تشق المرأة السعودية طريقها نحو المشاركة الفاعلة في بناء الوطن، محققة قفزات تجعلها ركيزة أساسية في تحقيق "رؤية السعودية 2030".
لم تكن رحلة التمكين وليدة لحظة عادية، بل جاءت نتيجة استراتيجية متدرجة ومتوازنة تهدف لإشراك الكفاءات النسائية في دفع عجلة التنمية والتحول الوطني الشامل، وتجلت هذه الرحلة في محطات فارقة، بدءا من تمثيل المرأة في مجلس الشورى عام 2013، وصولا إلى تعيينها في مناصب دبلوماسية رفيعة، كسفيرات في أبرز العواصم العالمية مثل الأميرة ريما بنت بندر.
برزت نماذج نسائية لامعة كان لها أثر واضح في تشكيل ملامح هذه الرحلة، منهن الدكتورة حنان الأحمدي، التي أصبحت أول امرأة تُعيّن مساعدا لرئيس مجلس الشورى، والدكتورة ثريا عبيد، التي حملت معها خبرات أممية واسعة. كما لم تكن رائدة الفضاء ريانة برناوي مجرد اسم في قائمة إنجازات المملكة، بل كانت رمزا يختزل طموحا أكبر يضع المرأة في صدارة المشاريع الوطنية الكبرى، مثل برنامج الفضاء السعودي.
إصلاحات لتمهيد طريق المشاركة
كانت الإصلاحات التشريعية حجر الزاوية في تمكين المرأة، حيث شملت إلغاء قيود نظام الولاية، وتعديلات جوهرية في قوانين العمل والجنسية والسفر، مما يمنح المرأة دورا أوسع ويمهد الطريق لمشاركتها الاقتصادية. كما فتحت قطاعات كانت حكرا على الرجال، مثل القوات المسلحة، أبوابها للكفاءات النسائية، في خطوة تهدف إلى إدماج المرأة في كل مجالات التنمية، وصولا إلى تطبيق قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في 24 يونيو/حزيران 2018.
لا تنفصل هذه التحولات عن الضرورة الاقتصادية التي تُعد دافعا رئيسا لـ"رؤية 2030"، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. وتجاوزت مشاركة المرأة في سوق العمل النسبة المستهدفة لها بشكل مبكر، حيث قفزت إلى 35.9 في المئة عام 2022، مما يعكس نجاح السياسات المتبعة في تعبئة طاقات نصف المجتمع.
في يناير/كانون الثاني 2013، صدر أمر ملكي سعودي بتعديل المادة الثالثة من نظام مجلس الشورى، لينص على أن لا يقل تمثيل المرأة عن 20 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددهم 150 عضوا، نتج عن هذا القرار تعيين 30 سيدة في المجلس لأول مرة في تاريخ المملكة.