في مشروعها "عين النمرة"، تستقبلنا المصورة الفوتوغرافية المصرية هبة خليفة بصورة شخصية تعود إلى تسعينات القرن الماضي، لشابة محجبة تحمل وجهين، أحدهما في وضعه الطبيعي ينظر إلينا، والآخر في وضع مقلوب، يصر أيضا على التحديق فينا. نقطة الارتكاز في الوجهين المتلاحمين، هي العينان. تتكرران، تحاولان مقاومة أثر التشوه، لكنهما تظلان مشوهتين. وحده ظل الشابة على الحائط خلفها، يفرض حضوره القاتم والمتماسك.
في الصورة التالية مباشرة، تعطينا خليفة عتبة نصها الفوتوغرافي: كنبة بلدي مصغرة، كأنها مثبتة على الحائط، تتناثر حولها وعليها مسامير معدنية صغيرة، نتخيل أن القعود عليها أو مجرد الاتكاء، مهمة شاقة وأليمة. إنه عالم البيت الذي كبرت فيه الشابة الأولى. يذكرنا نحن النساء، بأن كل قسوة لحقت بنا في الخارج، حدثت أولا في البيت.
كتاب "عين النمرة" الذي صدر أخيرا في القاهرة، عن "وزيز للنشر والتوزيع"، يتضمن أيضا نصا مكتوبا بالعامية. إنه يرافق القراء، "فقط إذا رغبوا في قراءته"، كما تقول المصورة وكاتبة النص، ويسمح بتخيل المزيد حول عوالم الصور التي نطالعها.
يأخذنا "عين النمرة" في زيارة عكسية إلى عالم المصورة، الواقفة وراء العدسة لا أمامها. إلى لحظات متباينة من تاريخ عائلتها، إنما أيضا من تاريخ مدينة القاهرة، تاريخها الشخصي والإنساني ربما. في صورة أخرى لافتة، باستخدام الكولاج، تستلقي هبة خليفة متعبة فوق سطوح بعض بيوت القاهرة القديمة، سارحة في زاوية من السماء الضيقة.