تنتمي الروائية البحرينية ليلى المطوع إلى جيل جديد من الأصوات السردية في الخليج العربي، جيل يكتب ذاكرة المكان ويتناول الجوانب المهمشة، مغامرا بتفكيك البنى التقليدية للرواية عبر لغة مشبعة بالشعر والرمز، وقادرة على جعل القارئ شريكا في الغوص والتأمل معا.
صدر لها عملان روائيان، هما: "قلبي ليس للبيع" (2012)، و"المنسيون بين ماءين" (2024). وفي عملها الأخير هذا الصادر عن "دار رشم" بالرياض، تنسج المطوع سردا مائيا يتقاطع فيه البحر مع الهوية، والذاكرة مع الغياب، والأسطورة مع الواقع، لتعيد تشكيل سؤال الانتماء في جزيرة كتبت عليها الأساطير أن تعود يوما إلى الماء. في هذا الحوار، نتطرق مع الكاتبة إلى علاقتها بالبحر بوصفه ندبة وذاكرة، وإلى حضور المنسيين في كتابتها، فضلا عن البناء الروائي وخصوصية الشخصيات في أعمالها.
بين ذاكرة البحر ومرايا الداخل، نسجت عالما غامضا وموجوعا، من هم "المنسيون" حقا؟ أناس في الرواية أم استعارة عن طبقات أعمق في الحياة والهوية؟
التغيرات في العالم ككل، وسرعة هذه التحولات، أصعب من قدرتنا على التأقلم، كل الأشياء من حولنا تتغير وتتبدل، وهذا عنف يقع على النفس، وحين تنسى الأمكنة بهذا الشكل وتجرف، لا يعرف الإنسان أرضه ولا هويته. المنسيون هم الذين التهمتهم الذاكرة الجمعية، أكانت ذاكرة الحكاية أم ذاكرة الأرض والبحر، هم الذين طواهم الزمن: سليمة التي تنتمي إلى مقاليت النساء، والتي ذكرها طرفة بن العبد في بيت شعر طواه الزمن والنسيان، لكن الشعر وتداوله على الألسنة كان خلودا لهما:
لا تلمني إنها من نسوة
رقد الصيف مقاليت نزر
أما إيا ناصر وغيره ممن دفنوا في مقبرة جماعية، فنحن نمر عليها في الجزيرة، ولا نتذكر أن هنا وقعت مجزرة، وأن أهل هذه الجزيرة، ما بين مد وجزر، كانوا يرتحلون ويتعرضون للغزوات والآفات. من يذكر عين الماء التي تدافع عن نفسها؟ الطبيعة ليست صامتة، لها لغتها الخاصة، نلمحها في رطوبة جدران المنازل، فبيوتنا مهما رممناها تتسلل اليها رطوبة من داخل الأرض، لتحاربنا العين التي دفناها، نحن من استولينا على مكانها، فناء الشيء واختفاؤه من أمام أعيننا لا يعني انتهاؤه، إنه يدافع عن وجوده بطريقته الخاصة، فالمنسيون تجدهم في كل مكان في الجزيرة: بشر، كائنات، ماء، وتراب.