الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد في الصحافة الإيرانية

لا تزال العلاقة بين طهران ودمشق مبهمة

رويترز
رويترز
خلال الاحتفالات بالذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، دمشق في 8 ديسمبر

الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد في الصحافة الإيرانية

تناولت الصحافة الإيرانية الذكرى الأولى لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا باعتباره انهيارا مفاجئا وضع سوريا اليوم على مفترق الطرق، حيث إن سوريا لم تنته من المرحلة السابقة بشكل كامل ولم تبدأ بعد عصرا جديدا، فهي اليوم تترنح بين ماض استنزفها ومستقبل مجهول على حد وصف صحيفة "شرق" التي تابعت في تقرير لها حول الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد بقلم مهسا مجدهي، في 7 ديسمبر/كانون الأول، بعنوان "الضبابية في حكومة الشرع بدمشق"، أن "الكثير من الناس كانوا يعتقدون أن سبب انهيار النظام السابق في سوريا هو الاستنزاف الداخلي الذي عانت منه سوريا لسنوات عديدة غير أن القضية أصبحت أكثر وضوحا بعد مرور الوقت، حيث إن ما حدث كان أبعد من انهيار نظام وانكشاف الجروح العميقة التي كانت تحت رماد الحرب لسنوات عديدة".

أضافت: "تحمل دمشق والمدن الأخرى الأمل والخوف معا في الوقت الراهن، فقد حصلت فئات مهمشة تم إقصاؤها من السلطة منذ عقود على فرصة قل نظيرها لإعادة تعريف دورها غير أن أقليات على غرار العلويين الذين كانوا العمود الرئيس لبقاء النظام السابق تشعر بالقلق حول المستقبل وموقعها في النظام الجديد، ناهيك عن الأكراد الذين مارسوا نموذج حكم شبه مستقل خلال سنوات الحرب فيسعون للإبقاء على إنجازاتهم من خلال المفاوضات مع الحكومة الجديدة".

ورأت أنه "لا يمكن الجزم باتجاه الأمور في سوريا بسبب عدم انسجام المجتمع السوري وتدخل اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين يسعى كل واحد منهم إلى إعادة ترسيم ملامح مستقبل سوريا بناء على مصالحه".

ستكون إسرائيل تحديا رئيسا للاستقرار في سوريا. فإسرائيل لا تنسحب بسهولة من الأراضي التي تحتلها. وستخيم هذه القضية على العلاقات السورية مع الدول الغربية وإسرائيل

صحيفة "شرق"

ويقول الدبلوماسي السابق والمحلل في الشؤون السياسية قاسم محبعلي في حوار مع "شرق" إن "نظام الأسد لم يتمتع بدعم غالبية الشعب. السبب الوحيد في بقاء النظام السابق في السلطة هو دعم إيران وروسيا له، غير أن تطورات الشرق الأوسط دخلت مرحلة جديدة بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول وحرب غزة. وبدأ التحول في سوريا ولبنان وصولا إلى الحرب بين إيران وإسرائيل. وكانت سوريا محطة مفصلية في هذه التطورات لأن النظام السياسي في سوريا كان يدعم نوعا ما الحركات المناهضة لإسرائيل. وقد بدأ تقطيع أوصال هذه السلسلة المناهضة لإسرائيل، وسقط نظام الأسد بدعم عربي وموافقة روسية تحت إشراف أميركي". أضاف: "هذا التطور سبب حصول تحول جوهري في سوريا. هذا تطور مهم لأن أحمد الشرع وحكومته يمثلان أغلبية الشعب من العرب والسنة غير أن هذا لا يعني حلحلة كافة مشاكل سوريا التي يعيش فيها أبناء طوائف ومذاهب متعددة"، معتبرا أنّ "بعضا من مكونات المجتمع السوري لا يرغب في الخضوع لسلطة الحكومة الجديدة. في المقابل تتمتع الحكومة الجديدة بدعم تركيا ودول عربية مما يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في سوريا". وتعاني الحكومة الجديدة، بحسب محبعلي، من مشكلة خارجية رئيسة إلى جانب التحديات الداخلية وهي العلاقة مع إسرائيل التي تحتل أراضي سورية على غرار الجولان، كما قامت إسرائيل باحتلال أجزاء أخرى من سوريا بعد سقوط الأسد. و"ستكون إسرائيل تحديا رئيسا للاستقرار في سوريا. فإسرائيل لا تنسحب بسهولة من الأراضي التي تحتلها. وستخيم هذه القضية على العلاقات السورية مع الدول الغربية وإسرائيل كما أن الشعب السوري وحتى المناصرين للحكومة الجديدة لن يقبلوا بأن تبقى أراضي سورية تحت احتلال إسرائيل".

أ ف ب
صورة مشوهة لبشار الأسد في اليوم التالي لسقوط نظامه، دمشق في 9 ديسمبر 2024

وقال: "إذا ضغطت الولايات المتحدة وهي حليفة إسرائيل الرئيسة على تل أبيب للعودة إلى الحدود قبل سقوط الأسد فسوف تتم حلحلة الجزء الأكبر من هذه المعضلة وتبقى قضية الجولان المحتلة على حالها".

ورأى محبعلي أنه "قد تنتهج الحكومة الجديدة نهج الأسد وهو تجاهل قضية الأراضي المحتلة وعدم التطبيع مع إسرائيل".

الانهيار السريع لبشار الأسد في ديسمبر 2024 هو نهاية الحقبة الأسدية ولكنه ليس نهاية الأزمة

صحيفة "شرق"

ويرى محلل الشؤون الدولية حسن هاني زاده، في مقال بعنوان "سوريا بعد سقوط الأسد" في صحيفة "آرمان ملي" في 9 ديسمبر أن "سوريا دخلت حلقة من عدم الاستقرار الأمني والمواجهة بين الطوائف، وذلك بعد مرور عام على السقوط المرير لحكومة بشار الأسد. إن الانهيار المفاجئ لنظام العلويين في سوريا ووصول شخص مطلوب من قبل المؤسسات الدولية إلى السلطة مؤشر على نفاق سياسي للأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة حول تعريف ظاهرة الإرهاب".

وأضاف: "لقد دفعت الحكومة (السورية) السابقة ثمن التزامها بالقضية الفلسطينية من خلال سقوط بشار الأسد المفاجئ والمأساوي. وتخلت غالبية الدول الصديقة للنظام السابق عن بشار الأسد إلا الجمهورية الإسلامية".

رويترز
خلال العرض العسكري السوري في الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد، دمشق 8 ديسمبر

وتابع حسن هاني زاده: "يمكن قراءة زيارة أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة وفرنسا بأنها محاولة غربية لإخراج سوريا من (محور المقاومة) وإعطاء مهمة المواجهة مع (حزب الله) اللبناني للحكومة السورية. بناء على هذه المعطيات يمكن القول إن مصير سوريا سيكون على غرار مصير السودان أو ليبيا وأن أحمد الشرع سيلقى نفس مصير الرئيس المصري السابق محمد مرسي بعد إنجاز المهام المطلوبة منه".

وتناولت صحيفة "شرق" في تقرير بعنوان "حصة إيران من الشام بعد الأسد" التطورات بعد سقوط بشار الأسد والعلاقات الإيرانية-السورية بعد الأسد، بقلم عبد الرحمن فتح اللهي، في عددها الصادر يوم 10 ديسمبر جاء فيه: "الانهيار السريع لبشار الأسد في ديسمبر 2024 هو نهاية الحقبة الأسدية ولكنه ليس نهاية الأزمة بل يمكن القول إن نهاية فترة حكم الأسد هي بداية لمرحلة أكثر تعقيدا من عدم الاستقرار".

یرى كثير من المراقبين أن 7 أكتوبر واستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق وعمليات "الوعد الصادق" الإيرانية ضد إسرائيل تطورات رئيسة أدت إلى تحول في موقف بشار الأسد تجاه إيران

صحيفة "شرق"

وأضاف التقرير أن "سوريا في مرحلة ما بعد الأسد تفتفر إلى هيكل منسجم لإعادة تعريف السلطة واحتواء التدخلات الخارجية مما يجعل الاستقرار فيها بعيد المنال. بغض النظر عن أزمات سوريا الداخلية، فتكتنف موقع إيران الإقليمي هالة من الإبهام. لم تقدم إيران بعد تقييما شفافا حول مكاسبها وخسائرها في فترة حكم الأسد وحجم الخداع الذي تعرضت له طهران من قبل أطراف إقليمية وغير إقليمية في 2024. وما زالت العلاقة بين إيران وحكومة أحمد الشرع المدعوم عربياً وتركياً وغربياً مبهمة. لذلك فإن إيران تواجه خيارا استراتيجيا من أجل إحياء نفوذها أو منع انحسارها أكثر في سوريا حيث يعتبر هذا التحدي هو الأكثر خطورة للسياسة الخارجية الإيرانية في الوقت الراهن".

وأضافت "شرق": "یرى الكثير من المراقبين أن السابع من أكتوبر واستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق وعمليات (الوعد الصادق) الإيرانية ضد إسرائيل تطورات رئيسة أدت إلى تحول في موقف بشار الأسد تجاه إيران. حيث حاول الأسد إقصاء العمود الإيراني الذي حافظت إيران عليه لفترة 13 عاما في سوريا واستبداله بالعمود العربي الغربي. وعندما لم ينجح الأسد في إقصاء العمود الإيراني واستبداله بالعمود العربي الغربي سقط نظامه في غضون 72 ساعة. هناك أسباب أخرى لسقوط الأسد منها الاقتصاد والظروف المعيشية وغياب الديمقراطية غير أن العامل الحاسم هو العامل الأول".

ويقول السفير الإيراني السابق لدى الكويت والأردن ولبنان، محمد إيراني، إن "المشكلة التي أدت إلى سقوط الأسد أعمق بكثير. قد يكون تخلي إيران عن الأسد أحد أسباب الانهيار ولكن لا يمكن تقليل حجم الأزمة إلى مستوى التدخل الخارجي. أعتقد أن بشار الأسد كان على علم بالأمور غير أن المشكلة الرئيسة هي التجاهل المزمن لمطالب المجتمع السوري منذ وصول آل الأسد وحزب (البعث) إلى السلطة في سوريا".

أضاف: "هناك تراكمات سياسية واجتماعية منها غياب الديمقراطية والجمود السياسي وتجاهل مطالب الشعب الرئيسة. هذه الأزمات تراكمت حتى وصلت إلى نقطة انفجار. ولعبت التدخلات الخارجية وتغيير موازين القوى الإقليمية دورا بارزا في سقوط الأسد. لقد ساهمت إسرائيل في زيادة عدم الاستقرار غير أن التحول القسري كان مصير سوريا المحتوم عاجلا أم آجلا وذلك بسبب النظام السياسي الاستبدادي وتراكم الاستياء العام وتجاهل السلطة الحاكمة لمطالب الشعب".

font change

مقالات ذات صلة