منذ انزلاق السودان إلى هاوية الحرب الأهلية في أبريل/نيسان 2023، لم تحمل الأخبار الواردة منه إلى مصر سوى مزيدٍ من القلق. وجاءت سيطرة "قوات الدعم السريع" على مدينة الفاشر لتضيف حلقة جديدة في سلسلة التطورات المقلقة.
لقد خضعت المدينة التي يزيد عدد سكانها على مليون نسمة، بينهم أعداد كبيرة من النازحين داخليا، لحصار دام قرابة 18 شهرا قبل سقوطها في 26 أكتوبر/تشرين الأول. وتقع الفاشر، وهي عاصمة ولاية شمال دارفور، في شمال غرب السودان. وستمكّن سيطرة قوات الدعم السريع عليها من إحكام قبضتها على كامل إقليم دارفور الغني بالموارد، والذي تعادل مساحته مساحة فرنسا.
وبذلك فقدت القوات المسلحة السودانية آخر معاقلها في دارفور، إذ أعلنت انسحابها رسميا من المدينة في 27 أكتوبر، مبررة قرارها بالحاجة إلى حماية المدنيين من "التدمير المنهجي" الذي يتعرضون له.
وقد شهدت فترة الحصار الطويلة أسوأ صور المجاعة والنزوح وسقوط الضحايا المدنيين، ويُخشى أن يؤدي سقوط المدينة إلى تفاقم هذه المأساة. وبالفعل، شرعت "قوات الدعم السريع" في ارتكاب انتهاكات جسيمة، من بينها القتل والتطهير العرقي بحق المجموعات غير العربية، فضلا عن منع عمليات الإجلاء الآمن لعشرات الآلاف من المحاصرين داخل المدينة، في مشاهد مؤلمة وثقتها بعض عناصر الميليشيا ونقلتها وسائل إعلام دولية.
وتعتبِر مصر إقامة كيان شبه مستقل لـ"قوات الدعم السريع" في هذه المنطقة من السودان تطورا مقلقا للغاية، خاصة لقربها من الحدود المصرية التي لا تبعد أكثر من 350 كيلومترا عن دارفور.
وسارعت القاهرة، في 28 أكتوبر، إلى إعلان رفضها لتقسيم السودان، ودعت إلى وقف إنساني لإطلاق النار في الدولة المجاورة جنوبا.

