الحرب على غزة... غضب تراكمي والغزو البري يعمق الأزمة

حركة احتجاج قد تكون غير مسبوقة في التاريخ

أ.ف.ب
أ.ف.ب
دبابة إسرائيلية تراقب فلسطينيين أثناء نزوحهم باتجاه رفح

الحرب على غزة... غضب تراكمي والغزو البري يعمق الأزمة

تحرك أسطول من القوارب متجها نحو غزة، وعلى متنه الناشطة السويدية غريتا تونبرغ. وقد رافق مغادرتها من إسبانيا اهتمام إعلامي كثيف. ووردت أنباء من تونس عن تعرّض الأسطول لهجوم ثانٍ بمسيّرة. في الأيام الهادئة إخباريا، كان لمثل هذا الهجوم أن يتصدر العناوين.

من اللافت حقا كيف بات تسارع الأحداث يفوق القدرة على الاستيعاب. فخبر الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي بدا مفاجئا وغريبا، سرعان ما غطّى عليه خبر هجوم بمسيّرة روسية على بولندا، وبعدها بأيام يطل علينا رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو من قاعة محكمة خلال الإدلاء بشهادته في قضايا فساد متهم فيها ليعلن بدء غزو بري لمدينة غزة.

لم يحدث قط أن تحوّلت الوقائع الجارية إلى ماضٍ بهذه السرعة، فتغدو القصص الراهنة ماضيا بعيدا، وكأننا شهدنا الهجوم على قطر والغزو البري الإسرائيلي قبل أسبوع، لا قبل ساعات. هذه الوتيرة المحمومة تجعل مهمة التوثيق ضربا من العبث، إذ يغدو كل خبر كرسالة عابرة على هاتف العالم الذكي، تختفي في طرفة عين.

وهكذا، بات الهجوم على أسطول غريتا تونبرغ يتزاحم في فضاء الميديا مع تصريح دونالد توسك أمام البرلمان البولندي بأننا أقرب إلى اندلاع نزاع كبير من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية، ومع الكشف عن صداقة جمعت السفير البريطاني البارز بيتر ماندلسون بـ"صديقه المقرّب" جيفري إبستين.

وهو ينافس أيضا احتجاجا أمام أحد فنادق بارك لين في لندن، بالتزامن مع زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ منذ أيام، الذي كان حتى وقت قريب من مؤيدي حل الدولتين، ولكنه أعلن، في أعقاب هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أنه "لا وجود لمدنيين أبرياء في غزة"، في تصريح يشي بنوايا إبادة جماعية. ومنذ ذلك الحين، ترددت أصداء هذا التوصيف القاسي في أفعال وغضب كثير من مواطنيه.

ومع ذلك، فإن احتجاجا في بارك لين لن يشغل اهتمامنا طويلا، إذ باتت المظاهرات مشهدا مألوفا، ولعلّ القبائل المعزولة وحدها هي التي لم تسمع به. ففي مختلف أنحاء العالم اندلعت احتجاجات لا تُحصى، بعضها مؤيد للحكومة الإسرائيلية في حربها، وبعضها الآخر– وربما الأكثر– مناصر للفلسطينيين الذين يتلقّون الضربات المباشرة. وحتى داخل إسرائيل خرجت مظاهرات ضخمة ضد نتنياهو، بعضها أمام منزله. وعلى الرغم من تهديدات "حماس" للفلسطينيين بالتعذيب والإعدام، شهد قطاع غزة نفسه احتجاجات شعبية.

في أماكن أخرى، شهدت حرم الجامعات الأميركية، الحليف الأوثق لإسرائيل، احتجاجات لافتة. لكن بعيدا عن الأضواء، اندلعت مظاهرات في كل قارة، باستثناء القارة القطبية الجنوبية. ولا يمكن لمقال قصير أن يفي هذا الزخم العالمي حقه، الذي قد يحتاج إلى مجلد كامل.

قد يكون الانتشار الجغرافي الواسع للاحتجاجات المناهضة للحرب غير مسبوق في التاريخ

بل قد يكون الانتشار الجغرافي الواسع للاحتجاجات المناهضة للحرب غير مسبوق في التاريخ. إنها تجعل ثورات عام 1848 تبدو محدودة الطابع. وقد تباينت صيحات الشارع تبعا للمكان والزمان. وفي هذه العجالة، لا يسعنا سوى التوقف عند أمثلة مختارة تحمل دلالات خاصة في البلدان التي وقعت فيها. فالحرب لم تقسم الرأي العام فحسب، بل شوّهت نسيج مجتمعات بأكملها، متجاوزة مسرح القتال المباشر، وبذا ردّدت مأساة غزة صداها عبر أرجاء الكوكب.

فعلى سبيل المثال، حين أضرم آرون بوشنل، أحد أفراد القوات الجوية الأميركية، النار في جسده احتجاجا على سياسة بلاده في الشرق الأوسط، صرخ وهو يحترق: "فلسطين حرة"! ثم سمِّي أحد شوارع مدينة أريحا الفلسطينية باسمه، ولكن ذلك الحدث لم يحظ بالمستوى نفسه من الاهتمام. ومع ذلك، ربما عاشت هذه اللفتة الرمزية، كارتداد لحادثة صادمة، أبعد من ذكرى فعل الانتحار المروّع نفسه. فالاحتجاج، بطبيعته، عابر.

أ.ف.ب
الناشطة السويدية غريتا تونبرغ بعد وصولها تونس

فمن يتذكر مثلا كيف انتقدت تظاهرة تضامنية مع الرهائن في تل أبيب يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول أداء الحكومة في إدارة الحرب؟ أو كيف هدّد مفوض الشرطة كوبي شبتاي، بعد تظاهرة مؤيدة لغزة في حيفا، بنقل المحتجين المناهضين للحرب إلى القطاع في حافلات؟

ومن لاحظ، أو حتى علم حينها، أن مجموعة صغيرة من الأطفال في رفح نظموا احتجاجا استباقيا قبيل الهجوم المرتقب على المدينة في فبراير/شباط 2024، حاملين لافتات بالإنجليزية كتب عليها عبارات "نرفض الموت" و"أنقذونا من هذه الإبادة"، أو أن أطفالا آخرين في رفح رفعوا لافتة تندد بالمجاعة كتب عليها: "أوقفوا موتنا اليومي".

ومن، حتى في المكسيك، يتذكر آلاف المتظاهرين الذين ساروا في مكسيكو سيتي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وهم يهتفون: "اقطعوا، اقطعوا العلاقات مع إسرائيل"، و"ليست حربا، إنها إبادة جماعية"، أو يتذكر مشهد المتظاهرين في يناير يضربون دمى البينياتا التي تحمل وجهي جو بايدن وبنيامين نتنياهو؟

ومَن خارج بنغلاديش، التفت إلى أن البلاد شهدت في 12 أبريل/نيسان 2024 أكبر مظاهرة مؤيدة لفلسطين في تاريخها، شارك فيها أكثر من مليون شخص في ساحة سهروردي في دكا؟

أو لم تخرج في المغرب مظاهرات في طنجة يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تطالب بإنهاء التطبيع مع إسرائيل؟ وتكرر المشهد في الدار البيضاء يوم 26 من الشهر نفسه. وفي فبراير 2024، رفع المحتجون لافتات تصف التطبيع بالخيانة. ثم شهدت مدن فاس ومكناس والقنيطرة وأغادير وبركان وجدة وجرادة احتجاجات مماثلة.

وفي الصين، أجرت وسائل الإعلام مقابلات مع طلاب أنهوا للتو امتحان "الغاوكاو" الوطني للقبول الجامعي لعام 2024. وقد عبّر بعضهم عن تضامنهم مع فلسطين، وظهرت في مقاطع مصورة نُشرت على الإنترنت لقطات لطلاب يرفعون العلم الفلسطيني أو يرددون عبارة: "من النهر إلى البحر، ستتحرر فلسطين". ومع حلول اليوم الأخير من الامتحان، أُزيلت الكثير من هذه المقاطع من الحسابات الأصلية، غير أن النسخ التي أعاد أفراد نشرها بقيت متاحة ولم تُحذف.

في إندونيسيا، شارك أكثر من مليوني شخص في مظاهرة مؤيدة لفلسطين نظّمها "التحالف الشعبي الإندونيسي للدفاع عن فلسطين" في الخامس من نوفمبر. وفي نيبال، شهد يوم 10 أكتوبر 2023 مظاهرة أمام مكتب رئيس الوزراء، طالب فيها المحتجون بإجلاء المواطنين النيباليين من إسرائيل. وفي 30 أكتوبر، تجمّع متظاهرون في ساحة باتان دوربار في كاتماندو مطالبين بوقف إطلاق النار، ورفعوا لافتات كتب عليها: "الشعوب الأصلية في نيبال مع فلسطين" و"تضامن الجنوب مع الجنوب".

وفي تايوان، خرجت مظاهرات مؤيدة لكل من إسرائيل وفلسطين منذ اندلاع الحرب. وفي إحدى المناسبات، سار المتظاهرون إلى وزارة الخارجية مطالبين الحكومة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات، وإصدار بيان رسمي يدين أفعال إسرائيل ويدعو إلى إنهاء جميع أشكال التعاون معها، بما في ذلك وقف تزويدها بالتقنيات والمعدات.

ونُظّمت في البوسنة والهرسك، في 7 يوليو/تموز 2024، مظاهرة في مدينة موستار للتنديد بالإبادة الجماعية في غزة، حيث علّق المتظاهرون العلم الفلسطيني على جسر "ستاري موست" التاريخي.

أما في فرنسا، ففرض وزير الداخلية الفرنسي حظرا على المظاهرات المؤيدة لفلسطين مبررا ذلك باحتمال "الإخلال بالنظام العام". وجاء ذلك ردا على دعوة خالد مشعل، القائد السابق في حركة "حماس"، إلى تنظيم مظاهرات عالمية دعما لفلسطين في "يوم الغضب" يوم الجمعة 13 أكتوبر 2023. ولكن "مجلس ممثلي المؤسسات اليهودية في فرنسا" تمكن من تنظيم مظاهرة مؤيدة لإسرائيل في اليوم ذاته. وعقب حظر المظاهرة المؤيدة للفلسطينيين، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابا متلفزا للأمة دعا فيه المسلمين واليهود في فرنسا إلى ضبط النفس وعدم نقل الصراع إلى الداخل الفرنسي.

وفي ألمانيا أيضا، منعت السلطات تنظيم مظاهرة مؤيدة لفلسطين في برلين، ولكن القرار لم يمنع اندلاع مظاهرات عفوية في أنحاء مختلفة من البلاد احتجاجا على قصف غزة، سوى أن الشرطة فرقتها بالقوة. كما فرضت السلطات حظرا على جمع التبرعات ورفع العلم الفلسطيني وارتداء الكوفية الفلسطينية.

وفي 22 أكتوبر، نُظمت عند بوابة براندنبورغ في برلين، مظاهرة مؤيدة لإسرائيل، شارك فيها الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، إلى جانب ممثلين عن الجمعية الألمانية الإسرائيلية، وغالبية الأحزاب السياسية الكبرى، ومجلس الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا، ومؤتمر الأساقفة الألمان، والمجلس المركزي لليهود في ألمانيا، واتحاد الصناعات الألمانية، والاتحاد الألماني للنقابات العمالية، والسفير الإسرائيلي. وفي وقت لاحق، وصف متظاهرون مؤيدون لفلسطين في حي نويكولن في برلين تعامل الشرطة معهم بأنه "صادم وعنيف".

وفي اليونان، تظاهر أكثر من 300 شخص في جزيرة سيروس، في 22 يوليو 2025، احتجاجا على رسو السفينة السياحية "إم إس كراون آيريس" التابعة لشركة "مانو مارايتايم" الإسرائيلية، وأعيد توجيه السفينة التي كانت تقل أكثر من 1600 راكب لاحقا إلى قبرص بسبب "مخاوف أمنية".

ورُفع علم فلسطيني طويل على برج بيزا المائل في إيطاليا، خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين جرت في 17 نوفمبر 2023. وفي 5 يونيو/حزيران 2024، علّق البرلماني الإيطالي السابق ستيفانو أبوزو علما فلسطينيا بطول 15 مترا فوق كاتدرائية ميلانو، بينما تحولت مظاهرة مؤيدة لفلسطين، في 5 أكتوبر 2024، إلى اشتباكات عنيفة مع الشرطة المحلية، ما أسفر عن إصابة 37 شخصا. وردد المتظاهرون هتافات مثل "فلسطين حرة"، "إسرائيل مجرمة"، و"الانتفاضة الآن".

وفي هولندا، أطلقت حملة إعلانية، خلال يناير/كانون الثاني 2024، تضمنت لوحات عامة تحمل رسائل عن الحرب، منها: "كل عشر دقائق يموت طفل فلسطيني". وفي 13 يناير، نظمت مؤسسة "ازرع شجرة زيتون" مظاهرة في أمستردام لتكريم أطفال غزة الذين قُتلوا، حيث وُضع نحو 10 آلاف زوج من أحذية الأطفال في ساحة دام، يمثل كل زوج طفلا فلسطينيا فقد حياته في الغارات الإسرائيلية.

وخلال زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للمتحف الوطني للهولوكوست، هتف متظاهرون في ساحة مجاورة بشعار "لن يتكرر مرة أخرى الآن"، ورفعوا لافتات كتب عليها "يهود ضد الإبادة الجماعية"

وخلال زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للمتحف الوطني للهولوكوست، هتف متظاهرون في ساحة مجاورة بشعار "لن يتكرر مرة أخرى الآن"، ورفعوا لافتات كتب عليها "يهود ضد الإبادة الجماعية". وفي وقت لاحق، سار أكثر من 100 ألف شخص في شوارع لاهاي مرتدين ملابس حمراء، مطالبين بلادهم برسم "خط أحمر" ضد الحصار الإسرائيلي.

كما شهدت أمستردام واقعة مثيرة للجدل خلال زيارة مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم في 7 نوفمبر 2024، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بينهم وبين السكان المحليين بعد تصويرهم وهم يهتفون بشعارات معادية للفلسطينيين والعرب، ويمزقون أعلام فلسطين المعلقة على المنازل، ويعتدون على سائقي سيارات أجرة مغاربة. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من المعلقين الإسرائيليين الهجمات على المشجعين بأنها معادية للسامية، وشبهوها بمجزرة. وقد وافق رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف وعمدة أمستردام فيمكه هالسيما على فرض حظر لمدة ثلاثة أيام على المظاهرات في المدينة. في المقابل، وصفت السلطات المحلية تصرفات مشجعي مكابي تل أبيب بأنها "هوليغانية عنصرية".

رويترز
متظاهرون في باريس يدهسون صورة لنتنياهو مكتوب عليها "مطلوب للعدالة"

في بريطانيا، شهدت لندن وعدد من المدن الأخرى مسيرات مؤيدة لفلسطين جرت في معظمها بشكل سلمي. غير أنّ المشهد تعقّد بعد قرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر تصنيف إحدى المنظمات المؤيدة لفلسطين كمنظمة إرهابية. ففي 20 يونيو/حزيران 2025، اقتحم ناشطون من جماعة "باليستاين أكشن" قاعدة سلاح الجو الملكي في برايز نورتون بمقاطعة أوكسفوردشاير، حيث ألحقوا أضرارا بطائرتين من طراز "فوياجر" مستخدمين قضبانا حديدية، كما رشوا الطلاء الأحمر على الطائرات ومدرج القاعدة بواسطة مطفأة حريق معدلة، قبل أن يتم توقيفهم. ولم تُسجّل أي إصابات.

وفي بريطانيا، أثار الغموض الذي أحاط بقرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر تصنيف منظمة مؤيدة لفلسطين ضمن قائمة واحدة مع تنظيمي "داعش" و"القاعدة" سلسلة من الأحداث العبثية. فقد اعتُقل المئات لمجرد حملهم لافتات تدعم "باليستاين أكشن" وتندد بقمع حقهم في التظاهر. كان معظم هؤلاء من كبار السن، وبعضهم من ذوي الإعاقة. وللتعامل مع الشرطة، لجأوا إلى أسلوب "الانهيار الإرادي" بترك أجسادهم مرتخية، ما اضطر عناصر شرطة العاصمة إلى حملهم حرفيا ليبعدوهم عن موقع الاحتجاج. كما رفضوا الإدلاء ببياناتهم الشخصية، الأمر الذي حال دون الإفراج عنهم في المكان وأجبر الشرطة على نقلهم جماعيا إلى مراكز الاحتجاز.

وبما أن لافتاتهم تُعتبر جريمة إرهابية بموجب القانون، فإنهم يواجهون احتمال السجن لمدة تصل إلى أربعة عشر عاما، في وقت لا تزال فيه المحاكم غارقة في تراكم القضايا منذ جائحة كوفيد، فيما تعاني السجون من اكتظاظ شديد أدى إلى الإفراج المبكر عن بعض مرتكبي الجنح البسيطة.

بما أن لافتاتهم تُعتبر جريمة إرهابية بموجب القانون، فإنهم يواجهون احتمال السجن لمدة تصل إلى أربعة عشر عاما، في وقت لا تزال فيه المحاكم غارقة في تراكم القضايا منذ جائحة كوفيد

ويبدو أن هذه المهزلة مرشحة للاستمرار، لكن لا شيء يدوم. فمع استقالة نائب رئيس الوزراء، أُجري تعديل وزاري نُقلت بموجبه كوبر إلى وزارة الخارجية، وحلّت محلها شابانا محمود، المعروفة بنهجها الصارم خلال توليها وزارة العدل. غير أنها أيضا مسلمة، وكانت قبل أقل من عقد قد شاركت في احتجاج سلمي أمام أحد فروع سلسلة "سينسبريز" رفضا لبيع منتجات من الضفة الغربية المحتلة.

ومن المرجح أن تستمر أحداث غزة في إحداث صدى عالمي، مع انعكاسات مباشرة في بريطانيا حيث يُتوقع مزيد من التضييق على الحريات المدنية، بما في ذلك حقوق المتقاعدين الغاضبين. إنه المشهد البريطاني المعتاد الذي يمزج بين العبث الكافكاوي وكوميديا الملاهي الشعبية. وربما، وعلى عكس الاحتجاجات العارضة، سيكون لهذه الحركة أثر دائم في إعادة تشكيل حقوق المواطنين الساخطين.

أ.ف.ب
متظاهرة تحمل لافتة كُتب عليها "الحرية قادمة" وتصور العلم الفلسطيني خلال مظاهرة خارج بوابات داونينج ستريت، في وسط لندن، في 25 يوليو

أما بالنسبة لقافلة "الصمود العالمي" المتجهة نحو عين العاصفة، فالأمر أقل طرافة بكثير. فليست هذه أول محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة. فقد قُتل أشخاص في محاولات سابقة. وفي آخر مرة، رافقت غريتا تونبرغ شحنة من المساعدات الغذائية والطبية، لكنها اعتُقلت. ووصفها وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأنها "معادية للسامية"، وأمر بعرض فيلم دعائي على طاقمها بعنوان "شهادة على مجزرة السابع من أكتوبر". ولكن الطاقم رفض مشاهدة الفيلم.

كان كاتس يرغب في توثيق المحتجين وهم يُجبرون على مشاهدة الفيلم الدعائي، غير أن خطته أُحبطت من جانب كل من وزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء. ومع ذلك، لم تنأَ وزارة الخارجية بنفسها عن توصيف كاتس، بل قللت من شأن السفينة ووصفتها بأنها مجرد "يخت سيلفي للمشاهير"، واعتبرت الرحلة استعراضا دعائيا، وأيّدت صراحة اتهام كاتس لغريتا تونبرغ بأنها "معادية للسامية".

font change

مقالات ذات صلة