في مقال قيم تحت عنوان: "ما سر تجنب الكتاب إعادة قراءة أعمالهم بعد نشرها؟" (المجلة، 18/06/2025)، حاول الكاتب مروان ياسين الدليمي أن يتوقف عند تجارب بعض المبدعين العرب والعالميين، كي يستخلص الدواعي التي تجعلهم "بعدَ أن يضعوا النقطة الأخيرة في نصوصهم، يميلون إلى عدم العودة إلى قراءتها مجددا". وهو يرد تلك الدواعي إلى أربعة:
الداعي الأول هو "الإرهاق النفسي والإبداعي الذي يرافق عملية الكتابة"، لذا فإن العودة إلى العمل بعد نشره تكون بمثابة "إعادة نكء جرح قديم"، على حد تعبير إرنست همنغواي، كأن "الرواية تصبح ذكرى مؤلمة وحميمة في آن واحد"، لذا فإن الكاتب "يجد في تركها راحة أكثر من مواجهتها".
السبب الثاني لعدم العودة إلى العمل بعد نشره هو "الخوف من مواجهة العيوب، أو الشعور بأن النص لم يعد ملكا للكاتب".
سبب ثالث هو أن "الرواية تصبح مرآة لحالة الكاتب النفسية في وقت كتابتها، وعندما يتغير الكاتب، يصبح من الصعب عليه مواجهة تلك المرآة دون إحساس بالغربة". لذا فهو يحس بأن العلاقة بالعمل قد انتهت، و"أن العودة إليه قد تعيد إحياء مشاعر لم يعد يرغب في تجربتها".
السبب الأخير هو أن الكاتب يكون قد "توجه نحو كتابة الرواية التالية لبداية مغامرة جديدة"، فلا يرى فائدة في العودة إلى النص القديم لما قد يتولد عن ذلك من تشتت التركيز.
إذا استثنينا هذا السبب الأخير، فإن الدواعي الأخرى التي يبرزها الكاتب، ترجع، في نهاية الأمر، إلى عوامل نفسية، وليس إلى طبيعة الكتابة ومتطلباتها.