في أحدث موجة، هي الأخطر في التصعيد بين إسرائيل وجماعة الحوثيين في اليمن، ضربت المقاتلات الإسرائيلية، مرة جديدة، ربما كانت الأعنف، ما يمكن اعتباره (عصب) الاقتصاد اليمني الهش في مناطق سيطرة الحوثيين في الساحل الغربي للبلاد.. موانئ الحديدة الثلاثة، ميناء الحديدة الرئيس، وميناء رأس عيسى النفطي، وميناء الصليف التجاري. بالإضافة إلى محطة (رأس كتنيب) لتوليد الطاقة الكهربائية.
جاء الهجوم الإسرائيلي الأخير بمثابة رسالة واضحة الدلالة في طبيعة هذه العملية الواسعة وتوقيتها، لا تمثل نوعا من الانتقام ورد الفعل على إطلاق الحوثيين صاروخين على إسرائيل لم يعرف مصيرهما كالعادة، ولكن ليوجه تحذيرا أخيرا للحوثيين، على ما يبدو، بأن أي تصعيد جديد من قبلهم يمكن أن يقود إلى عمليات عسكرية واستخبارية أوسع نطاقا من هجمات إسرائيل السابقة على مناطق سيطرة الحوثيين في صنعاء أو الحديدة، فوزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس هدد بصراحة من جانبه بأن "التعامل مع الحوثيين في اليمن سيكون كما جرى مع إيران" وربما توجد لدى وزارته خطط جاهرة للتعامل مع سيناريو كهذا، كما سبق أن صرح بذلك، بناء على تعليمات سابقة قال إنه تلقاها من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
لكن الجماعة سرعان ما عادت إلى توعد الولايات المتحدة وإسرائيل بالتصدي لمقاتلاتهما الشبح "إف-35" إلى جانب إعلان مسؤوليتها عن إغراق السفينة البريطانية "ماجيك سي".
ما هي سيناريوهات المواجهة؟
الواضح أن الطرفين، الإسرائيلي والحوثي، لا يعرفان بعضهما (جيدا) من نواح كثيرة مطلوبة في الحروب.. أولها أن إسرائيل في حيرة من أمرها فهي تعلم أن اليمن بلد منقسم، والحوثيون لا يمثلون سوى أنفسهم وبعض من طائفتهم (الزيدية) وثانيها، أن الحوثيين ليسوا دولة لها نظامها السياسي ومؤسساتها على غرار لبنان، رغم تواضع حالته وانقساماته لكن هناك دولة على الأقل يمكن التخاطب معها.
ثالثا، أن الحوثيين ليسوا جيشا له عقيدة عسكرية ومعسكرات ومواقع ويلتزم بالدفاع عن سيادة اليمن على أراضيه وعن مصالحه، بل مجرد (ميليشيات) مرتبطة عقائديا بالولي الفقيه في طهران، وتعمل بطرق غامضة وسط المدنيين، وفي الكهوف والتحصينات الجبلية وفي سراديب خرسانية تحت الأرض، وتطلق صواريخها ومسيراتها، كما يتهمها البعض، من مدارس وأحياء سكنية، وتحاول قتال عدو بعيد بحجة نصرة غزة التي لم تكن أصلا في أجندتها إلا منذ قررت إيران إنشاء ما سمته "محور المقاومة" أو جبهة الإسناد لغزة اللذين ضما إلى جانب "حزب الله"، الحوثيين والفصائل الشيعية في العراق وسوريا.