تعيش سوريا اختبارا يوميا: اقتصاديا، أمنيا، سياسيا، واجتماعيا. لحظة مفصلية بدأت من الرياض، مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقراره التاريخي برفع العقوبات. أحداث استثنائية أعادت تموضع سوريا إقليميا ودوليا، وأعادت معها ملفات قديمة إلى الواجهة، لكن بلغة جديدة: السلام مقابل الشرعية، أحد أبرز شروط واشنطن.
أجرت "المجلة" حوارا خاصا مع الدبلوماسي الأميركي والسفير السابق فريد هوف، آخر وسيط بين سوريا وإسرائيل، حول الفرصة التي مُنحت لسوريا اليوم، وقرار ترمب "فتح الباب" لعودة دمشق إلى الشرعية الدولية والعوائق أمام السلام.
يتناول الحوار التحديات الكبيرة أمام الإدارة السورية الجديدة، والتي تجعل من السؤال الحقيقي: من سيدخل من هذا الباب؟
يُقيّم السفير هوف، الفرصة التي مُنحت لدمشق باتجاه "سوريا جديدة"، معتبرا أنها تقف اليوم عند مفترق حقيقي، لكنه يحذّر من الإفراط في التفاؤل، لكثرة العوائق أمام الإدارة الجديدة.
ويتوقف عند أبرز المطالب الأميركية، ولا سيما "تطهير البلاد من العناصر الإرهابية، حتى تلك التي ما زالت ترتبط بشكل أو بآخر بـ"هيئة تحرير الشام"، إلى جانب تأسيس نظام يقوم على "المواطنة السورية".
أما بخصوص السلام وثمنه، فيقارن الدبلوماسي الأميركي بين خط الرابع من يونيو/حزيران 1967 وخط السابع من ديسمبر/كانون الأول 2024، في إشارة إلى التحول الجوهري في مفهوم التسوية: من "السلام مقابل الأرض" إلى "السلام مقابل فك ارتباط استراتيجي عن إيران وحزب الله".
ويقول إن هناك حاجة أساسا لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا، ونقطة البداية لتوصل البلدين لاتفاق هدنة خاص، هو الاستعادة الكاملة لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وفي رأيه ما زال السلام يبدو بعيدا. ويقول إنه كان ينبغي أن ترى إسرائيل في انسحاب طهران و"حزب الله" من سوريا فرصة نادرة، لكن ذلك لم يحدث.
كما يتحدث هوف عن الدور التركي في سوريا وأبرز المطالب الأميركية، وعودة ملف مزارع شبعا إلى واجهة النقاش، ودور "حزب الله".
ويكشف هوف كواليس وساطته، وتفاصيل الاجتماعات المباشرة التي جمعته ببشار الأسد، والاتفاق المكتوب الذي كان على الطاولة في فبراير/شباط 2011، قبل أن ينهار كل شيء مع اندلاع حرب استمرت لأربعة عشر عاما.
ويعود إلى تلك اللحظة الدقيقة التي ناقش فيها مع الأسد مصير مزارع شبعا، قائلا إن الأسد كان حاسما في موقفه: "هذه الأرض سورية، ولا علاقة للبنان بها". وهو موقف، بحسب هوف، قد يساهم اليوم في إنهاء دور "حزب الله".
وفي هذا التوقيت تحديدا، مايو/أيار 2025، ومع مرور ربع قرن على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، تعود مزارع شبعا إلى قلب النقاش. وعن مدى استعداد الأسد آنذاك لتوقيع اتفاق سلام حقيقي، يروي هوف تفاصيل الاجتماع الحاسم في فبراير/شباط 2011، قائلا إن الأسد بدا واثقا من تجاوب إيران و"حزب الله"، بل أبلغ رئيس لبنان بـ"الاستعداد للتفاوض، لأن لبنان سيكون التالي بعد توقيع سوريا"، وهو ما رآه هوف في حينه تفاؤلا مفرطا قد يُهدد حتى أمن النظام.
ولا يخفي الدبلوماسي الأميركي أسفه على فشل الوساطة، مشيرا إلى أن مكالمة واحدة من الرئيس باراك أوباما إلى الأسد "كان يمكن أن تُغيّر مسار الأحداث"، لكنها لم تحدث، واختفت معها آخر محاولة جدية للسلام بين دمشق وتل أبيب.
وهنا نص الحوار الذي جرى عبر تطبيق "زووم":