على الرغم من سخونة الأحداث ودمويتها في غزة التي تواجه جنون اليمين الإسرائيلي، وسوريا التي تنفجر التناقضات داخلها تباعا، ولبنان الذي ينتقل بحذر من حقبة إلى أخرى، فإن قمة ألاسكا بين الرئيسين دونالد ترمب وفلاديمير بوتين، طغت على ما عداها من أحداث في العالم، لأن تأثيراتها لن تقتصر على أوكرانيا وروسيا وأوروبا، بل ستشمل العالم بأسره، على اعتبار أن ترمب الذي يغيّر أميركا يغيّر أيضا النظام الدولي الذي كانت الولايات المتحدة راعيته الرئيسة بعد الحرب العالمية الثانية ثم بعد الحرب الباردة.
في ما يخص المنطقة التي تتصرف إسرائيل على أن لها اليد العليا فيها بعد "الإنجازات" العسكرية التي حققتها خلال العامين الماضيين، خصوصا في لبنان وإيران، فإن قمة بوتين-ترمب تطرح أسئلة حول ما إذا كان شمول الصفقة بين الرجلين ضم أراضٍ أوكرانية إلى روسيا سيوفر حافزا إضافيا لإسرائيل لضم أراض داخل الأراضي الفلسطينية أو في سوريا ولبنان.
وقد يكون لبنان الأقل عرضة لمثل هذا السيناريو بالمقارنة مع سوريا وفلسطين حيث يبدو أن إسرائيل ماضية بقوة في مخططاتها الاستيطانية في الضفة الغربية، كما يأخذ طرح احتلال مدينة غزة حيزا أوسع من النقاش في تل أبيب. أما في سوريا فإن الخطط الإسرائيلية لا تقل تعقيدا وخطورة، خصوصا بعد أحداث السويداء، إذ أصبح من الصعب التصور أن إسرائيل يمكن أن تنسحب بسرعة من الأراضي التي احتلتها بعد سقوط نظام بشار الأسد، هذا فضلا عن أن استرجاع الجزء المحتل من الجولان إلى سوريا أصبح أكثر صعوبة، ليس للأسباب الإسرائيلية والدولية وحسب، بل أيضا للأسباب السورية، في ظلّ الأوضاع في الجنوب السوري، والتي لا يبدو أن حلها سهل وسريع أيضا.