لا شك، أنه خلال الأعوام الأخيرة قد انتصب بإلحاح، داخل كواليس الفاتيكان، السؤال المتعلق بخلافة البابا فرانسيس، خاصة بعد معاناته من المرض، ثم إثر تلويحه بفرضية استقالته، وقد صرح قبل عامين، بأنه "إذا لم تعد لدي القوة للحكم فسوف أستقيل".
لكن بعد وفاته يوم 21 أبريل/نيسان، انتقل السؤال من الغرف السرية للفاتيكان ليتصدر المشهد وليصبح شأنا عاما، لا يخص فقط المسيحيين، بل يهم العالم بأكمله، لما يمثله رئيس دولة الفاتيكان كقوة أخلاقية كبرى، ولِما يلعبه من أدوار دبلوماسية مؤثرة على الساحة الدولية، وإن وصفت بـ"دبلوماسية الظل"، أو ما يطلق عليه "دبلوماسية الصمت"، على اعتبار أن الفاتيكان أصغر دولة مستقلة في العالم، لا تمتلك جيشا ولا مصالح اقتصادية. ومع ذلك، فإن لديها اهتمامات تتوافق مع وجهات نظرها الخاصة حول ما يجري في العالم، وتمتلك هيكلا دبلوماسيا يراقب الصراعات الدولية، ويتابع القضايا والأفكار التي من شأنها المساهمة في إحداث التغيير وتشكيل مستقبل أفضل للبشرية. لذلك غالبا ما يُدعى البابا ليكون وسيطا للسلام.
وسبق انتخاب البابا الجديد ليون الرابع عشر التداول حول مسألة الخلافة البابوية، بصيغ متعددة ومن زوايا وأبعاد مختلفة. وبالموازاة طرح التساؤل حول الفرص المتاحة لتسمية الحبر الأعظم الجديد من خارج المتوقع والمعتاد. وهو ما تحقق مع تسنم الكاردينال الأميركي روبرت بريفوست سدة البابوية. فمنذ مئات السنين انفرد أحبار أوروبا بالتعاقب على رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، والحالة الفريدة في التاريخ المعاصر كانت من أميركا اللاتينية، وهي المتعلقة بالبابا الأخير، البابا فرانسيس، المتحدر من الأرجنتين قبل أن يجري اختيار البابا الجديد.
وبمجرد الإعلان عن اسم البابا الجديد، روبرت فرانسيس بريفوست، الذي اتخذ له لقب "ليون الرابع عشر"، انهالت برقيات التهاني والتبريكات من مختلف أصقاع الأرض على الفاتيكان. ومن بينها برقية العاهل المغربي محمد السادس، تهنئة مثلت أول اتصال رسمي بين المغرب والبابا الجديد بمناسبة اعتلائه الكرسي البابوي.