في تونس، يتعرض 8 أطفال من كل 10 لأساليب تأديب عنيفة داخل الوسط العائلي، حيث يفرض العقاب البدني على أكثر من نصفهم، في حين يعد أكثر من ثلاثة أرباعهم ضحايا للعنف النفسي. جاء ذلك في دراسة نشرت في أبريل/ نيسان 2025، أعدتها منظمة "يونسكو" بالتعاون مع وزارة الأسرة ومرصد حقوق الطفل التونسيين، تحت عنوان: "تكلفة العنف ضد الأطفال في تونس".
تقدر الدراسة التكلفة السنوية الإجمالية للعنف ضد الأطفال في تونس في سنة 2022 بما يزيد قليلا على 2.6 مليار دينار (850 مليون دولار أميركي تقريبا)، وهو ما يمثل نحو ٪ 1.9 من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سنة 2022، وما يعادل تقريبا 33% من ميزانية وزارة التربية التونسية، و66% من ميزانية وزارة الصحة.
تصنف الدراسة العنف ثلاثة أنواع: جسدي، ونفسي، وجنسي، وتعتمد مقاربة قائمة على تتبع الحوادث، تأخذ في الاعتبار عدد الأطفال المتأثرين بالعنف اليوم والتكاليف المباشرة وغير المباشرة المرتبطة به في المدى القريب وفي المستقبل، على مستوى الحماية الاجتماعية والقضاء والصحة والتعليم وفقدان جودة الحياة. ويرى المشرفون على هذه الدراسة أن تقدير تكلفة العنف المسلط ضد الأطفال سيشكل حجة إضافية لمحاربته والتصدي له خاصة من خلال الوقاية.
وكانت "يونسكو" أصدرت أيضا، في 2024، دراسة أخرى، بالتعاون مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة التونسية، بعنوان "الممارسات التأديبية في تونس"، أبرزت أن 86.2 % من التونسيين كانوا ضحايا و/ أو شهودا على الممارسات التأديبية العنيفة توزعت بين العنف النفسي (83.8%) والعنف الجسدي (81%)، كما صرح 64.6 % من التونسيين أن للوالدين الحق في معاقبة أطفالهما من خلال الممارسات العنيفة.
تربينا هكة ولا باس علينا
تؤكد هاتان الدراستان حجم حضور العنف ضد الطفل لا في المجتمع التونسي فحسب، بل أيضا في ذهنية الآباء الذين يرونه وسيلة عادية في تربية أبنائهم وبناتهم. وهذا ما يعبر عنه في اللهجة التونسية غالبا بمقولة "تربينا هكة ولاباس علينا" (بما معناه "ربانا أهلنا باستخدام العنف ونحن بخير اليوم")، في محاولة لتسطيح آثار العنف المسلط على الطفل.