لا يزال الشرق الأوسط يرزح تحت حالة من "الجمود المعلّق"، فلا هو غارق في حرب شاملة، ولا هو ينعم بسلام دائم، وكأن هذا التوازن الهشّ في انتظار الخطوات التالية لكلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، بعد حرب الأيام الـ12 التي اندلعت في يونيو/حزيران 2025، بينما تترقّب الأنظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا ولبنان، حيث قد يُمثّل انكماش النفوذ الإيراني الإقليمي مقدّمةً لمسار أكثر استقرارًا في هذين البلدين.
ما يفاقم خطورة المرحلة الراهنة تصادم استراتيجيتَي "الدفاع المتقدّم" لكل من إسرائيل وإيران، إذ ينطلق الطرفان من قناعة راسخة بأن بسط النفوذ خارج الحدود هو الضمانة الأساسية لأمن الداخل. ولا تقتصر آثار هذه المواجهة المحتملة بين البلدين على مستقبلهما فحسب، بل تطال مجمل المسار الاستراتيجي للشرق الأوسط.
لقد اعتمدت المنطقة، على مدى عقود، على شعور بالاستقرار هش وغير حقيقي في الغالب. وقبل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي شنّتها "حماس" على إسرائيل، كان هناك توافق ضمني بين إيران وإسرائيل على تجنّب المواجهة المباشرة، الأمر الذي أتاح هامشا من الاستقرار المؤقّت. غير أن هذا الاستقرار كان يفتقر إلى أي مصلحة متبادلة في الدبلوماسية أو مساعٍ حقيقية لتحقيق السلام. فقد جسّد الخطاب الإيراني الداعي إلى محو إسرائيل تجاه إسرائيل هذه الفجوة، تماما كما جسّدتها معارضة إسرائيل للاتفاق النووي الموقّع عام 2015 خلال ولاية ترمب الأولى، ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمحاولات التقارب الدبلوماسي مع إيران في ولايته الثانية.