الحوار بين إدارة ترمب وحكومة الشرع هو الحل الأمثل

الاندماج في المجتمع الدولي على قائمة الأولويات

أ.ف.ب
أ.ف.ب
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يحضر مراسم رفع العلم السوري الجديد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 25 أبريل

الحوار بين إدارة ترمب وحكومة الشرع هو الحل الأمثل

سلم مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الخارجية الأميركية وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لائحة بالمطالب الأميركية خلال مؤتمر بروكسل في مارس/آذار الماضي، ضمت هذه المطالب ثمانية مطالب رئيسة على الإدارة السورية الجديدة أن تحققها حتى تقوم بالاعتراف بها وحتى تقوم بتخفيف العقوبات وخاصة المالية منها.

من المهم على إدارة ترمب أن تقوم بانخراط سياسي أوسع حول القضايا التي تثير قلقها من الإدارة السورية الجديدة حتى تستطيع سوريا تجاوز صعوبات المرحلة الانتقالية التي تمر بها وحتى تضمن الاستقرار طويل المدى لسوريا على المدى الطويل.

ووضعت الحكومة السورية الجديدة رفع العقوبات من ضمن أولوياتها منذ اليوم الأول لوصولها إلى الحكم بعد أكثر من ستة عقود من حكم نظام الأسد الدكتاتوري الذي كلف الشعب السوري الكثير من الأرواح والمعاناة وكلفه اقتصاديا وماليا مما يجعل من الصعوبة على الحكومة السورية أن تحقق طموحات الشعب السوري أولا والمجتمع الدولي ثانيا في ظل استمرار العقوبات المفروضة عليها والتي تكبل قدرتها على تحقيق ما يصبو إليه الشعب السوري ويتطلع إليه المجتمع الدولي. كما وضعت الإدارة السورية الجديدة في مقدمة أولوياتها في السياسة الخارجية الانخراط مع المجتمع الدولي بهدف إعادة ترميم العلاقات السورية مع محيطها الإقليمي والدولي.

على الرغم من الصعوبات المالية الخانقة التي تمر بها الحكومة السورية فإنها مصرة على زيادة الإنفاق المالي والاستثمار في القدرات البشرية بهدف ضمان أمن مواطنيها والمواطنين الأجانب الذي يزورونها

كما سعت الحكومة السورية إلى تحقيق الاستقرار وضمان الأمن كأولوية استرتيجية لها، وهو ما يشعر به المواطنون السوريون والأجانب الذي يزورون المدن السورية المختلفة كل يوم، وعلى الرغم من الصعوبات المالية الخانقة التي تمر بها الحكومة السورية فإنها مصرة على زيادة الإنفاق المالي والاستثمار في القدرات البشرية بهدف ضمان أمن مواطنيها والمواطنين الأجانب الذي يزورونها، وعلى رأسهم مواطنو الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعتز الحكومة السورية بوجود كبير للمواطنين السوريين من حملة الجنسية الأميركية والذين يشكلون جسر عبور وتواصل بين الحكومتين، وعليه وضعت الحكومة السورية على رأس أولوياتها البحث عن مصير الأميركيين المفقودين.

ومنذ اليوم الأول لوصول الحكومة السورية الجديدة للحكم في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي أوضحت وبشكل علني أهمية تخلص سوريا من مخزونها من السلاح الكيماوي الذي استخدمه نظام الأسد ضد الشعب في أكثر من 38 مرة وفقا لتقارير منظمة حظر السلاح الكيماوي كان أفظعها في 21 أغسطس/آب من عام 2012 في الغوطة الشرقية حيث راح ضحية هذا الهجوم أكثر من 1400 شخص من المدنيين الأبرياء، ولذلك تعهد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في شهر مارس الماضي وخلال اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، بأن "برنامج الأسلحة الكيماوية الذي تم تطويره في عهد الأسد ليس برنامجنا، لكن التزامنا اليوم هو تفكيكه بالكامل ووضع حد لهذا الإرث المؤلم".وأضاف أن سوريا ستحتاج إلى دعم دولي لضمان التنفيذ الفعّال لهذه العملية، داعيا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى تقديم المساعدة الفنية واللوجستية المطلوبة لتدمير جميع الأسلحة الكيماوية المتبقية في البلاد، ولذلك ستتعاون الحكومة السورية مع الولايات المتحدة في هذا الإطار ويجب على الحكومة الأميركية أن تتعاون وتساعد الحكومة السورية في هذا الإطار.

أ ف ب
الحكومة السورية الجديدة يتوسطها الرئيس أحمد الشرع في القصر الرئاسي يوم السبت 29 مارس 2025

كما أن التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب هو التزام كامل وثابت، فليس هناك شعب دفع ثمنا لعبث الإرهاب في وطنه كما دفع الشعب السوري، سواء ذلك الإرهاب الذي مارسه نظام الأسد بشكل منهجي على الشعب السوري على مدى 14 عاما أو المنظمات الإرهابية الأخرى من مثل "داعش" التي نشأت على الأرض السورية بسبب فشل المجتمع السوري في إنهاء المعاناة الطويلة التي عاشها الشعب السوري، ولذلك تلتزم الحكومة السورية بالتعاون الكامل مع الحكومة الأميركية في التبادل الاستخباراتي بما يهدف لمكافحة "داعش" وتعلن رغبتها في الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة "داعش".

برنامج الأسلحة الكيماوية الذي تم تطويره في عهد الأسد ليس برنامجنا، لكن التزامنا اليوم هو تفكيكه بالكامل ووضع حد لهذا الإرث المؤلم

وقامت الحكومة السورية وبهدف بسط سيادتها فوق كل الأراضي السورية كما تقتضي مواثيق الأمم المتحدة، قامت بطرد إيران كليا من أراضيها وإغلاق كل وكالاتها وممثلياتها بشكل كامل، وتقوم بتعقب العملاء الإيرانيين على الأرض السورية ورفع دعاوى قضائية في المستقبل ضد الميليشيات الإيرانية والمتعاونين معهم. وترحب بإعلان الحكومة الأميركية باحترام سيادة الحكومة فوق كل أراضيها، فإنها وحفظا لدماء الشعب السوري ورغبة في مشاركة كل المكونات السوري في العملية السياسية قامت بتوقيع اتفاق إطاري مع "قوات سوريا الديمقراطية" في نهاية الشهر الماضي. وقد أبدت الحكومة السورية خلال المفاوضات التي قادت إلى توقيع الاتفاق رغبتها في نقل سجناء "داعش" المحتجزين لدى قوات "قسد" إلى السجون الخاصة التي تخضع لإشراف الحكومة السورية واحتجازهم وفق المعايير الدولية للقانون الدولي وبنفس الوقت تحث الحكومة السورية كل الحكومات الأجنبية التي ما زال لديها مقاتلون محتجزون في هذه السجون بأن يقوموا باستلامهم وفقا للأصول الدولية المرعية وبما يخفف الأعباء المادية والفنية على الحكومة السورية في احتجاز هذا العدد الكبير من المقاتلين السابقين لمقاتلي "داعش".

إنهاء الوجود الإيراني

لقد دفع الشعب السوري ثمنا غاليا نتيجة الوجود الإيراني على الأرض السورية بدعم كبير من نظام الأسد السابق، والذي سمح للميليشيات الإيرانية التابعة له من مثل "حزب الله" بقتل المواطنين السوريين على الأرض السورية، وتمكنت الحكومة السورية وبدعم شعبي كبير من طرد كل القوات والمستشارين والبعثات الدبلوماسية الإيرانية وتلك التابعة لها من مثل "حزب الله" وميليشيا "فاطميون" و"زينبيون" وغيرها من كل الأراضي السورية.

وتتعهد الحكومة السورية بمجرد صدور قانون جديد لمكافحة نشاط المنظمات الإرهابية من قبل مجلس الشعب السوري القادم بوضع هذه الميليشيات على لائحة المنظمات الإرهابية التي يحظر نشاطها على الأرض السورية، وترغب الحكومة السورية أن تعلم الحكومة الأميركية أنها تدعم بقوة الدعاوى القانونية التي رفعت في سوريا وخارجها ضد الأشخاص الناشطين ضمن الحرس الثوي الإيراني أو "حزب الله".

تتعهد الحكومة السورية بمجرد صدور قانون جديد لمكافحة نشاط المنظمات الإرهابية من قبل مجلس الشعب السوري القادم بوضع هذه الميليشيات على لائحة المنظمات الإرهابية التي يحظر نشاطها على الأرض السورية

سادسا، بالنسبة للمقاتلين الأجانب في صفوف الجيش العربي السوري الجديد، أخذت الحكومة السورية ملاحظات الجانب الأميركي بعناية شديدة في هذا الإطار، وتتطلع إلى معالجة هذا الملف بهدوء وحذر بما يضمن استقرار سوريا وأمنها وتحقيق رفاهية شعبها. كما أعلنت الحكومة السورية أنها قامت بتجميد نشرة الترفيعات العسكرية وستقوم بمراجعة النشرات السابقة بما يأخذ بعين الاعتبار تحفظات الدول المعنية،  كما تصر الحكومة السورية على حقها الكامل في بسط سيادتها فوق أراضيها برا وبحرا وجوا وهو حق كفلته لها المواثيق الدولية، وتتطلع الحكومة السورية إلى احترام حكومة الولايات المتحدة لهذا الحق كما عبرت في بياناتها الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية.  

أعتقد أن الرد السوري على رسالة المطالب الأميركية كان إيجابيا ووافيا ويجب أن يقود إلى حوار موسع بين الحكومتين بحيث يقود إلى بناء العلاقات السورية-الأميركية على أفق جديد لما فيه مصالح البلدين.

font change