يُعزى الفضل إلى رئيس الوزراء الهندي الراحل مانموهان سينغ في تهيئة الظروف الاقتصادية التي جعلت النموذج الاقتصادي السابق، الذي كانت الدولة تهيمن عليه، غير قابل للاستمرار. وقد أدى هذا التحول إلى الابتعاد عن نظام "التراخيص" سيئ السمعة، الذي يشير إلى الرقابة الحكومية الصارمة على الاقتصاد الهندي. ففي ظل هذا النظام، كان من الشائع غياب السلع الاستهلاكية عالية الجودة من الأسواق، كما كانت إجراءات الحصول على الائتمان المصرفي معقدة وتتطلب كسب ود أصحاب النفوذ.
قبل عام 1991، فرض الاقتصاد الخاضع لسيطرة الدولة على الدول التي تتعامل مع الهند بعضا من أشد التحديات الجمركية وغير الجمركية.
عندما أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تعليقاته الأخيرة قضية العوائق التجارية في الهند، بدا واضحا أن المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة والهند للتوصل إلى اتفاقية تجارية ثنائية لا تسير على نحو جيد، وكان ترمب مستعدا لممارسة الضغط العلني على نيودلهي لتحقيق مكاسب تخدم مصالحه.
ففي 30 يوليو/تموز، اشتكى ترمب من أن تعاملات الولايات المتحدة مع الهند "ضئيلة نسبيا لأن تعريفاتها الجمركية مرتفعة للغاية، وهي من بين الأعلى في العالم، وتفرض عوائق تجارية غير نقدية تعد من الأشد صرامة وإزعاجا". ولا تعد استياءاته من النظام الجمركي في الهند جديدة، إذ سبق له خلال ولايته الرئاسية الأولى أن وصف الهند بأنها "ملكة التعريفات الجمركية"، وتنسجم تصريحاته الأخيرة مع هذا الاتهام.
وبالإضافة إلى توقعاته بزيادة واردات الهند من الولايات المتحدة وتهيئة بيئة عمل مرضية للشركات الأميركية، تلعب الجغرافيا السياسية اليوم دورا محوريا في الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
مع الإصلاحات الاقتصادية التي أدخلها مانموهان سينغ عندما تولى منصب وزير المالية بين عامي 1991 و1996، عملت الهند، التي اتخذت منحى اقتصاديا أكثر انفتاحا، على تعميق شراكتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة بشكل لافت. وقد توطدت هذه العلاقات في عهد سينغ رئيسا للوزراء بين عامي 2004 و2014 لتشمل مجموعة واسعة من القطاعات. وفي عام 2008، أبرم البلدان اتفاقية ثنائية للتعاون في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وهو إنجاز تاريخي عكس مستوى الثقة التي شكلت أساسا لتعزيز التعاون في مجالات حيوية أخرى مثل العلوم والتكنولوجيا والفضاء والدفاع.