كيف فاجأ ترمب مستشاريه برفع العقوبات عن سوريا؟

قصة تغيير المسار في الرياض خلال ساعات واختراق "الجدار" المنيع لفريق المتشددين في إدارته

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
اثناء جلسة الاستماع الى "قيصر" في الكونغرس، حيث جلس مرتديا سترة زرقاء وغطاء للرأس لإخفاء هويته، في انتظار إحاطة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي عن تعذيب وقتل نحو 10 آلاف ناشط مناهض لنظام بشار الأسد، 31 يوليو 2014

كيف فاجأ ترمب مستشاريه برفع العقوبات عن سوريا؟

في يوم الثلاثاء الماضي، وخلال أقل من ثلاث ساعات، غيّر رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب ما يقرب من نصف قرن من سياسة بلاده تجاه سوريا. فبين نزوله من طائرة الرئاسة الأميركية، ومصافحته لسلسلة طويلة من المسؤولين السعوديين، ودخوله إلى فندق "ريتز كارلتون الرياض" لحضور منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي، اقتنع ترمب بفك طبقات العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على سوريا، البلد الذي بدأ يخرج من عزلته الجيوسياسية والاقتصادية التي استمرت أربعة عشر عاما من الحرب الأهلية، بالإضافة إلى أربعة وخمسين عاما من الحكم القمعي لعائلة الأسد.

وعند مخاطبته للمنتدى، أعلن ترمب موافقته على "رفع العقوبات المفروضة على سوريا لإعطائها فرصة للعودة إلى العظمة". عندها انفجرت القاعة، ولاحقا الشوارع والأسواق والساحات في سوريا، بالهتافات والدموع فرحا. وأخيرا، وبعد ستة أشهر من الصبر، وعملية انتقالية صعبة ولكن مدروسة بعناية، ومناصرة، وأمل، حصل السوريون على الفرصة التي كانوا يحتاجونها لإعادة البناء.

واس
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي أثناء مشاركتهما في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي في الرياض

وكان كثيرون يتوقعون صدور القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا، في نهاية المطاف، نتيجة للجهود المشتركة التي قادتها منظمات المجتمع المدني، وجماعات الضغط، وأعضاء الكونغرس، ومسؤولون حكوميون أجانب عملوا معا منذ سقوط الأسد لإقناع واشنطن بتغيير موقفها تجاه سوريا. ومع ذلك، كان واضحا منذ اللحظة التي أعلن فيها ترمب القرار أن هذا التحول كان محكوما بحسابات سياسية شخصية، وفي كثير من النواحي، مدفوعا بالحظ، مما كسر سدا هائلا من المقاومة شيده بعض من أقرب مستشاريه.

بضربة واحدة، هدم ترمب جدران مستشاريه المؤثرين وأعضاء حكومته الذين عملوا بحرص شديد لتجنب الانخراط في الملف السوري وابقاء العقوبات

فيما كان السوريون حول العالم يحتفلون، وترمب يتجه لحضور مأدبة عشاء رسمية في الطريف، بقي فريق الشرق الأوسط التابع لترمب، سواء في الرياض أو واشنطن، في حالة من الارتباك والتشوش. فخلال الأشهر الستة الماضية، بنى عدد من مستشاري ترمب المؤثرين وأعضاء حكومته حملة متعمدة لتجنب الانخراط في الملف السوري. اتسم هذا الموقف السياسي بالكثير من التردد والحذر، نظرا الى العلاقات التي تربط قادة الحكومة السورية المؤقتة الجديدة وبعض مسؤوليها الكبار بـ"هيئة تحرير الشام"، المصنفة جماعة إرهابية ذات تاريخ مع "جبهة النصرة" و"تنظيم القاعدة".

ولم تساهم معارضة اسرائيل الفورية للحكومة السورية المؤقتة في تحسين الموقف. فقد كشفت الضربات المتكررة التي نفذها الجيش الإسرائيلي داخل سوريا، إلى جانب الاتهامات بأن الحكومة المؤقتة الجديدة تستهدف مجتمعات الأقليات الطائفية مثل الدروز السوريين واليهود، أن تل أبيب ستعارض أي انخراط أميركي مع القيادة الجديدة في دمشق. وكان التمسك بسياسة عدم الانخراط ومواصلة الضغوط ينسجم تماما مع نهج إدارة ترمب تجاه خصومها الإقليميين مثل إيران، مقلدا حملة "الضغط الأقصى" التي كان الكثير من مستشاري ترمب يؤمنون بها بشدة. وعكس نهج عدم الانخراط مع سوريا أيضا، النزعة التبادلية الشخصية لترمب، من خلال الاستمرار في فرض إجراءات مالية عقابية على الاقتصاد السوري كوسيلة لانتزاع تنازلات واختبار صبر القيادة السورية الجديدة.

مسؤولون تمسكوا بصرامة بعدم الانخراط في سوريا

وفي الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الخارجية قوائم تدريجية من التوقعات من الحكومة السورية الجديدة، والتي أكدت عموما التعددية واحترام الأقليات والسلوك المعتدل، وضع كبار أعضاء حكومة ترمب حواجز أكبر لمنع الملف السوري من الوصول إلى مكتب الرئيس. فقد تمسك مسؤولون مثل سيباستيان غوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، ومايك والتز مستشار الأمن القومي، وتولسي غابارد مديرة الاستخبارات الوطنية، التي التقت شخصيا بالرئيس بشار الأسد في عام 2017، بموقف صارم بعدم الانخراط في الوضع السوري.

إنفوغراف: هل ينهض الاقتصاد السوري من خراب الحرب؟

وعبّر غوركا عن هذا الموقف في مقابلة مع موقع "برايتبارت" قائلا: "نظام الأسد كان ديكتاتورية وحشية. ومع ذلك، فإن ما لديك في دمشق الآن ليس ديمقراطيا على طريقة جيفرسون"، مشيرا إلى الروابط التاريخية لـ"هيئة تحرير الشام" مع "جبهة النصرة" و"القاعدة"، وتوقعه أن الشريعة سيُفرض تطبيقها حصريا وفقا للنسخة السنية المتشددة. وأضاف: "إذا لدينا شخص فاز في معركة لإسقاط هذا القائد العلوي العلماني واستبدال الديكتاتورية بماذا؟ لا نعرف".

سعى النائبان كوري ميلز ومارلين ستوتزمان للفت مزيد من الانتباه إلى الملف السوري من خلال السفر إلى دمشق ولقاء أعضاء الحكومة الجديدة، معتبرين أن الاستثمار في الفصل الجديد من تاريخ سوريا يمثل "فرصة" ثمينة للولايات المتحدة

وقد تجاوز هذا التردد حدود البيت الأبيض في بنسلفانيا أفنيو ليصل إلى مبنى الكونغرس (الكابيتول هيل)، حيث شكّل بعض المشرعين، مثل النائب جو ويلسون، والسيناتورة إليزابيث وارن، والنائب كوري ميلز، والنائبة مارلين ستوتزمان، فريقا يطالب بتخفيف العقوبات. وصاغ كل من ويلسون ووارن رسالة مشتركة موجهة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو طالبا فيها وزارة الخارجية بتوضيح جدولها الزمني لرفع العقوبات، وإعادة تقييم العقوبات القديمة في مرحلة ما بعد الأسد. كما سعى ميلز وستوتزمان للفت مزيد من الانتباه إلى الملف السوري من خلال السفر إلى سوريا للقاء أعضاء الحكومة المؤقتة الجديدة ومسؤولين دينيين، معتبرين أن الاستثمار في الفصل الجديد من تاريخ سوريا يمثل "فرصة" ثمينة للولايات المتحدة.

غيتي
مبنى الكونغرس الأميركي

ومع ذلك، ورغم أن هذه الأصوات جاءت من الحزبين، إلا أنها بقيت أقلية. وعندما طُلب من العديد من أعضاء الكونغرس دعم إعادة الانخراط مع سوريا، ظلوا مترددين في اتخاذ خطوة قد تعرض علاقاتهم مع إدارة ترمب للخطر، خاصة أن البيت الأبيض لم يتبن موقفا واضحا تجاه سوريا خارج الآراء الشخصية لمستشاريه المتشددين وأعضاء حكومته.

وكانت النتيجة شللا في الملف السوري. فعلى الرغم من تصاعد الأصوات الداعية إلى تخفيف العقوبات من الخارج، بقيت الحكومة الأميركية على موقفها الرافض للتغيير. في المقابل، كانت الحكومة السورية المؤقتة تحقق خطوات دبلوماسية مع نظرائها الإقليميين وأعضاء الاتحاد الأوروبي وحكومات أخرى تحظى باحترام المجتمع الدولي. حتى أن وزير الخارجية أسعد الشيباني تمكن من الوصول إلى الأمم المتحدة ورفع علم الثورة السورية ذي الثلاث نجوم في ساحة الأمم المتحدة في نيويورك، ولكن، بشكل ساخر، بقي محروما من الدخول إلى واشنطن، مقيدا بتأشيرة "G-3" المخصصة لممثلي الحكومات غير المعترف بها، ودون أن يتلقى دعوة للقاء مسؤولين أميركيين على الأراضي الأميركية.

من الذي أقنع ترمب بتغيير المسار خلال ثلاث ساعات فقط؟ من الواضح أن هناك قوتين على الأقل تمكنتا من اختراق "الجدار" الذي بناه فريق ترمب بحرص بالغ

وأكدت الإدارة أن السماح للشيباني وبعض أعضاء فريقه بدخول الولايات المتحدة كان محصورا فقط بأعمال الأمم المتحدة، ولا يشير في أي حال إلى أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة. وظل السد الذي شيده مستشارو ترمب المتشككون قائما، يحقق نجاحا ملحوظا.

غير أن الرياح بدأت تتغير مع دخول قادة إقليميين على خط الأزمة، قادرين على كسر الطوق المفروض حول طاولة القرار الأميركي.

تحول المشهد مع الأمير محمد بن سلمان

لا شك أن سياسة ترمب الخارجية اتسمت دائما بالتقلب، وغالبا ما تعمدت تحدي "القواعد" بهدف اللعب على وتر التناقضات بين الأصدقاء والخصوم لتهيئة الأرضية لعقد صفقات منشودة. لكن قرار ترمب تغيير قواعد اللعبة في ما يخص عقوبات سوريا كان مختلفا. فما الذي دفع بالفعل إلى مثل هذا التحول الجذري في سياسة الولايات المتحدة؟ أو ربما الأصح، من الذي أقنع ترمب بتغيير المسار خلال ثلاث ساعات فقط؟ من الواضح أن هناك قوتين على الأقل تمكنتا من اختراق "الجدار" الذي بناه فريق ترمب بحرص بالغ.

أ.ب.
السوريون يحتفلون بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الرياض رفع العقوبات عن سوريا بعد محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حمص، 13 مايو 2025

أولا، كان جليا أن ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان اضطلع بالدور الرئيسي، بينما لعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دورا مساندا. فقد كان ولي العهد السعودي إلى جانب ترمب منذ لحظة هبوط طائرة الرئاسة في العاصمة السعودية وحتى اللحظة التي صعد فيها ترمب إلى منصة منتدى الاستثمار السعودي الأميركي ليعلن التغيير الجديد في سياسة إدارته تجاه سوريا.

كانت السعودية، تحت قيادة الأمير بن سلمان، تستكشف سبل توسيع دورها في مشهد إعادة إعمار سوريا بعد النظام، كوسيلة لإبعاد إيران عن فرصة استعادة نفوذها الذي ازدهر في عهد عائلة الأسد. قبل أسبوعين فقط من زيارة ترمب، أعلنت السعودية وقطر معا إسقاط ديون بقيمة 15.5 مليون دولار مستحقة على دمشق لصالح البنك الدولي. ورغم أن هذا لا يعدو كونه نقطة صغيرة في بحر الاحتياجات المالية الهائلة لسوريا، فقد كان خطوة لاختبار مدى تقبل الولايات المتحدة لانخراط إقليمي مع سوريا، وتمهيد الطريق لطلب رسمي يلتمس دور الضامن في المشهد الاقتصادي السوري بعد الحرب، وهو دور لا يمكن تحقيقه إلا بمباركة أميركية وتخفيف كبير للعقوبات.

من المرجح أن أردوغان روج من جهته الانخراط الأميركي في الملف السوري وجهود التعافي الاقتصادي كمسار لتحقيق الاستقرار، وتاليا انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا 

وبالمثل، تسعى تركيا أيضا إلى دور ضامن في سوريا، لا سيما في قطاعها الأمني بعد الحرب. فقد لعبت أنقرة دورا داعما محوريا في الهجوم الأولي الذي أدى، وبشكل غير متوقع، إلى إخراج نظام الأسد من دمشق، وسعت بشكل تدريجي إلى توسيع بصمتها الأمنية في البلاد. بدأت تركيا بإعادة تطوير وتمركز قواتها في قاعدة التياس الجوية "T4" في سوريا، استعدادا لنشر أنظمة دفاع جوي هناك، وربما في قاعدة منغ الجوية في حلب، بينما كانت تتهيأ لتحمل الجزء الأكبر من حملة مكافحة "داعش" في منطقة البادية السورية.

الرياض قلبت موقف ترمب 180 درجة

ومن غير المستبعد أن يكون القادة السعوديون والأتراك قد صاغوا مسألة تخفيف العقوبات كتنازل محدود يقدّم الى ترمب، ويُصوّر باعتباره مكسبا مشتركا للطرفين. ومن المحتمل أن الرياض قدمت هذا القرار على أنه مرونة ضمن صفقة أوسع بين الولايات المتحدة والسعودية بقيمة 600 مليار دولار كالتزام سعودي بالاستثمار في الولايات المتحدة، إلى جانب شراء حزمة أسلحة أميركية بقيمة 142 مليار دولار عبر اتفاقية تعاون دفاعي. وقد كان ذلك كافيا لرئيس أميركي يتبنى نهج الصفقات مثل دونالد ترمب، للخروج عن مسار السياسة الأميركية السائدة وتجاهل مستشاريه الذين دافعوا عن سياسة عدم الانخراط، والمبادرة إلى تغيير جذري بزاوية 180 درجة من خلال تخفيف العقوبات.

رويترز
سوريون على دراجة نارية قبالة مبنى مدمر، في الوقت نفسه الذي أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا، حلب، 14 مايو 2025.

من المرجح أن أردوغان صوّر من جهته الانخراط الأميركي في الملف السوري وجهود التعافي الاقتصادي كمسار لتحقيق الاستقرار، مما يسمح للولايات المتحدة في نهاية المطاف بسحب قواتها وتحويل هذه المسؤولية إلى قوات محلية مثل الجيشين السوري والتركي. وبالنسبة لترمب، الذي قلص بالفعل الوجود الدفاعي الأميركي في شمال شرق سوريا إلى النصف في ابريل/نيسان، كان ذلك يحقق هدفا رئيسا ضمن سعي إدارته لتقليص بصمتها العسكرية في الشرق الأوسط.

ستيف ويتكوف يتقدم داخل الفريق

أما القوة الثانية التي قلبت الموازين، فكانت متصلة بالصراعات السياسية الداخلية داخل فريق البيت الأبيض المعني بسياسة الشرق الأوسط. حتى لحظة الزيارة، كان المبعوث الأميركي الخاص الى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مشغولا إلى حد بعيد بالمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، والملف النووي الإيراني، ومحاولة التوصل إلى صفقة تبادل أسرى، إن لم يكن اتفاقية وقف إطلاق نار دائمة بين إسرائيل و"حماس". ورغم أن ويتكوف كان، حسب ما ورد، أكثر انفتاحا تجاه فكرة الانخراط في سوريا ما بعد الأسد، إلا أن صوته كان يغرق وسط مستشاري ترمب الأكثر تحفظا وتشددا. وبقي  الأمر كذلك إلى أن حصلت عملية إعادة ترتيب داخل البيت الأبيض.

قصة قرار ترمب رفع العقوبات عن سوريا هي قصة نضال جماعي من السوريين وشركائهم لتقويض حالة التردد تجاه تخفيف العقوبات، لكنها أيضا قصة حظ وسياسات شخصية داخل فريق ترمب الرئيسي

عندما أسقطت فضيحة "سيغنال غيت" الشهيرة مسؤول الأمن القومي مايك والتز، وجد الرجل نفسه في قلب العاصفة التي أنهت مسيرته. فقد كان والتز هو من أضاف بالخطأ صحافيا من مجلة "أتلانتيك" إلى مجموعة محادثة عبر تطبيق "سيغنال" كانت تتداول معلومات استخباراتية حساسة حول ضربة أميركية استهدفت مقاتلي الحوثي في اليمن. ومع ذلك، فقد أدت هذه الخطوة إلى إزالة جزء من "جدار المقاومة" داخل البيت الأبيض في ما يخص سوريا، مما أفسح المجال لأشخاص مثل ستيف ويتكوف للتقدم.

النضال الجماعي للسوريين أتى أُكله

قصة قرار ترمب رفع العقوبات عن سوريا هي قصة نضال جماعي من السوريين وشركائهم لتقويض حالة التردد تجاه تخفيف العقوبات، لكنها أيضا قصة حظ وسياسات شخصية داخل فريق ترمب الرئيسي المعني بشؤون الشرق الأوسط.

لا شك أن سياسة ترمب الخارجية اتسمت دائما بالتقلب، وغالبا ما تقصدت تحدي "القواعد" عمدا من أجل اللعب على وتر التناقضات بين الأصدقاء والخصوم لتهيئة الأرضية لعقد صفقات منشودة. وقد نجحت الحكومة السورية المؤقتة الجديدة، بدعم من منظمات المجتمع المدني والنشطاء وحتى الحكومات الشريكة، في بناء حجة قوية لإلغاء الإجراءات المالية العقابية المفروضة على بلدهم.

لم تتلق وزارة الخزانة أي انذار

ومع ذلك، فإن قراره المناقض لعقود من السياسة الأميركية تجاه سوريا في غضون ساعات قليلة خلال وجوده في الرياض، يعكس مدى تأثير قادة الشرق الأوسط على عملية صنع القرار لدى ترمب، كما يبرز كيف أن إعادة ترتيب داخلية في طاقم الإدارة الأميركية يمكنها أن تعيد تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

عكف المشرعون في مبنى "الكابيتول هيل" على دراسة خيارات تشريعية لإلغاء العقوبات التي أقرها الكونغرس، مثل "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" قبل نهاية السنة 

ومع عودة ترمب إلى واشنطن عقب جولته العاصفة في الشرق الأوسط، سيتعين الآن على المسؤولين الأميركيين تفسير إعلانه المفاجئ وتجميع صورة لما ستبدو عليه عملية رفع العقوبات بشكل كامل. فقد فاجأ قرار ترمب الجميع، حيث لم تتلق وزارة الخزانة أي إنذار مسبق بهذا القرار قبل رحلته، ولا حتى قبل ساعات من خطابه، وبات على مسؤولي الخزانة الآن تحديد مدى ونطاق الإعفاءات التي ستُمنح للعقوبات التي أقرها الكونغرس، بالإضافة إلى أوامر محتملة بإلغاء العقوبات التي فرضها الجهاز التنفيذي. وهناك بالفعل خطط لإصدار إعفاء لمدة مائة وثمانين يوما من العقوبات التي يقرها الكونغرس، بالإضافة إلى إصدار تراخيص للشركات والحكومات الراغبة في الانخراط في الاقتصاد السوري بعد الحرب.

وبالتزامن، عكف المشرعون في مبنى "الكابيتول هيل" على دراسة خيارات تشريعية لإلغاء العقوبات التي أقرها الكونغرس، مثل "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين" قبل نهاية السنة. وعلى الرغم من أنه قد تكون هناك محاولات من مستشاري ترمب المتشككين للتراجع عن هذه السياسة، أولئك الذين شكلوا "سدا" من المقاومة ضد الانخراط مع سوريا، إلا أنهم يجدون أنفسهم اليوم أمام موجة جديدة من الزخم السياسي والديبلوماسي، التي يبدو أنها مصممة على إعادة سوريا إلى قلب المشهد الدولي بعد سنوات من العزلة.

font change

مقالات ذات صلة