الشفاهة في بنية التراث العربي

من المجالس إلى المصنفات

Lina Jaradat
Lina Jaradat

الشفاهة في بنية التراث العربي

حين نتأمل تكوين العقل العربي في مراحله الأولى، ندرك أن العرب لم يكونوا حضارة كتابية، بل شفوية. فهم أمة من الأمم الشفوية الكبرى الذين لم تبن ذاكرتهم على الحجر ولا على الرق، بل على اللسان والوجدان. لم تكن المكتبات عندهم أبنية من طين أو جدران من خشب، أو رفوفا من كتب، بل كانت في قلوب الرواة، وعقول الشعراء، وآذان الفتيان في المجالس. كانت الذاكرة الجمعية هي الأرشيف، والمشافهة هي البريد الزمني الذي ينقل المعنى من جيل إلى جيل.

في العصور العربية المبكرة، كان الحفظ قوة، والراوية منصبا ثقافيا، والشاعر حاملا ميراث القبيلة وخطابها السياسي والأخلاقي والاجتماعي. فالقصيدة لا تكتب لتقرأ، بل لتسمع، والنثر لا يحفظ ليرجع إليه في دفاتر، بل ليداول في الألسن. ومن هنا لم تكن الشفاهة مجرد وسيلة، بل فلسفة في المعرفة وطرائق نقلها، وقدرة فريدة على تشكيل الذاكرة الجمعية عبر المستودع الشفوي.

نسيج شفاهي

في كتابه المرجعي "الشفاهية والكتابية" (الصادرة ترجمته العربية عام 1994)، يحدد الباحث الأميركي والتر أونج السمات الجوهرية للثقافات الشفاهية، باعتبارها أنساقا معرفية متكاملة لها خصائصها وسماتها التي تميزها عن تلك الكتابية. فالثقافة الشفاهية، كما يصفها، لا تنتج المعرفة بالطريقة ذاتها التي تنتجها الثقافة الكتابية، بل تعيد تشكيل اللغة، والذاكرة، والعقل، والعلاقات الاجتماعية وفق منطق خاص بها.

من بين خصائص الشفاهة الأساسية التي يسوقها أونج: الاعتماد على التكرار والصيغ الثابتة، ميل النصوص إلى الإيقاع والوزن، غلبة الحفظ الجماعي، مركزية المجلس، وتلاشي مفهوم "المؤلف الفرد" أمام حضور جماعي للقول. هذه الخصائص، حين نضعها بإزاء الأدب العربي الكلاسيكي، خصوصا في عصر ما قبل الإسلام والعصر الإسلامي المبكر، نجد تقاربا ثقافيا ومعرفيا لافتا.

في مقدمة الترجمة العربية للكتاب، يفرد المترجم حسن البنا عز الدين دراسة بعنوان "النظرية الشفاهية وموقع الأدب العربي منها"، يدعو فيها إلى إعادة قراءة شعر ما قبل الإسلام، والخطابة، والسير، ومرويات الحديث، ضمن هذا الإطار النظري، معتبرا أن الثقافة العربية – في جذورها – شفاهية، وأن كتابة التراث لم تلغ هذا الطابع، بل حفظته في سلاسل الرواية، وإيقاع الخطاب، وأسلوب النقل.

كان العربي يحفظ نسبه حتى الجد الأربعين، ويروي مآثر قومه وأيامهم في الحروب والسلم، ويستطيع أن يستحضر بيتا قيل قبل خمسين عاما كأنه قيل قبل يومين

إن قراءة التراث العربي في ضوء نظرية أونج تفتح أفقا جديدا لفهم هذا التراث لا بوصفه مجرد "نصوص مكتوبة" بل ذاكرة شفوية حية تحولت إلى ورق دون أن تفقد روحها المنطوقة.

الذاكرة بوصفها خزينة الهوية

كان العربي يحفظ نسبه حتى الجد الأربعين، ويروي مآثر قومه وأيامهم في الحروب والسلم، ويستطيع أن يستحضر بيتا قيل قبل خمسين عاما كأنه قيل قبل يومين. فالقدرة على الحفظ تقاس بالنباهة والذكاء، والناس يفتخرون بمن "أدرك الجاهلية"، أي من سمع من ألسنة السابقين، وتلقى الشعر من أفواههم.

كتاب "الشفاهية والكتابية"

ولأن الكتابة لم تكن شائعة، كان الشاعر هو المؤرخ، والخطيب هو الصحافي، والراوية هو دار المحفوظات. وقد تطورت لذلك أساليب فنية في تثبيت القول: الوزن والقافية في الشعر، السجع في النثر، التكرار في الحكم، والتقفية في الأمثال، حتى يصعب نسيانها أو تحريفها.

مع بزوغ الإسلام، دخلت الثقافة العربية منعطفا جوهريا. لقد كان الوحي نفسه معجزة لغوية وبيانية، نزل في سياق شفاهي، وحفظ أولا في الصدور قبل أن يكتب في السطور. غير أن مركزية النص المقدس وضرورته للتشريع والعبادة فرضت الانتقال من الشفاهة إلى الكتابة، لا بإلغاء الأولى، بل بضمها إلى الثانية. حيث بدأت الكتابة بشكل حذر ومتدرج: في الصحف التي كتب فيها القرآن في عهد النبي عليه السلام، ثم في المصحف الموحد في خلافة عثمان بن عفان.

ثم جاءت الحاجة بعد ذلك إلى ضبط الحديث النبوي، فبدأت مرحلة جديدة من التدوين، ولكنها ظلت مشروطة بالمشافهة والسماع، واعتمدت على منظومة علمية كاملة تضبط الرواية والإسناد، كما في علوم الحديث، والرجال، والجرح والتعديل.

الشفاهة والكتابة في العلوم الإسلامية

في تجربة العلوم الإسلامية، لم تكن الشفاهة طورا بدائيا تم تجاوزه، بل الأصل العلمي الذي استمر حتى في ظل انتشار الكتابة. فعلم الحديث مثلا نشأ وتطور ضمن نسق شفاهي خالص، وظل يدرس بالتلقي المباشر حتى بعد تدوينه. لم يكن صحيح البخاري أو مسلم يقرأ في البيوت، بل يسمع في المجالس، من أفواه المشايخ، وفق شروط دقيقة في الأداء والنقل.

والتر أونج

كان يشترط على الراوي أن يسمع الحديث من شيخه سماعا مباشرا، لا أن يقرأه في كتاب. وكان السند – سلسلة "حدثنا فلان عن فلان" – جزءا لا يتجزأ من النص، ومظهرا من مظاهر الشفاهة في قلب التدوين. أما "الإجازة" التي يمنحها الشيخ لتلميذه، فهي وثيقة شفاهية-كتابية تؤكد أن الطالب لم يقرأ الكتاب، بل سمعه كاملا.

بقيت "حلقة الدرس" شفاهية في جوهرها، رغم اعتمادها على المتون المكتوبة. فيقال "سمعت عن شيخنا" أو "حدثني شيخي" لا "قرأت في الكتاب كذا"

حتى في علوم الفقه والتفسير وأصول الدين، بقيت "حلقة الدرس" شفاهية في جوهرها، رغم اعتمادها على المتون المكتوبة. فيقال "سمعت عن شيخنا" أو "حدثني شيخي" لا "قرأت في الكتاب كذا"، وظلت المجالس الفقهية تعتمد المشافهة والمناقشة، وكان الأصل أن الطالب يدون ما يسمعه من شيوخه لا ما ينسخه من كتب.

لأجل هذا كله تسربت روح الشفاهة إلى المصنفات العربية الكبرى، فتجد أن أمهات الكتب – سواء في الأدب أو الحديث والفقه أو التاريخ – تنضح بحس شفاهي حي، وكأنها خطت لتقال لا لتقرأ. فالجاحظ في "البيان والتبيين" لا يكتب بل يتكلم، يقلد صوت الخطبة، وينقل كلام الأعراب من أفواههم كما سمعه. حتى أسلوبه ذاته، القائم على التكرار، الاستطراد، وضرب الأمثال، هو أسلوب مشافهة يحاكي المجلس لا الكتاب.

وفي كتب الأدب الشهيرة مثل "العقد الفريد" و "عيون الأخبار"، نجد تراكما للأقوال والمرويات والنوادر، كل منها مروية عن راو، مأخوذة بالمشافهة، ومنسوبة إلى قائلها كما سمعها الناس. حتى مدونات التاريخ الكبرى مثل "تاريخ الطبري" أو "الكامل" لابن الأثير أو "البداية والنهاية" لابن كثير، تبدأ بسند أقرب إلى الحديث: "حدثني فلان، عن فلان، عن فلان"، وكأن التاريخ نفسه يروى لا يقرأ.

وحين ظهرت الموسوعات الكبرى مثل "الأغاني" للأصفهاني، أو "لسان العرب" لابن منظور تكونت مادتها في جوهرها من محفوظات شفهية، نقلت بتؤدة إلى الورق. كان الأصفهاني يتنقل بين شيوخ الغناء والرواة والنسابة، ليجمع ما سمعه، ويدون حكايات الرواة وأخبارهم، وأشعارهم وأغانيهم.

Lina Jaradat Lina Jaradat

بل إن أول كتاب مدون في الثقافة العربية – كما يورده المؤرخون – هو كتاب عبيد بن شرية الجرهمي المعروف بـ"الملوك وأخبار الماضين"، وقد جمع بطلب من الخليفة معاوية بن أبي سفيان. ويلاحظ أن مادته لم تنتج في سياق كتابي مستقل، بل في إطار مجلس شفهي حواري، إذ كان عبيد يروي القصص والأخبار في مجلس الخليفة، ويجيب عن أسئلته، ثم تدون تلك المرويات. وهو ما يؤكد أن بدايات التدوين العربي ارتبطت مباشرة بثقافة الشفاهة، وأن الكتابة كانت في كثير من حالاتها الأولى وسيلة لحفظ ما تم تداوله صوتيا، لا بديلا منه.

امتدادا لهذه الروح الثقافية الأصيلة، ظهر في الأدب العربي فن "الأمالي"، وهو لون من التصنيف لا يقوم على الكتابة التأملية المنفردة، بل على المجالس الحية، حيث يلقي العالم أو الأديب مادته شفويا، ويمليها على طلابه، فيقومون بتدوينها. فكأن الكتاب هنا نتاج لحظة صوتية، ومحصلة لحدث شفاهي مشترك بين المملي والسامعين.

ظهر في الأدب العربي فن "الأمالي"، وهو لون من التصنيف لا يقوم على الكتابة التأملية المنفردة، بل على المجالس الحية، حيث يلقي العالم أو الأديب مادته شفويا، ويمليها على طلابه

من أشهر هذه المصنفات "أمالي أبي علي القالي"، وهو عالم وأديب عربي عاش في القرن الرابع الهجري، عرفت أماليه بأنها مجالس دورية في اللغة والنحو والأدب، أملاها على طلابه في قرطبة. واللافت أن هذه المجالس لم تكن مجرد محاضرات، بل أحاديث حية مليئة بالشواهد، والروايات، والاستطرادات، والنقول الشفهية التي توثق كيف كانت المعرفة تنتج في قلب المجلس لا في عزلة الكتب.

Shutterstock Shutterstock
كتاب كبير يشرح تعاليم الإسلام بالعربية والإنكليزية أمام جبل القارة في الأحساء، السعودية

ويعكس شكل الأمالي بوضوح أن الكتابة العربية لم تنفصل يوما عن روح الحديث ولإلقاء، بل كانت تبنى كثيرا عبر التفاعل الصوتي، والمشافهة المنهجية. وهكذا، تصبح "الأمالي" تجسيدا دقيقا لفلسفة الشفاهة في الثقافة العربية، حيث لا يفصل بين النص والقول، ولا بين الصوت والحبر.

الكتاب بين المجالس وحلقات الدرس

من هنا نفهم لماذا كثير من كتب التراث العربي لا تفتح مغاليقها، وتتكشف آفاق معانيها إلا حين توضع في حلقة درس أو نقاش. فالقراءة الفردية الصامتة ربما تكون غير كافية لاستخراج دلالاتها. بل إن هذه النصوص لا تنضج إلا في حضرة الدرس والنقاش: أن يقرأ أحدهم، ويعلق آخر، ويتداخل السامعون بالأسئلة والتفسيرات.

وهذا يفسر بقاء "مجلس العلم" في الثقافة الإسلامية حيويا حتى بعد شيوع الطباعة، لأن النص لا يستهلك، بقدر ما يعاش ويروى ويعاد إنتاج معانيه مع كل قراءة جماعية.

من المفارقات البديعة في التراث العربي أن الكتاب لم يكن يعد تاما أو "معتمدا" لمجرد تدوينه، بل كان لا يؤخذ عنه إلا بعد أن يقرأ على مؤلفه أو أحد تلاميذه، في مجلس علم، يشهد فيه السماع وتحرر فيه الإجازة. وكأن الكتاب لا يكتمل بمجرد التدوين، بل يحتاج إلى "الختم الشفوي"، إلى التلقي المباشر، أي أن "ينطق" ويقرأ في حضرة السامعين.

وقد درج العلماء على القول: "قرأت هذا الكتاب على فلان، فأقرني به وأجازني في روايته"، أو "سمعت هذا الكتاب من الشيخ فلان في مجلس كذا". وكان بعض العلماء لا يجيزون الرواية عن كتاب، ولو خطه مؤلفه، إلا إن قرئ عليه في مجلس عام.

من الشواهد المهمة على ذلك ما نجده في كتاب "الفهرست" لابن النديم، حيث يذكر مرارا أن فلانا "سمع الكتاب من مؤلفه" أو "قرأه عليه"، وهذا في ذاته جزء من "اعتماد" النسخة. وفي "معجم الأدباء" لياقوت الحموي، يذكر عن بعض العلماء أن كتبهم لم تعتمد إلا بعد أن تولوا قراءتها على تلاميذهم، أو أملوها عليهم مشافهة. بل نجد أن بعض النسخ الخطية الكاملة من كتب التراث تحتوي على تقييدات سماع في نهايتها، تنص على أن فلانا قرأ الكتاب على فلان في يوم كذا، في مجلس كذا، بحضور كذا.

Shutterstock Shutterstock
نص عربي قديم على جدار كهف في منزل تاريخي بموقع تيشيت المصنف ضمن التراث العالمي في موريتانيا

هذه التقاليد تدل على أن المجلس لم يكن فضاء موازيا للكتابة، بل امتدادا لها، وجزءا من آلية توثيقها وتفعيلها. فالكتاب في الثقافة العربية لا يعتمد إلا إذا "أعيد إلى الحياة" في حلقة علم، يسمع فيه النص ويشرح، وتفتح مغاليقه في جدل شفهي يحييه من جديد.

الفضاء الكتابي والتأملي في التراث الإسلامي

وعلى الرغم من الطابع الشفهي الغالب على بنية كثير من المصنفات العربية، إلا أنه لا يصح اختزال التراث العربي كله في نسق الرواية والمجالس وحدها. فثمة نماذج فكرية وفلسفية كتبت بروح كتابية خالصة، ولدت بين الكتب، لا في المجالس، وأنتجت للقراءة والتفكر، لا التلاوة والحفظ.

في هذه الكتب، لا نجد أثرا لسلسلة "حدثنا" أو لمجلس رواية، بل نجد حججا عقلية، وتجارب علمية، وسياقات تحليلية تكتب من وحي العقل والتأمل، لا عبر الرواية والمشافهة.

رغم أن الشفاهة شكلت البنية الأساسية في التكوين الثقافي العربي، إلا أن الحضارة الإسلامية لم تتوقف عند هذا النسق وحده، بل طورت إلى جانبه فضاءات معرفية موازية قائمة على التأمل والتجريب

كتب الفلاسفة مثل "الشفاء" لابن سينا، و"تهافت التهافت" لابن رشد، ومقدمات المنطق والكلام، تقوم على البرهان لا على الرواية. هذه الكتابة إذن ليست مجرد نسخ أو توثيق، بل أداة لصقل العقل وتدريبه على الاستنباط والتجريد، وهذا هو جوهر "النص المكتوب" الذي لا يتلى ولا يروى، بل يستغرق فيه بالتأمل والمراجعة والتحليل.

بل إن الحضارة الإسلامية نفسها أنتجت فضاء معرفيا واسعا خارج بنية الشفاهة، كما في التجارب العلمية لدى الخوارزمي والرازي وابن الهيثم والبيروني، وفي مراكز الترجمة والبحث مثل بيت الحكمة في بغداد، حيث ازدهرت القراءة والتدوين والتأليف في الطب والفلك والرياضيات والكيمياء. وكان الانكباب على الوثائق والمخطوطات، وفحص النصوص وتفسيرها، نموذجا مختلفا من التلقي، يقوم على التجربة والنظر وليس الرواية والسماع.

Shutterstock Shutterstock
قلعة الدرعية خلال موسم الرياض، المملكة العربية السعودية

ورغم أن الشفاهة شكلت البنية الأساس في التكوين الثقافي العربي، إلا أن الحضارة الإسلامية لم تتوقف عند هذا النسق وحده، بل طورت إلى جانبه فضاءات معرفية موازية قائمة على التأمل والتجريب والبحث المكتوب. فعرفت العلوم العربية طرائق متعددة في التلقي والتفكير، وجمعت بين المجلس والمختبر، وبين الرواية والملاحظة، وبين النقل الحي والنظر العقلي. وهذا التنوع في أدوات إنتاج المعرفة هو ما جعل التراث العربي شديد الثراء، واسع الأفق، لا يختزل في وسيط واحد، وإن ظلت الشفاهة فيه هي الجذر الثقافي الأعمق.

استعادة روح الشفاهة

ختاما، لا تبدو الكتابة في الثقافة العربية مجرد تحول تقني من الصوت إلى الورق، بل هي استمرار لروح القول، وامتداد حي للمجالس في هيئة كتب ومؤلفات، ولهذا فإن محاولة فهم هذا التراث بمعزل عن بنيته الشفاهية تنتج قراءة ناقصة، تصادر طاقته الحية، وتفصله عن شرطه الثقافي. فروح المجلس، والمشافهة، والجدل، ليست ظرفا تاريخيا عابرا، بل جزء من بنية المعنى نفسها، ومن النسق الذي كتب فيه النص، والهوية التي تشكل بها التراث العربي.

ولعل استعادة هذه الروح، لا بصفتها طقسا من الماضي، بل أفقا للقراءة المثمرة، هي المفتاح لإحياء علاقتنا بالنص العربي بوصفه نسيجا حيا، يتنفس كلما تكلمنا به، وقرأناه بصوت عال، وسألنا من حولنا عنه، وجعلناه موضعا للحوار والتداول لا الحفظ والتلاوة فقط.

font change

مقالات ذات صلة