كان حافزي للذهاب إلى قاعة "هاوسر اند ويرث" بتشيلسي في الجزء الشمالي من مانهاتن أن أرى جديد كاثرين غودمان بعد أن سحرني البورتريه الذي رسمته عام 2002 للأب أنتوني سوتش، مدير مدرسة داونسايد في سومرست، وهي اللوحة التي أهلتها للفوز بجائزة BP للبورتريه.
سبق لي أن تعرفت الى البريطانية كاثرين غودمان، رسامة مناظر طبيعية ومشاهد داخلية، إضافة إلى عنايتها الخاصة برسم الأشخاص. أتذكر أن الناقدة المعروفة إليزابيث غرايس وصفتها يومئذ بأنها "تتمتع بسلطة رمزية هادئة". نادرا ما يقال ذلك عن رسامي الصور الشخصية في عصرنا. غير أنني حين عرفت أن غودمان استغرقت سنتين في رسم لوحتها الفائزة، أدركت معنى جملتها التي تؤكد من خلالها أنها رسامة "سريعة" تقضي وقتا طويلا جدا في رسم لوحاتها، وتدمر الكثير منها. ولكن معنى أن يكون المرء رساما سريعا وفي الوقت نفسه حذرا وحساسا في التقاط الأصوات التي تنبعث من ضرباته، يتجلى في هذا المعرض الذي، وإن كان أسلوبها فيه لا يبتعد كثيرا عن طريقتها المعروفة في استعمال أصباغ زيتية قوية من خلال ضربات فرشاة عنيفة تترك أثرا سائلا يتجاوز محيطها، فإن ميل الفنانة إلى التجريد الكامل هذه المرة هو ما يفاجئ فيه.
كانت الفنانة في ما مضى مثل كل فناني لندن تجمع في لغتها البصرية بين التشخيص والتجريد. كان حريا بي أن أنسى كل الأمجاد التي حققتها في حياتها وهي الحائزة وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة قائد، لأنظر إلى لوحاتها من جهة ما تمثله من إضافة إلى الفن التجريدي الذي كثرت أساليبه وتعددت التقنيات التي تؤدي إلى الوصول إليه، وصار في معظم الأحيان سلما لصعود الكثيرين ممن لا يملكون موهبة حقيقية بحيث خيل إلى البعض أنه طريق ميسرة لإستهلاك تقنيات جاهزة.