شكل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال اليوم الثاني من زيارته للمملكة العربية السعودية رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، صدمة اقتصادية إيجابية كبرى، وهو وصف تلك العقوبات بأنها وحشية ومعيقة. وتلا الإعلان الاجتماع الاستثنائي لترمب، في رعاية ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي رحب بهذا القرار "التاريخي والشجاع".
يمثل إعلان رفع العقوبات انتصارا للسلطات السورية الجديدة ويؤكد نجاحها في تبديد المخاوف الخارجية وإقامة علاقات رسمية مع القوى الإقليمية والدولية، على الرغم من خلفية "هيئة تحرير الشام"، كما أدى الإعلان عن رفع العقوبات إلى ارتفاع فوري في قيمة الليرة السورية، وخرجت المسيرات في مختلف المدن السورية للتعبير عن فرحة السوريين بالخبر.
وينتظر المزيد من التطورات الإيجابية بعد صدور هذا القرار، إذ من شأنه تسهيل تعامل الجهات الإقليمية والدولية مع الدولة السورية ومؤسساتها، وسيمهد ذلك الطريق لتسهيل التبادلات المالية وإعادة دمج الاقتصاد السوري في الأسواق الدولية، وتنشيط حركة التجارة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتشجيع عودة رجال الأعمال السوريين من الخارج، وهي جميعا أهداف رئيسة للسلطات السورية الجديدة.
وتسعى دمشق للتواصل مع الشركات الإقليمية والدولية وإقناعها بالاستثمار في البلاد، لا سيما لتحديث البنى التحتية وتحقيق الإيرادات. على سبيل المثل، في 1 مايو/أيار وقعت مجموعة "سي. إم. إيه. سي. جي. إم." اللوجستية اتفاقا لمدة 30 عاما مع الحكومة السورية لتطوير ميناء اللاذقية، بما في ذلك إنشاء رصيف جديد واستثمار 260 مليون دولار لتعزيز الميناء. وتعمل المجموعة في اللاذقية منذ سنة 2009. وبموجب الاتفاق، ستحصل الحكومة على 60 في المئة من الإيرادات بينما تحصل المجموعة على 40 في المئة. بالإضافة إلى ذلك، التقى جوناثان باس، الناشط الجمهوري المقرب من الرئيس ترمب ورئيس شركة "أرجنت إل. إن. جي." للغاز الطبيعي، بالرئيس الشرع في نهاية أبريل/نيسان حاملا خطة لمشاركة شركات غربية في تطوير موارد الغاز السورية.
تحرير الأصول المجمدة
على الصعيد المالي، يمكن أن يؤدي رفع مجموعة واسعة من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا بموجب أوامر تنفيذية بين سنتي 2004 و2019، إلى تحرير الأصول المجمدة، وإنهاء الحظر المفروض على المعاملات بالدولار الأميركي وإعادة ربط المصارف السورية بنظام "سويفت" العالمي. وسيسهل ذلك على سوريا أيضا الحصول على التمويل والقروض من المؤسسات المالية الدولية ومصارف التنمية. على سبيل المثل، أعاد "البنك الإسلامي للتنمية" عضوية سوريا رسميا في منتصف مارس/آذار، ويخدم المصرف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ويمول مشاريع في مجالات البنية التحتية وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وفي منتصف أبريل/نيسان 2025، شارك محافظ مصرف سوريا المركزي ووزير المالية السوري في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاما.