فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب العالم بإعلانه من الرياض أن الولايات المتحدة ستقوم برفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، الدولة التي أنهكتها سنوات الحرب الطويلة والعزلة الدولية تحت حكم نظام بشار الأسد الوحشي، الذي سقط في كانون الأول/ديسمبر الماضي. وقد أشعل هذا الإعلان، في الثالث عشر من أيار/مايو 2025، موجة من الاحتفالات في أوساط السوريين، الذين يعيش 90 في المئة منهم تحت خط الفقر، مجددا آمالهم في مستقبل أكثر إشراقا.
غير أن إعلان ترمب، رغم ثقله السياسي، جاء محاطا بالغموض، إذ افتقر إلى التفاصيل الضرورية لفك التشابكات المعقدة لمنظومة العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وقد أفيد بأن مسؤولي وزارتي الخارجية والخزانة، الجهتين المعنيتين بصياغة سياسة العقوبات وتنفيذها، فوجئوا بالتصريح، وبدأوا محاولات حثيثة لفهم دلالاته وسط عقود من تداخل الأوامر التنفيذية والقوانين. ومع استمرار سريان عقوبات مكافحة الإرهاب، وتولي الرئيس السوري أحمد الشرع، القائد السابق في تنظيم "القاعدة" والمدرج على قوائم الإرهاب الأميركية والأممية، رئاسة الحكومة الانتقالية، يبقى المسار المستقبلي مبهما.
استراتيجيا تفكيك "منظومة" العقوبات
يتعيّن على الإدارة الأميركية أن تبادر فورا إلى توضيح ما المقصود برفع العقوبات: هل يشمل ذلك القيود الاقتصادية والتجارية الشاملة، أم تلك المرتبطة بمكافحة الإرهاب، أم الاثنين معا؟ إن تفكيك منظومة العقوبات المتداخلة يتطلب استراتيجيا دقيقة، تستند إلى أدوات متنوعة مثل إشراك الرأي العام، ومنح الإعفاءات، وتعليق بعض العقوبات، وإصدار التراخيص العامة، على أن تُستكمل هذه الإجراءات بتدابير شمول مالي تهدف إلى الحد من أخطار تمويل الإرهاب.