعر القديم.