تناول الفنان التشكيلي المغترب قيس السندي الحروب والآفات الاجتماعية كالجشع والاستغلال والتكاذب وغياب الرحمة بين الناس في أعمال فنية كثيرة. في البداية انشغل بمراقبة تفاقم الأزمات في وطنه العراق، لكنه ما لبث أن بدأ يرصد تآكل القيم الإنسانية عموما، لينتج أعمالا فنية تخطت ما يجري في وطنه الأم لتطول العالم.
في حوارنا معه حول هواجس معارضه المتتالية، أشار الفنان إلى أنه يسعى إلى "تجسيد صراع الإنسان منذ بدء الخليقة مع الطبيعة والكائنات التي من حوله بهدف البقاء. هذا الصراع يأخذ أشكالا جديدة في ظل التطورات والتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المجتمعات".
يعتمد السندي في مشاريعه الفنية على وسائط متعددة، إلى جانب تقديمه لوحات تشكيلية، بغية أن يصل نصه الفني إلى المشاهدمتكاملا ومؤثرا. نذكر من هذه الوسائط التسجيلات الصوتية المنبثقة من أجواء لوحاته وأفكارها، والتجهيز الفني المبني على شرائط مصورة. معرضه الأخير الذي قدمه في صالة "سان دييغو آرت أدفايزوري" الأميركية لم يخرج عن منطق وسياق عمله السابق، لا من ناحية المضمون ولا الأسلوب. مشروع فني بدا فيه الفنان مطورا أسلوبه ومعولا على نجاح مد بين اللوحات التعبيرية والفن الصوتي والتركيبي ما بعد الحداثي.
أشياء الفنان وكائناته
قدم السندي معرضه كنتاج فني تمخض عن اكتناز باطنه بصور وذكريات وأصوات "لا تزال تسكنني" كما يقول، "وتأبى أن تتلاشى. لذلك، قررت أن أحول هذه الأحمال الثقيلة إلى فن، ليس فقط كوسيلة نقد للحرب ونتائجها، بل كشهادة مرئية على قبح الدمار الذي أغرقنا فيه العنف، وأقدمه في شكل فني يعكس المفارقة بين الألم والجمال".