لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب برعاية وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض يوم 14 مايو/أيار، كان نقطة انعطاف في العلاقات بين واشنطن ودمشق، إذ حقق الشرع خلال ستة أشهر ما عجز الرئيس المخلوع بشار الأسد عن تحقيقه خلال ربع قرن، وهو رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى القمة.
ويكشف تحقيق لـ"المجلة" استنادا إلى وثائق ومحاضر اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين غربيين وإقليميين، أن الفرصة أتيحت أكثر من مرة للأسد كي يرفع مستوى الحوار مع مستوى البيت الأبيض خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب بين 2017 و2021 وولاية الرئيس جو بايدن بين 2021 و2025، لكن عناد الأسد وسوء تقديره واستخفافه فوّت فرصا عديدة عليه إذ إنه خيب الوسطاء من قادة ومسؤولين عرب وإقليميين، حاولوا فتح نوافذ له قبل سقوطه نهاية العام الماضي.
اللافت أن المحاولة الأخيرة للحوار بين البيت الأبيض ودمشق جرت قبل أسابيع بل قبل أيام من هروب الأسد إلى موسكو في 8 ديسمبر/كانون الأول 2025، إضافة إلى الفشل الآخر في تسويف وتجاهل وساطة الرئيس فلاديمير بوتين لجمعه (الأسد) مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
قصة فشل وساطة بوتين بين أردوغان والأسد بسبب الأخير تستحق أن تروى، خصوصا أنها كانت أحد أسباب انهيار نظام الأسد في 8 ديسمبر وانفضاض روسيا-بوتين عنه، لكن سأروي هنا تفاصيل جديدة من الوساطات المهمة بين الأسد وكل من ترمب في 2019 وبايدن في 2023 و2024، علما أن بعض جوانبها سبق وأن نشر في الإعلام. هنا الحلقة الاولى من ثلاث حلقات:
مفاوضات زمن ترمب
في المرحلة الأخيرة لولاية ترمب الأولى، كانت سوريا لا تزال محاصرة وتتمركز فيها قوات أميركية شمال شرقي سوريا، وروسية غربها، وتركية في الشمال، إضافة إلى انتشار الميليشيات الإيرانية في مناطق عدة واستمرار الغارات الإسرائيلية.