في أعقاب سقوط الأسد أوائل ديسمبر/كانون الأول 2024، انهمكت قوات الأمن والشرطة التابعة للحكومة المؤقتة الجديدة في حملة غير مسبوقة استهدفت معامل الكبتاغون التابعة للنظام السابق، واعتقلت عددا من المسؤولين السابقين البارزين وأفرادا من عائلاتهم ممن ارتكبوا جرائم حرب.
وقد شهدت تلك الحملة وتيرة وحجما غير مسبوقين من عمليات الضبط، إذ استطاعت الحكومة الجديدة ضبط تسعة معامل ضخمة، إلى جانب مخزونات تجاوزت 161 ألف حبة خلال الشهرين الأولين من تولي الحكومة السلطة، وفق مشروع تتبّع تجارة الكبتاغون التابع لمعهد "نيو لاينز".
وبينما حاولت هذه الحكومة السير على خيط رفيع يجمع بين تحقيق العدالة وتجنّب استفزاز الموالين للنظام، نجحت في تنفيذ 41 عملية اعتقال، وإصدار 92 مذكرة توقيف بحق مسؤولين سابقين وأفراد من عائلة الأسد، لعبوا أدوارا محورية في اضطهاد المواطنين السوريين، وتعذيب المعارضين، وارتكاب مجازر جماعية بحق المدنيين الأبرياء، إلى جانب دعمهم لاقتصادات غير مشروعة.
غير أن وتيرة الضبط والاعتقالات بدأت تتباطأ منذ فبراير/شباط، في إشارة إلى أن الحكومة المؤقتة واجهت أول عثرة كبرى في مسار العدالة والمحاسبة. فلم تنفذ سوى عمليتي ضبط لمعامل الكبتاغون من فبراير وحتى يونيو، بانخفاض بلغت نسبته 350 في المئة مقارنة بالأشهر الأولى عقب سقوط النظام.
وعلى الرغم من إنشاء هيئة العدالة الانتقالية في فبراير، واستمرار حملات الاعتقال بحق بعض ضباط الصف في الفرقة الرابعة المدرعة، فإن معظم الشخصيات المستهدفة كانت قد فرّت خارج البلاد، ما صعّب مهمة تعقّبهم، ومراقبة تحركاتهم المالية، وملاحقتهم قضائيا.
لكن المشهد تغيّر كليا مع تنفيذ عملية معقدة خارج الحدود السورية، أسفرت عن اعتقال وسيم بديع الأسد، ابن عم بشار الأسد، وأحد أبرز الفاعلين في جهاز النظام الأمني وشبكاته الاقتصادية غير المشروعة.
كان وسيم شخصية نافذة في الدائرة الضيقة المحيطة بعائلة الأسد، وساهم في ترسيخ المشهد الأمني القمعي من خلال تمويله لميليشيات موالية، وإشرافه على عمليات تهريب الكبتاغون في اللاذقية ووادي البقاع اللبناني.