أكد مسؤولون أميركيون، قبل أيام، سحب 500 جندي أميركي من مواقعهم في سوريا. وقد أسندت منشآت حيوية مرتبطة بمهمة مكافحة تنظيم "داعش"، مثل موقع دعم المهام "الفرات" وموقع دعم المهام "القرية الخضراء"، إلى "قوات سوريا الديمقراطية"، فيما جرى إغلاق بعضها بالكامل. وأوضح توم باراك، المبعوث الأميركي إلى سوريا، في مقابلة تلفزيونية مع وسيلة إعلام تركية، قائلا: "انتقلنا من ثماني قواعد إلى خمس فثلاث، وسنبقي على الأرجح على قاعدة واحدة".
وفي الأسبوع نفسه، أفادت تقارير بأن الولايات المتحدة طلبت من "مجلس سوريا الديمقراطية" تسريع مفاوضاته مع دمشق لدمج "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الجيش السوري الجديد بحلول نهاية شهر أغسطس/آب من هذا العام. وكان من المتوقع أن تمتد المفاوضات بين دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" بشأن الإصلاحات الأمنية لمدة عام، استنادا إلى الاتفاق الذي جرى في مارس/آذار بين قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيس أحمد الشرع، وسط ترجيحات بتأخير ناجم عن الجمود السياسي وغياب التوافق.
كما أفادت التقارير بأن الولايات المتحدة منحت الضوء الأخضر لخطة الإدارة السورية الجديدة، التي تقضي بدمج نحو 3500 مقاتل جهادي أجنبي ضمن الهيكل التنظيمي للفرقة 84 في الجيش السوري، في تحول لافت في موقف واشنطن، بعد أن كانت تتحفظ سابقا على إشراك المقاتلين الأجانب في وزارة الدفاع التابعة للإدارة الجديدة، معتبرة هذا الملف من الشروط الأساسية لرفع العقوبات.
وتعكس هذه القرارات الثلاثة نهجا أميركيا جديدا، بل تعكس تحولا جذريا بمقدار 180 درجة في السياسة تجاه سوريا، كما تُظهر نفاد صبر متزايد إزاء عملية بناء الحوكمة، ما يشير إلى دافع أعمق آخذ في التبلور، وهو الانسحاب الكامل للولايات المتحدة من سوريا والعراق. وقد أظهرت الخطوات التي أعقبت إعلان تخفيف العقوبات الأميركية أن الهدف الذي طالما سعى إليه الرئيس دونالد ترمب يتمثل في إنهاء الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، وسط مؤشرات متزايدة على انسحاب شامل قد يبدأ في خريف أو شتاء العام الحالي.
ليس بالأمر الجديد
الانسحاب من الشرق الأوسط ليس غريبا على ترمب أو فريقه. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، وخلال ولايته الأولى، اتخذ الرئيس الأميركي قرارا مفاجئا بسحب القوات من شمال شرق سوريا. وقد تزامن هذا القرار مع استعداد تركيا لشن هجوم على المنطقة، استهدف، إلى جانب الفصائل المرتبطة بحزب "العمال الكردستاني" مثل "وحدات حماية الشعب"، الشريك الأهم للولايات المتحدة في عملية "العزم الصلب" على الأرض: "قوات سوريا الديمقراطية".