الذكاء الاصطناعي يتنبأ باشتعال الاندماج النووي

إنجاز تحولي في عالم الطاقات

Handout / Lawrence Livermore National Laboratory / AFP
Handout / Lawrence Livermore National Laboratory / AFP
منشأة الإشعال الوطنية التابعة للمختبر، وهي منشأة أبحاث اندماج نووي تعتمد على الليزر بتقنية الاحتجاز بالقصور الذاتي

الذكاء الاصطناعي يتنبأ باشتعال الاندماج النووي

منذ بدايات القرن العشرين، أخذت فكرة الاندماج النووي تتشكل بهدوء في عقول العلماء مع اكتشافات متتابعة أزاحت الستار عن سر طاقة النجوم. ففي عام 1920، كشف الفيزيائي البريطاني فرنسيس ويليام أستون أن كتلة من أربع ذرات هيدروجين تفوق كتلة ذرة واحدة من الهيليوم-4، وهو ما عنى أن دمج ذرات الهيدروجين يمكن أن يحرر طاقة هائلة.

هذا الاكتشاف البسيط في جوهره كان أول إشارة إلى الآلية التي تجعل الشمس والنجوم تلمع. وفي عشرينات القرن العشرين، تبنى الفلكي آرثر إدنغتون هذه الفكرة بشغف، مشيرا إلى أن تفاعل "سلسلة البروتون–بروتون" هو المصدر الأساس للطاقة الشمسية. ثم جاء اكتشاف النفاذ الكمومي على يد فريدريش هوند عام 1929 ليمنح النظرية أساسا فيزيائيا أعمق، تلاه عمل روبرت أتكينسون وفريتز هاوترمانس، اللذين أثبتا أن اندماج الأنوية الخفيفة قادر على إطلاق كميات هائلة من الطاقة. هكذا وُضعت اللبنات الأولى لفهم الاندماج النووي، ليس فقط كظاهرة سماوية، بل كحلم بشري لإعادة إنتاج طاقة الشمس على الأرض.

طوال قرن من الزمان، حاول العلماء ابتكار طرق تمكنهم من الاستفادة من الطاقة الاندماجية، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل، إذ أن الطاقة المستخدمة في بدء التفاعل ظلت أكثر من الطاقة التي تخرج من التفاعل، مما يعنى عدم وجود أي جدوى اقتصادية للاندماج.

وفجأةـ توصل علماء منشأة الإشعال الوطني بالولايات المتحدة الأميركية إلى طريقة ذكية مكنتهم من تجاوز تلك العتبة. ففي تجربة تاريخية تمت في عام 1922، تمكن الباحثون من تحقيق صافي كسب للطاقة من تفاعلات الاندماج، مما جعل التفاعل الاندماجي ذا جدوى اقتصادية.

والآن، يبدو أن العلماء في المرفق ذاته -منشأة الإشعال الوطني- على موعد مع نجاح آخر في مجال الاندماج النووي. فقد نجح باحثون بقيادة بريان سبيرز في تطوير نموذج تعلم آلي توليدي قادر على التنبؤ الدقيق بنتائج تجارب الاندماج بالاحتجاز بالقصور الذاتي في المنشأة الوطنية للإشعال بالولايات المتحدة. يتنبأ هذا النموذج الرائد بحدوث الإشعال الاندماجي باحتمال يتجاوز 70%، مما يمثل قفزة نوعية في قدرتنا على التنبؤ بنتائج طاقة الاندماج وتحسينها. تتجاوز آثار هذا التقدم التكنولوجي مجرد التنبؤ، فهو يوفر أداة قوية لتسريع تصميم التجارب، وتوجيه تعديلات معلمات الليزر، وتوسيع حدود أبحاث الاندماج.

الاندماج النووي عملية تتحد فيها نواتان ذريتان خفيفتان لتشكيل نواة أثقل، مع إطلاق كميات هائلة من الطاقة


يمثل تطوير نموذج تعلم عميق قائم على الفيزياء وقادر على التنبؤ الواثق بالإشعال الاندماجي، إنجازا تحوليا في علوم الاندماج، فهو يسد الفجوة بين التنبؤ الحسابي والتحقق التجريبي، ويوفر بوصلة تشتد الحاجة إليها في المشهد المعقد لتجارب الاندماج. ومع تسارع أبحاث الاندماج، ستكون أدوات مثل هذه حاسمة في جعل وعد طاقة الاندماج النظيفة والوفيرة أقرب إلى الواقع، وربما تحدث ثورة في أنظمة الطاقة العالمية للأجيال القادمة.

الطاقة الاندماجية

الاندماج النووي عملية تتحد فيها نواتان ذريتان خفيفتان لتشكيل نواة أثقل، مع إطلاق كميات هائلة من الطاقة. تحدث تفاعلات الاندماج في حالة من المادة تسمى البلازما، وهي غاز ساخن ومشحون يتكون من أيونات موجبة وإلكترونات حرة الحركة، وله خصائص فريدة تختلف عن المواد الصلبة، والسوائل، والغازات.

تستمد الشمس وجميع النجوم الأخرى طاقتها من هذا التفاعل. ولكي تندمج النوى في شمسنا، تحتاج إلى التصادم بعضها مع بعض في درجات حرارة عالية للغاية، تصل إلى نحو عشرة ملايين درجة مئوية. توفر هذه الحرارة العالية الطاقة الكافية للتغلب على التنافر الكهربائي المتبادل بينها، وبمجرد أن تقترب النوى بعضها من بعض بمسافة قريبة جدا، تتغلب القوة النووية الجاذبة بينها على التنافر الكهربائي وتسمح لها بالاندماج.

Handout / Lawrence Livermore National Laboratory / AFP
منشأة الإشعال الوطنية التابعة للمختبر، وهي منشأة أبحاث اندماج نووي تعتمد على الليزر بتقنية الاحتجاز بالقصور الذاتي

ولكي يحدث ذلك، يجب أن تكون النوى محصورة في مساحة صغيرة لزيادة فرص التصادم. في الشمس، يخلق الضغط الهائل الناتج من جاذبيتها الضخمة الظروف اللازمة للاندماج.

ومنذ أن تم فهم نظرية الاندماج النووي في القرن العشرين، بدأ العلماء والمهندسون السعي لإعادة إنتاج هذه العملية وتسخيرها. وذلك لأنه إذا أمكن تكرار الاندماج النووي على الأرض على نطاق صناعي، فإنه يمكن أن يوفر طاقة نظيفة وآمنة وبأسعار معقولة، وبكميات غير محدودة تقريبا، لتلبية الطلب العالمي.

يمكن أن يولد الاندماج طاقة تزيد بأربع مرات على الانشطار النووي المستخدم في محطات الطاقة النووية، وما يقرب من أربعة ملايين مرة أكثر من حرق النفط أو الفحم. وتستخدم معظم مفاهيم مفاعلات الاندماج قيد التطوير مزيجا من الديوتيريوم والتريتيوم—وهما ذرات هيدروجين تحتويان على نيوترونات إضافية.

نظريا، يمكن إنتاج تيراجول من الطاقة، وهي الطاقة التي يحتاجها شخص واحد في بلد متقدم على مدار ستين عاما، ببضعة غرامات فقط من هذه المواد المتفاعلة.

تعتبر مفاعلات الاندماج المستقبلية آمنة بطبيعتها ولا يتوقع أن تنتج نفايات نووية عالية النشاط أو طويلة العمر


وقود الاندماج وفير ويمكن الوصول إليه بسهولة، إذ يمكن استخلاص الديوتيريوم بتكلفة زهيدة من مياه البحر، ويمكن إنتاج التريتيوم من تفاعل النيوترونات الناتجة من الاندماج مع الليثيوم الوفير بشكل طبيعي. ويمكن أن تكفي إمدادات الوقود هذه لملايين السنين.

وتعتبر مفاعلات الاندماج المستقبلية آمنة بطبيعتها ولا يتوقع أن تنتج نفايات نووية عالية النشاط أو طويلة العمر. علاوة على ذلك، نظرا لصعوبة بدء عملية الاندماج والحفاظ عليها، لا يوجد خطر من حدوث تفاعل جامح أو انصهار. يمكن أن يحدث الاندماج فقط في ظل ظروف تشغيل صارمة، وخارج هذه الظروف -في حالة وقوع حادث أو فشل النظام، على سبيل المثل- ستتوقف البلازما بشكل طبيعي، وتفقد طاقتها بسرعة كبيرة وتتلاشى قبل حدوث أي ضرر مستدام للمفاعل.

والأهم من ذلك، أن الاندماج النووي—تماما مثل الانشطار—لا يطلق ثاني أكسيد الكربون أو غازات الدفيئة الأخرى في الغلاف الجوي، لذا يمكن أن يكون مصدرا طويل الأجل للكهرباء المنخفضة الكربون من النصف الثاني من هذا القرن فصاعدا.

وفي حين أن قوة الجاذبية الهائلة للشمس تحفز الاندماج بشكل طبيعي، فإننا على الأرض نحتاج إلى درجة حرارة أعلى من الشمس لحدوث التفاعل. على الأرض، نحتاج إلى درجات حرارة تزيد على 100 مليون درجة مئوية لجعل الديوتيريوم والتريتيوم يندمجان، مع تنظيم الضغط والقوى المغناطيسية في الوقت نفسه، للحصول على احتواء مستقر للبلازما والحفاظ على تفاعل الاندماج لفترة كافية لإنتاج طاقة أكبر مما هو مطلوب لبدء التفاعل.

الإشعال الاندماجي

في حين أنه يتم تحقيق الظروف القريبة جدا من تلك المطلوبة في مفاعل الاندماج بشكل روتيني في التجارب، لا يزال هناك حاجة إلى تحسين خصائص الاحتواء واستقرار البلازما للحفاظ على التفاعل وإنتاج الطاقة بطريقة مستدامة. يواصل العلماء والمهندسون من جميع أنحاء العالم تطوير واختبار مواد جديدة وتصميم تقنيات جديدة لتحقيق صافي طاقة اندماجية.

ويعتبر توفير الطاقة من الاندماج النووي على نطاق واسع التحدي الهندسي الأكبر في القرن الحادي والعشرين. يتم إجراء أبحاث الاندماج النووي وفيزياء البلازما في أكثر من 50 دولة توصل خبراؤها إلى تصاميم مختلفة وآلات قائمة على المغناطيس يحدث فيها الاندماج، مثل الستيلارات والتوكاماك، كما أن هناك أيضا نهجا يعتمد على الليزر والأجهزة الخطية والوقود المتقدم.

يمثل الإشعال الاندماجي محطة محورية في السعي للحصول على طاقة اندماج مستدامة، حيث يعرف بأنه اللحظة التي تتجاوز فيها الطاقة الناتجة من تفاعلات الاندماج طاقة الليزر المدخلة التي استخدمت لبدء العملية. في مرفق الإشعال الوطني بالولايات المتحدة الأميركية، يستخدم العلماء ليزرات قوية لضغط وتسخين كبسولات مملوءة بنظائر الهيدروجين، مما يطلق تفاعلات الاندماج النووي.

المحاكاة وحدها، مهما بلغت دقتها، تبقى مبسطة للعالم الحقيقي

النموذج الذي طوره سبيرز وزملاؤه ليس مجرد خوارزمية "صندوق أسود"، بل يجمع بين مجموعات البيانات التجريبية الغنية، ومحاكاة الهيدروديناميكا الإشعاعية المتقدمة، والأطر الصارمة للإحصاءات لإنتاج تنبؤات قائمة على أسس فيزيائية. وهذا الاندماج بين الفهم القائم على الفيزياء وأحدث تقنيات التعلم الآلي، يمكّن النموذج من التنبؤ بالنتائج وتقديم مستويات ثقة احتمالية أيضا. ويضمن هذا النهج التكاملي احترام النموذج للظواهر الفيزيائية الأساسية مع الاستفادة من براعة هياكل التعلم العميق في التعرف الى الأنماط.

يتمثل أحد المكونات الحاسمة لنجاح النموذج في قدرته على استيعاب البيانات التجريبية الشاملة من مرفق الإشعال. تشمل مجموعات البيانات هذه، تشخيصات مفصلة لأداء الليزر، وديناميكيات الانفجار الداخلي للكبسولة، وقياسات إنتاج الاندماج—وكل معلمة منها تلتقط جوانب مختلفة من عملية الاندماج المعقدة.

كما يستفيد النموذج من محاكاة الهيدروديناميكا الإشعاعية، التي تحاكي سلوك كبسولة الوقود في ظل الظروف القاسية، وتدمج ترسب طاقة الليزر، وديناميكيات البلازما، ونقل الإشعاع. ومن خلال دمج هذه المعلومات المتعددة المصادر، يطور النموذج فهما دقيقا لكيفية تأثير الظروف التجريبية المتغيرة على احتمال الإشعال.

كيف يعمل النموذج؟

لا يعتمد النموذج الجديد فقط على بيانات مدخلة ويخرج نتيجة، بل يقوم على دمج ثلاث ركائز أساسية هي البيانات التجريبية التي جُمعت من تجارب الاندماج السابقة، والمحاكاة المتقدمة للهيدروديناميكا الإشعاعية، والأطر الإحصائية البايزية الصارمة.

يمنحه هذا الدمج قدرة فريدة على التنبؤ، ليس عبر أرقام مجردة، بل من خلال توقعات مبنية على أسس فيزيائية عميقة. أي أن النموذج "يفكر" بالفيزياء قبل أن "يتنبأ" بالنتيجة، وهو ما يجعله أكثر قربا للواقع من النماذج التي تتجاهل القيود الطبيعية.

فالمحاكاة وحدها، مهما بلغت دقتها، تبقى مبسطة للعالم الحقيقي، ولذلك يستخدم الفريق التحليل البايزي وهو طريقة إحصائية للتنبؤ تقوم على مبدأ أننا لا نملك الحقيقة المطلقة، بل درجات من الثقة في الاحتمالات، ونعيد حسابها مع كل معلومة جديدة.

تقوم تلك الطريقة في التحليل بمعايرة النماذج بعد كل تجربة. هذه المعايرة لا تنتج قيمة واحدة ثابتة لكل معامل، بل تقدم توزيعات احتمالية تأخذ في الاعتبار عدم اليقين والتقلبات الطبيعية. وعندما يتم الانتقال إلى تجربة جديدة، تدخل هذه التوزيعات كأرضية معرفية مسبقة، فتزيد موثوقية التنبؤ قبل التنفيذ الفعلي. بهذه الطريقة يتحول التعلم من مجرد "حفظ نتائج" إلى عملية تراكم معرفي، حيث تضاف كل تجربة سابقة كطبقة جديدة من الفهم.

تمتد فائدة النموذج إلى ما هو أبعد من دقة التنبؤ، فهو يعمل كمستشار استراتيجي لتصميم التجارب في المنشأة والمرافق المماثلة

لكن تشغيل محاكاة كاملة لكل احتمال، أمر يستنزف وقتا هائلا وحواسيب خارقة. وهنا يأتي دور التعلم العميق، حيث يبنى "نموذج بديل" سريع يعتمد على ملايين بيانات المحاكاة ويدرب لاحقا على البيانات التجريبية الحقيقية لتصحيح انحيازات الحسابات النظرية. وتكون النتيجة شبكة عصبية تستطيع أن تقدم تنبؤات في أجزاء من الثانية بدل أيام، مع الحفاظ على دقة مقبولة. لضمان ألا يتحول هذا النموذج إلى آلة عمياء تلتقط أنماطا إحصائية بلا معنى، أُدخلت قيود فيزيائية في طريقة تدريبه، بحيث يظل ملتزما قوانين الطاقة والعلاقات المعروفة بين المدخلات والمخرجات.

والأهم من مجرد التنبؤ بقيمة العائد، هو قدرة النموذج على تقديم توزيعات احتمالية لنتائج مختلفة. فهو لا يقول فقط إن العائد سيكون ثلاثة ميغاغول مثلا، بل يحدد نطاقا محتملا وفاصلا للثقة، ويعطي احتمالات دقيقة لتجاوز عتبة معينة مثل الوصول إلى الاشتعال.

وتجعل هذه اللغة الاحتمالية التنبؤ أكثر واقعية، لأن التجارب بطبيعتها عرضة للتقلب وعدم التماثل. إضافة إلى ذلك، يستخدم الفريق ما يسمى "مؤشر المتانة"، وهو مقياس يوضح مدى قدرة تصميم ما على الاستمرار في النجاح حتى مع تغير الظروف أو وجود عيوب صغيرة في الهدف أو انحرافات في الليزر.

وتمتد فائدة النموذج إلى ما هو أبعد من دقة التنبؤ. فهو يعمل كمستشار استراتيجي لتصميم التجارب في المنشأة والمرافق المماثلة. ومن خلال التقييم السريع لكيفية تأثير التعديلات في طاقة الليزر، وشكل النبضة، وتركيب الكبسولة، والمتغيرات الأخرى على احتمال الإشعال، يساعد النموذج في تبسيط التخطيط التجريبي.

Philip Saltonstall/Lawrence Livermore National Laboratory/Handout via REUTERS
يستخدم الفنيون مصعد نظام الخدمة للوصول إلى داخل غرفة الهدف للفحص والصيانة في منشأة الإشعال الوطنية

وتقلل هذه القدرة من نُهج التجربة والخطأ المكلفة، مما يسرع المسار نحو تحقيق عوائد اندماج أعلى وإنتاج طاقة أكثر كفاءة. وتعد دورة البحث السريعة هذه حيوية لتحقيق طاقة الاندماج كمصدر طاقة نظيف ومستدام في المستقبل المنظور.

تعاون مطلوب

نجاح أداة التعلم الآلي التنبوئية يوضح التآزر المتزايد بين المحاكاة القائمة على الفيزياء والذكاء الاصطناعي. فالأساليب التقليدية للمحاكاة وحدها، على الرغم من قيمتها، تتطلب كثافة حاسوبية ووقتا طويلا. ويقلل دمج خوارزميات التعلم العميق بشكل كبير من الوقت اللازم لاستكشاف مساحات المعلمات، مما يتيح اختبار الفرضيات والتحسين السريع. علاوة على ذلك، مع تزايد كمية البيانات التجريبية المتراكمة، من المتوقع أن تتحسن القوة التنبوئية للنموذج، ليتطور إلى مكون لا غنى عنه في أبحاث الاندماج.

وبعيدا من المجال المباشر للاندماج بالاحتجاز بالقصور الذاتي، فإن التطورات المنهجية التي ظهرت في عمل سبيرز وزملائه تبشر بالخير لتطبيقات فيزياء الطاقة العالية الأخرى المعقدة. فمن خلال ربط التعلم الآلي القائم على الفيزياء بالاستدلال البايزي، يمكن للباحثين معالجة مشكلات التنبؤ الصعبة المماثلة في فيزياء البلازما، والفيزياء الفلكية، وعلوم المواد.

وتؤكد المبادئ الكامنة وراء هذا النهج أهمية النماذج القائمة على البيانات التي تظل وفية للقوانين الفيزيائية الأساسية، وهي نموذج جديد يعيد تشكيل الاكتشاف العلمي عبر مختلف التخصصات.

كما تؤكد قصة نجاح نموذج التعلم الآلي هذا على الطبيعة التعاونية للتقدم العلمي الحديث. فقد جمع المشروع خبراء في الاندماج التجريبي، والفيزياء الحسابية، والإحصاء، والذكاء الاصطناعي، مما يوضح أهمية العمل الجماعي المتعدد التخصصات للتغلب على التحديات العلمية اليوم، كما تسلط الضوء على الكيفية التي يمكن بها للحوسبة المتطورة والمنهجيات الإحصائية أن تكمل وتعزز التجارب الفيزيائية التقليدية، مما يوفر رؤى جديدة لم تكن متاحة من قبل.

بالنظر إلى المستقبل، فإن النموذج التنبوئي الذي طوره سبيرز وزملاؤه مهيأ للعب دورٍ محوريٍ في سعي منشأة الإشعال الوطني والمرافق الاندماجية الأخرى لتحقيق إنتاج طاقة أعلى وتفاعلات اندماج مستدامة. ومع التقدم المستمر في تقنية الليزر وزيادة تعقيد الإعدادات التجريبية، سيكون وجود إطار عمل تنبوئي مرن وموثوق به أمرا لا غنى عنه. فمن خلال التعلم المتكرر ودمج البيانات الجديدة، لن يوجه النموذج الخطوات الفورية المقبلة فحسب، بل سيساعد أيضا في رسم خريطة طريق استراتيجية للوصول إلى طاقة الاندماج العملية.

font change

مقالات ذات صلة