فصل جديد من التوتر بين إيران وكل من إسرائيل والغرب، بعد حرب ضروس لا يبدو أنها وضعت تماما أوزارها بعد، وذلك بدأ تحت عناوين عريضة ثلاثة:
أولها، تقييم ما إذا كانت الحرب قد أدت إلى تدمير كلي أو جزئي للبرنامج النووي الإيراني، وما إذا كان لا يزال بوسع إيران العمل على إعادة بناء هذا البرنامج، خلال وقت قصير أم بعد سنوات.
ثانيها، التحقق من مصير "اليورانيوم المخصب" الذي كانت إيران قد أنتجته بكميات كبيرة، وتقول إنها لا تزال تحتفظ به في مكان آمن.
ثالثها، إقناع إيران بالعودة إلى مسار التفاوض حول برنامجها، بما في ذلك السماح بعودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمعاينة المفاعلات الإيرانية الرئيسة الثلاثة، التي تم استهدافها في كل من فوردو، ونطنز وأصفهان. لكن ذلك أصبح أكثر صعوبة بعد تصديق الرئيس الإيراني على قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية. كل هذا يعيد الأمور مجددا إلى مربع انعدام اليقين، ويفتح المجال أمام احتمالات انتقالها إلى سيناريوهات جديدة من الصراع، من دون نهايات محددة لها.
دوامة الجدل والمزاعم
كان الاتفاق "الشفهي" المفاجئ والمثير للجدل، لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، قد فتح الباب واسعا لسجالات صاخبة، ونقاشات لا تزال محتدمة حول العالم، خصوصا في الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، بشأن ما إذا كان هذا الاتفاق يعني "استسلاما" من قبل إيران، أملته الضربات الأميركية الماحقة لمنشآتها النووية، أو "تسليما" من قبل الجميع بأن الحرب استنفدت أهدافها، ولا ينبغي السماح باتساع نطاقها أو إطالة أمدها.
غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وصف وقف إطلاق النار مع إيران بأنه "انتصار تاريخي" لبلاده، فيما اعتبر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ذلك بمثابة "النصر العظيم للأمة" على حد قولهما. ثم جاء خطاب المرشد الإيراني، علي خامنئي، متحديا، وغير تصالحي، ومنكرا للهزيمة.
نصيب ترمب
لكن آخرين يرون أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هو المنتصر الوحيد، فقد دخل من وراء ستار "حربا" أراد بها ما أراد، قبل أن يتدخل مباشرة، ليصنع بعد ذلك بالدبلوماسية ما استطاع، وأرضى معظم الأطراف تقريبا، بما في ذلك إيران، التي تنفست الصعداء نتيجة لذلك، بدليل قبولها باتفاق غير مكتوب، ودون شروط أو مفاوضات على ضمانات وآليات مراقبة، كما يجري عادة كأساس لنهاية أي حرب.