في يوم الثلاثاء الماضي، وخلال أقل من ثلاث ساعات، غيّر رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب ما يقرب من نصف قرن من سياسة بلاده تجاه سوريا. فبين نزوله من طائرة الرئاسة الأميركية، ومصافحته لسلسلة طويلة من المسؤولين السعوديين، ودخوله إلى فندق "ريتز كارلتون الرياض" لحضور منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي، اقتنع ترمب بفك طبقات العقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على سوريا، البلد الذي بدأ يخرج من عزلته الجيوسياسية والاقتصادية التي استمرت أربعة عشر عاما من الحرب الأهلية، بالإضافة إلى أربعة وخمسين عاما من الحكم القمعي لعائلة الأسد.
وعند مخاطبته للمنتدى، أعلن ترمب موافقته على "رفع العقوبات المفروضة على سوريا لإعطائها فرصة للعودة إلى العظمة". عندها انفجرت القاعة، ولاحقا الشوارع والأسواق والساحات في سوريا، بالهتافات والدموع فرحا. وأخيرا، وبعد ستة أشهر من الصبر، وعملية انتقالية صعبة ولكن مدروسة بعناية، ومناصرة، وأمل، حصل السوريون على الفرصة التي كانوا يحتاجونها لإعادة البناء.
وكان كثيرون يتوقعون صدور القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا، في نهاية المطاف، نتيجة للجهود المشتركة التي قادتها منظمات المجتمع المدني، وجماعات الضغط، وأعضاء الكونغرس، ومسؤولون حكوميون أجانب عملوا معا منذ سقوط الأسد لإقناع واشنطن بتغيير موقفها تجاه سوريا. ومع ذلك، كان واضحا منذ اللحظة التي أعلن فيها ترمب القرار أن هذا التحول كان محكوما بحسابات سياسية شخصية، وفي كثير من النواحي، مدفوعا بالحظ، مما كسر سدا هائلا من المقاومة شيده بعض من أقرب مستشاريه.