عندما وصل الرئيس أحمد الشرع إلى باريس الأسبوع الماضي لإجراء محادثات مع الرئيس إيمانويل ماكرون، استقبله حشد من السوريين منقسم إلى مجموعتين متباينتين. الأولى كانت احتجاجا متواضعا ضد الشرع، حضرته في الغالب جماعات من الأقليات، وأبقته الشرطة الفرنسية على مسافة آمنة. أما الثانية فكانت تجمعا مؤيدا أكثر حيوية وعددا، تألف بشكل أساسي من عرب سنّة، احتشدوا حول السيارة الرئاسية أثناء توجهها إلى قصر الإليزيه. إن رحلة الشرع اللافتة– من ارتباطات سابقة بتنظيمي "داعش" و"القاعدة" إلى منصب رئيس دولة مرحّب به في عواصم أوروبية– قد رسّخت صورته كقائد ناجح في نظر عموم السنّة.
الفخر السني بـالانتصار في الحرب الأهلية بسوريا يترجم إلى دعم للقائد المنتصر، مما يجعل أحمد الشرع ربما أول رئيس سوري يشعر معظم السنّة السوريين بالفخر العلني بدعمه. وفي استطلاع للرأي أجرته مجلة "ذي ايكونوميست" ونشر في الثاني من أبريل/نيسان، وشمل 1500 سوري من مختلف محافظات البلاد والمجموعات الطائفية، وجد أن 81 في المئة من السوريين يوافقون على حكم الشرع.
لم يكن الشرع يحظى بشعبيته الحالية منذ وقت ليس ببعيد. فقد كان يُعتبر متطرفا للغاية، ومرتبطا ارتباطا وثيقا بالتشدد الجهادي، ما جعله غير مقبول في تيار الثورة السورية العام. كثير من الإعلاميين والمعلقين على مواقع التواصل الذين يمتدحونه اليوم ويتغنون بكاريزماه وبراعته السياسية، كانوا قد شجبوه بأقسى العبارات في السابق.
بطبيعة الحال، يجذب النجاح دائما المؤيدين إلى جانب المنتصر، وهذه الانتهازية أمر غير مفاجئ. لكنّ ثمة عاملا آخر، أكثر دقة، غالبا ما يُغفل عنه في الغرب: وهو سعي الشرع الحثيث لكسب تأييد الشارع العربي السني. الغرب ينشغل بمناقشة برغماتيته ورفع العقوبات للاستفادة من إعادة إعمار سوريا، لكنه يغفل عن سردية موازية تنمو في الداخل السوري، وتُرَوَّج بعناية لجعل الشرع بلا منازع في الشارع العربي السني: الأموية.