ومنح "مهرجان كان السينمائي" سعفته الذهبية لعام 2025 للمخرج الإيراني جعفر بناهي عن فيلمه الجدلي "مجرد حادث" الذي يطرح سؤالا حول موقع التعذيب في إنتاج الواقع السياسي والاجتماعي والنفسي وهل يحول ضحاياه إلى سيكوباتيين منتقمين لا يعرفون الرحمة والتعاطف.
ونال جيم جارموش جائزة الأسد الذهبي من مهرجان البندقية السينمائي عن فيلمه "أب وأم وأخت وأخ" Father Mother Sister Brother، وهو عمل من ثلاثة أجزاء يتناول العلاقات المأزومة بين الآباء والأبناء الذين بلغوا سن الرشد ويقدم العائلة بشكل كوميدي على أنها مصدر تشكل الأحكام والحساسيات.
وعكست المهرجانات العربية هذا المزاج العالمي، فقد توج مهرجان القاهرة السينمائي الدولي دورته الأخيرة فيلم "اليعسوب" Dragonfly بالهرم الذهبي للمخرج أندرو ويليامز، وهو عمل تقوده ممثلتان (أندريا ريزبورو وبريندا بليثن) ويسرد حكاية عن العزلة وإعادة إنتاج الحياة بعد أزمة شخصية، كما يعالج علاقة الماضي بالحاضر.
وحرص مهرجان البحر الأحمر في جدة في دورته لعام 2025 على إبراز أفلام تتميّز بالجرأة والابتكار، من بينها "رائحة أبي" My Father's Scent لمحمد سيّام، و"مسألة حياة أو موت" A Matter of Life and Death" لأنس با تحف، و"هجرة" لشهد أمين. تشترك هذه الأعمال في الانشغال بأسئلة العائلة والجسد والتحول الداخلي، بينما يذهب "هجرة" بشكل خاص إلى ثيمات الرحلة والهجرة الروحية والذاكرة في مواجهة بنى اجتماعية محكمة.
واحتضنت بيروت، على الرغم من الظروف القاسية وأجواء الحرب والاغتيالات وتردي الوضع الاقتصادي، مجموعة من النشاطات السينمائية البارزة:
مهرجان بيروت الدولي للأفلام القصيرة Beirut Shorts International Film Festival، المؤهّل للأوسكار، قدم في دورته التاسعة عشرة صورة عن بيروت تستعيد الألوان ببطء. وعرّف المهرجان نفسه كـ"طريق مختصر إلى الأوسكار" Shortcut to the Oscars، أي بوابة من بيروت إلى العالم عبر الفيلم القصير.
وتبنى مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة (BWFF) في دورته لعام 2025 ثيمة "نساء من اجل القيادة" Women for Leadership، تجمع بين البعد الشعري والسياسي عبر ربط سرديات المرأة بأسئلة السلطة والتحوّل والقدرة على الفعل. وقدّم خطابه الافتتاحي مقاربة تُبرز موقع النساء في زمن الحرب والتهجير والانهيار الاقتصادي، مظهرا إصرارهن على توظيف إمكاناتهن لتجاوز واقع الالم وصوغ مسارات جديدة للحياة.
ورفع مهرجان بيروت لأفلام الفن Beirut Art Film Festival (BAFF) في دورته الحادية عشرة لعام 2025 شعار "مهرجان من أجل الانسانية" Festival for Humanity، وقدّم، إلى جانب برامجه المركزية في بيروت، مبادرة "متحدون في التراث" United in Heritage، وهي سلسلة عروض لأفلام عن الفن والتراث تمتد على مدى ستة اشهر في مراكز ثقافية موزعة بين بيروت والبقاع والجنوب والشمال.
الجوائز الأدبية والإنتاج الغنائي
أدبيا، يمكن قراءة مزاج 2025 من خلال الجوائز الكبرى والكتب التي أثارت نقاشا واسعا.
ذهبت نوبل الآداب إلى الكاتب المجري لازلو كراسنهوركاي، الذي رصدت رواياته على مدى عقود عالما يحاذي الانهيار والكارثة، إذ تصور رواياته التي استلهم منها المخرج الشهير بيلا تار فيلمه "تانغو الشيطان" الذي يحمل عنوان رواية الكاتب الفائز، مشهديات كابوسية من القرى المهملة والمدن المفتقدة للحياة والشخصيات التي تتأرجح بين الجنون والأوهام الخلاصية.
عربيا فازت رواية "دعاء القلق" للمصري محمد سمير ندا بالجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر العربية). تدور أحداثها في قرية معزولة عام 1977، في جو تختلط فيه السياسة بالفانتازيا والأسطورة، ويتحول الدعاء نفسه إلى حامل لبنية قلق وجودي في مواجهة القمع. تفتح الرواية أرشيفا موازيا للتاريخ الرسمي، وتدرج الخوف الفردي في آليات عمل تحليل السلطة العسكرية.
وتابع الكاتب اللبناني الأميركي ربيع علم الدين مشروعه الأدبي من خلال روايات تتناول الكوارث بأسلوب ساخر وتحلل علاقات الجسد والحرب والمنفى. روايته "القصة الحقيقية الحقيقية لرجا الساذج وأمه" التي ترصد كيف تنظر الأجيال المختلفة إلى العالم، فازت بجائزة الكتاب الوطنية الأميركية لعام 2025.
ومنح الكاتب المجري-البريطاني ديفيد زالاي جائزة البوكر العالمية لعام 2025 عن روايته "جسد" التي تقارب موضوع الجسد كتجربة مادية مباشرة تشكل جوهر الوجود الإنساني وتحمل معالم الشخصية وترسم ملامح البنية النفسية والعاطفية بشكل كامل وحاسم.