من المرجح أن يشكّل انتخاب روبرت بريفوست رئيسا جديدا للكنيسة الكاثوليكية، والذي اختار لنفسه اسم البابا ليو الرابع عشر، بداية عهد جديد يسعى فيه إلى تحقيق توازن دقيق بين تلبية تطلعات الكهنة المحافظين والليبراليين على حد سواء.
ففي عهد سلفه البابا فرانسيس، اكتسبت الكنيسة سمعة لتبنّيها قضايا يسارية وتعاطفها مع ما يُعرف بالقضايا "اليقظوية"، مثل دور النساء في الكنيسة والتعامل مع تحديات تغيّر المناخ.
وبما أن البابا ليو عمل عن كثب مع البابا فرانسيس، الذي أدت وفاته يوم اثنين الفصح إلى انطلاق العملية التقليدية التي ينتخب من خلالها الكرادلة الكاثوليك البابا الجديد، فإن التوقعات العامة تشير إلى أنه سيواصل بعض الإصلاحات التي بدأها سلفه، ولا سيما التزامه الدائم بالدفاع عن الفقراء والمهمشين.
وفي الوقت نفسه، يُتوقع أن يُبدي مزيدا من التعاطف مع هواجس التيارات المحافظة داخل الكنيسة، التي تزداد قلقا إزاء التفسيرات الليبرالية للمعتقدات الدينية في إطار سعي الكنيسة لتقديم نفسها بصورة أكثر حداثة.
وقد بدا واضحا، منذ اللحظة التي اعتلى فيها البابا الجديد شرفة كاتدرائية القديس بطرس في روما ليخاطب الجماهير المبتهجة التي احتشدت لتحيّته، أنه يسعى إلى استيعاب جميع الأطياف داخل الكنيسة.
فما إن أعلن رئيس مجمع الكرادلة، المجتمعين سرا لاختيار البابا الجديد، نجاحهم مستخدما العبارة التقليدية "هابيموس بابام"– لدينا بابا جديد– حتى ظهر ليو مرتديا اللباس البابوي التقليدي.
وكان هذا المشهد متناقضا بوضوح مع الظهور الأول للبابا فرانسيس في عام 2013، حين ارتدى ملابس بيضاء بسيطة، في دلالة على استهجانه للمظاهر الفخمة التي كثيرا ما ارتبطت بالكنيسة الكاثوليكية.
من هنا، فإن قرار البابا ليو بالعودة إلى اللباس البابوي التقليدي شكّل إشارة واضحة إلى أنه، رغم استعداده للإبقاء على بعض الإصلاحات الليبرالية لسلفه، فإنه ملتزم بالحفاظ على بعض التقاليد الراسخة في الكنيسة.