فصول متوالية من "الجحيم" تصطلي بها صنعاء، العاصمة اليمنية، جراء القصف الأميركي المكثف والمستمر على هذه المدينة التي كانت طوال قرون جميلة ورمزا للعراقة والتمدن.
الكل حزين، عربيا وعالميا، على صنعاء، جراء الدمار الذي يلحق بها كل يوم بسبب صراع غير متكافئ بين "ميليشيات عقائدية موالية لإيران" كما توصف، سياسيا وإعلاميا في واشنطن، وجبروت أميركي غاشم لا يقيم وزنا ولا اعتبارا، في عهد رئيس كدونالد ترمب لا يبالي لأي معيار في قوانين الحرب، سوى الوصول إلى هدفه بأي ثمن.
نالت صنعاء في الأيام، بل الأسابيع الماضية، النصيب الأكبر من "حمم" الغارات الجوية المكثفة التي تشنها القوات الأميركية ضد (جماعة الحوثيين) وذلك منذ ما يزيد على شهر، وطالت أماكن لم يكن في الحسبان استهدافها كبعض الأسواق والمقابر التي نفى الجيش الأميركي استهدافها، وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية إن الأضرار والخسائر التي تحدث عنها مسؤولون حوثيون في اليمن "وقعت على الأرجح"، لكنها لم تكن ناجمة عن هجوم أميركي، بينما لم يعلق الحوثيون على اتهامات لهم بسقوط صواريخ تابعة لهم خلال محاولاتهم اعتراض مسيرات أميركية كانت تحلق فوق أجواء صنعاء.
يقول الأميركيون إن هجماتهم تستهدف، في الأساس، قواعد ومعسكرات ومخازن أسلحة وذخائر يسيطر عليها الحوثيون في مختلف المواقع والجبال المطلة أو المحيطة بصنعاء، ما أدى إلى انفجارات ضخمة ومروعة هزت أرجاء صنعاء وأفزعت سكانها. وقد ضاعف من قوتها تفجر مخزونات تلك المواقع من الأسلحة والذخائر، وذلك عقب كل ضربة صاروخية لمستودعاتها تقريبا، كما أوضحت ذلك الصور ومقاطع الفيديو المرعبة الواردة من صنعاء.
كوابيس الذاكرة
أعادت هذه الانفجارات التذكير بأخرى أقل قوة منها طالت، خلال حرب السنوات العشر الماضية، ترسانات السلاح ومستودعات الذخائر نفسها التابعة للجيش اليمني، التي استولى عليها الحوثيون، ونهبوا بعضا منها إلى معاقلهم في صعدة، عقب انهيار نظام حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح واجتياحهم بعد ذلك للمدينة في 21 سبتمبر/أيلول عام 2014 و"انقلابهم" على سلطات الدولة، ما أدى بعد ذلك إلى اندلاع حرب أهلية أوسع نطاقا، عقب تدخل تحالف عسكري عربي في محاولة لدعم الحكومة الشرعية اليمنية لاستعادة صنعاء، العاصمة "المختطفة" بيد جماعة الحوثيين.
ازدواجية المعايير
ألقى الجيش الأميركي، خلال أسابيع فقط، في هجماته على مواقع الحوثيين في صنعاء وغيرها ما يبدو أنها صواريخ وقنابل أكثر قوة وتطورا وتدميرا وأشد فتكا، وربما تجريبية، أضعاف ما استخدمه التحالف العربي في قصفه الحوثيين طوال سبع سنوات!