في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الأميركي برئاسة الرئيس دونالد ترمب ظهر الأخير مبتسما برضا وهو ينظر إلى وزير خارجيته ماركو روبيو يلخص الدور الجديد الذي ستتولاه وزارة الخارجية عالميا، دفاعا عن المصالح الأميركية. قال روبيو شارحا رؤية ترمب بلباقة ودقة: "لقد ورث هذا الرئيس ثلاثين عاما من السياسة الخارجية التي صُمِمت على أساس القيام بما هو جيد للعالم. باختصار، القرارات التي كنا نتخذها كحكومة في ملفات التجارة والسياسة الخارجية اعتمدت على تحقيق ما هو جيد للعالم، جيد للمجتمع الدولي. الآن في ظل قيادة ترمب، نصمم سياستنا الخارجية على أساس ما هو جيد لأميركا".
وأضاف روبيو وهو ينظر إلى ترمب الجالس إلى يساره "عينتني ووافق مجلس الشيوخ على تعييني كي أكون وزير خارجية الولايات المتحدة، وليس وزير خارجية العالم... ما يعنيه هذا هو أن سياستنا الخارجية تستهدي بالإجابة على الأسئلة التالية: هل تجعل أميركا أقوى؟ هل تجعل أميركا أكثر أمانا؟ هل تجعل أميركا أكثر غنى؟ إذا لم يستجب قرارٌ ما لأحد أو لكل هذه الأهداف، فإننا لن نتخذه".
بغض النظر عن ضعف الدقة في توصيف روبيو للسياسة الخارجية الأميركية في العقود الثلاثة الأخيرة، في ثنايا كلمات الوزير بعض الاسترجاع الدقيق لقيمة أساسية كانت حاضرة بقوة في قصة أميركا كبلد منذ تشكيله في نهاية القرن الثامن عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية: الانعزالية المخلوطة بالارتياب بالعالم الخارجي، خصوصا بأوروبا ذات الأنظمة الملكية المستبدة! انتهت هذه الانعزالية على نحو حاسم بعد الهجوم الياباني المفاجئ ضد أميركا في بيرل هاربر في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1941.
في اليوم التالي، ألقى الرئيس فرانكلين روزفلت خطابا أمام الكونغرس طلب فيه إعلان الحرب ضد "إمبراطورية اليابان"، مؤكدا فيه: "إننا لن ندافع عن أنفسنا بأقصى قدراتنا فقط، بل سنضمن أيضا أن هذا النوع من الغدر لن يتكرر ويعرضنا للخطر مرة أخرى".