جنازة البابا فرانسيس… "الكرسي الرسولي" الشاغر

مرحلة انتقالية

أ.ب
أ.ب
خلال نقل نعش البابا فرانسيس إلى ساحة القديس بطرس لبدأ مراسم الجنازة في الفاتيكان، 26 أبريل

جنازة البابا فرانسيس… "الكرسي الرسولي" الشاغر

جنازة مهيبة للبابا فرانسيس في ساحة القديس بطرس بروما، حيث توافد المشيعون على المدينة للمرورو أمام نعشه المفتوح، لإلقاء نظرة الوداع.

ولعل ما يشغل بال كهنة الكنيسة الكاثوليكية الآن هو المرشح المحتمل الذي سيكون خلفا له ويتبوأ المنصب الأقوى في العالم المسيحي.

تجلت إحدى أبرز سمات بابوية البابا فرانسيس في ميله إلى زيادة التمثيل الكنسي في الفاتيكان من أجزاء من العالم، مثل أفريقيا وآسيا، لم تحظ في السابق بالتمثيل الكافي في الكرسي الرسولي، في وقت كان فيه رجال الدين الذين ينحدرون من الدول الغربية، وخاصة أوروبا، يشكلون التيار المهيمن.

وبالنتيجة، ثمة تكهنات عديدة بأن الأمر سينتهي باختيار البابا الجديد والزعيم القادم لـ1.2 مليار كاثوليكي من جزء من العالم لم يقدم في السابق مرشحا لمنصب البابوية قط.

والواقع أن تعيين البابا فرانسيس في عام 2013، عندما برز كخيار مفاجئ ليحل محل البابا بنديكتوس السادس عشر بعد قراره المثير للجدل بالتنحي، شكل سابقة جرى بموجبها تعيين الحبر الأعظم من بلد لا يرتبط عادة بأعلى منصب في الكنيسة الكاثوليكية.

وقبل اثني عشر عاما، كان انتخاب خورخي ماريو بيرغوليو من الأرجنتين لمنصب البابا فرانسيس مفاجأة لم يتوقعها سوى عدد قليل من المراقبين في الفاتيكان.

قبل اثني عشر عاما، كان انتخاب خورخي ماريو بيرغوليو من الأرجنتين لمنصب البابا فرانسيس مفاجأة لم يتوقعها سوى عدد قليل من المراقبين في الفاتيكان

وأدى انتخابه المفاجئ في عام 2013 إلى زيادة التكهنات بأن خليفته سوف يكون إما من آسيا أو من أفريقيا، حيث تقدم هاتان القارتان بعض المتنافسين الرئيسين على هذا المنصب.

ومن المتوقع أن تتكشف هوية البابا القادم خلال الأسابيع القليلة المقبلة بعد أن يجتمع الكرادلة من مختلف أنحاء العالم في كنيسة سيستين بالفاتيكان للمشاركة في الانتخابات البابوية المعروفة باسم المجمع السري أو المغلق، وهي العملية التي اشتهرت بفضل الفيلم الذي نال استحسان النقاد مؤخرا والمقتبس عن كتاب "المجمع المغلق" للمؤلف روبرت هاريس.

أ.ف.ب
فتاة شابة تحمل صورة للبابا فرانسيس الراحل وهي تنتظر مراسم جنازته في وسط روما، ٢٦ أبريل

ومع بدء عملية الانتخابات عند الانتهاء من مراسم دفن البابا فرانسيس، ثمة تكهنات في الدوائر البابوية بأنها قد تؤدي إلى تعيين أول بابا آسيوي للكنيسة، حيث برز الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي (67 عاما)، من الفلبين، كأحد المرشحين الأوائل.

عُرف في وطنه بـ"فرانسيس الآسيوي" بسبب آرائه التقدمية، وعرف بتواضعه أيضا، حيث اختار أن يعيش حياة بسيطة في المعهد اللاهوتي الذي أمضى فيه قرابة عشرين عاما. وعلى الرغم من تعيينه أسقفا في النهاية، فقد رفض استخدام أي سيارة رسمية أثناء تنقله، مفضلا وسائل النقل العامة.

يُنظر إلى تاغلي على نطاق واسع على أنه المرشح المفضل لدى البابا الراحل ليأخذ مكانه، وقد عيّن لقيادة الرسالة الإنجيلية الجديدة للكنيسة، التي كانت جزءا لا يتجزأ من نهج البابا فرانسيس في قيادة الكنيسة الكاثوليكية. ونظرا لصغر سنه مقارنة ببقية المتنافسين على منصب البابوية، سيكون لتاغلي الحظ الأوفر في قائمة الكرادلة المتداولة أسماؤهم للبابويةداخل الفاتيكان (بابابيلي)

ثمة تكهنات في الدوائر البابوية بأنها قد تؤدي إلى تعيين أول بابا آسيوي للكنيسة، حيث برز الكاردينال لويس أنطونيو تاغلي (67 عاما)، من الفلبين، كأحد المرشحين الأوائل

ومن المؤكد أن النطاق المتنوع للمرشحين المحتملين، مع كون المتنافسين الأكثر حظوظا من آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، يشهد على النطاق العالمي الواسع الذي تحظى به الكنيسة الكاثوليكية، ولكنه يعكس، من جهة ثانية، الانقسامات العميقة التي نشأت داخل الكنيسة خلال فترة بابوية البابا فرانسيس، حيث رسمت خطوط معركة بين التقدميين الذين دعموا النهج الليبرالي الذي تبناه البابا الراحل بشأن القضايا العقائدية الصعبة مثل الطلاق وحقوق المثليين ومحنة اللاجئين، والجناح الأكثر تحفظا في الكنيسة، الذي عارض أجندته الإصلاحية.

أ.ف.ب
الكاردينال الفلبيني لويس أنطونيو غوكيم في كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري في روما، إيطاليا في 24 أبريل

ولهذا السبب، سوف تكون مداولات المجمع المغلق في الصميم عبارة عن جدال يركز على الاتجاه المستقبلي للكنيسة الكاثوليكية بقدر تركيزه على المرشح المختار لقيادتها.

ومن بين المرشحين المحتملين أيضا الكاردينال بيتر توركسون من غانا، الذي سيصبح، إذا قُيض له الفوز، أول بابا أسود للكنيسة، وقد شغل منصب مستشار رئيس للبابا فرانسيس في عدة قضايا مثل تغير المناخ والعدالة الاجتماعية. ويعزى صعوده إلى مكانة مرموقة في الكنيسة إلى تعيينه من قبل البابا يوحنا بولس الثاني كأول كاردينال في تاريخ هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

ينظر الكثيرون إلى توركسون البالغ من العمر 76 عاما على أنه المرشح الأوفر حظا الذي قد يكمل مسيرة البابا فرانسيس فيما يخص اهتمامه العميق بقضايا مثل تغير المناخ، بعد أن مثل الفاتيكان سابقا في تجمعات دولية بارزة مثل منتدى دافوس الاقتصادي.

ومن ناحية أخرى، إذا انتصر التيار الأكثر محافظة داخل الكنيسة في انتخابات المجمع المقبل، يرى كثيرون أن بيتر إردو، الكاردينال المجَري البالغ من العمر 72 عاما ورئيس أساقفة إسترغوم- بودابست، سيكون المرشح الأبرز لتولي منصب البابا القادم.

رويترز
الكاردينال بيتر توركسون في كاتدرائية القديس بطرس، في الفاتيكان، 23 أبريل

وإردو المعروف على نطاق واسع كخبير في قانون الكنيسة، يتوجه بخطابه إلى أولئك الكاثوليكيين الذين قضت مضاجعهم الأجندة الليبرالية التي انتهجها البابا فرانسيس، ويفضلون أن تعود الكنيسة إلى جذورها وقيمها التقليدية.

وبغض النظر عما ستؤول إليه مداولات الفاتيكان المقبلة، وفي وقت يتزايد فيه التوتر العالمي، فمما لا شك فيه أن الحبر الأعظم المقبل سوف يحتاج إلى المهارات القيادية الممتزجة مع الرحمة والتي تفرضها الحاجة الماسة لإحلال السلام في عالم مضطرب.

font change