"المقاطعة الثقافية" وسياسة الكيل بمكيالين بين حرب أوكرانيا وإبادة غزة

تهمة "معاداة السامية" الجاهزة حين يتعلق الأمر بإسرائيل

AFP
AFP
النسخة الألمانية من رواية "تفصيل ثانوي" للكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي في معرض فرانكفورت للكتاب، 19 أكتوبر 2023

"المقاطعة الثقافية" وسياسة الكيل بمكيالين بين حرب أوكرانيا وإبادة غزة

أصبحت العقوبات "الثقافية" من الأدوات التي تستخدمها الأنظمة السياسية في إدارة صراعاتها وحروبها الساخنة والباردة، إن كان على شكل حظر أو منع أو مقاطعة محددة الأجل أو تقييد وغيرها. ودائما ما يتوافر حدث راهن يثير سجالا تنشغل به وسائل الإعلام بأنواعها، فيعيد إلى الأذهان أحداثا مشابهة ويستدعي قرائن عن مواقف بعض الأنظمة، كثير منها يكون متناقضا بحسب الظرف التاريخي، وأحيانا تظهر مدى قدرة السياسة على الكيل بمكيالين، وربما أكثر.

آخر هذه الأحداث كان إلغاء منظمي "مهرجان فلاندر"، وهو حدث موسيقي سنوي يقام في غينت، بلجيكا، عرض أوركسترا فيلهارمونيا من ميونيخ، يقوده المايسترو الإسرائيلي لاهاف شاني، يوم الأربعاء 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، مشيرين إلى "الوضع غير الإنساني الحالي" في غزة، مؤكدين أن "هذا يؤدي أيضا إلى ردود فعل عاطفية في مجتمعنا".

اعتبر المنظمون أن إقامة الحفل "غير مرغوب فيه"، كما رأوا أن قائد الأوركسترا، على الرغم من دعوته إلى "السلام والتهدئة"، لم يوضح "بما فيه الكفاية" موقفه تجاه "النظام الإبادي" الإسرائيلي. دافع المنظمون عن قرارهم بالقول إن شاني، قائد الأوركسترا الفيلهارمونية الإسرائيلية، يتحرك في "منطقة رمادية". ولم يتضح "أين يقف في هذا الصراع"، كما أكد مجلس المهرجان أن لا علاقة للقرار بآراء شاني الشخصية أو حتى هويته اليهودية، بل يتعلق حصريا بوظيفته كقائد للأوركسترا الفيلهارمونية الإسرائيلية، المؤسسة التي لم يكن موقفها مفارقا لموقف الحكومة بشكل واضح، "والإبادة الجماعية لا تترك أي مجال للغموض من وجهة نظرنا"، كما قال جان فان دن بوسش، المدير الفني للمهرجان، بحسب عدد من الصحف والمواقع الألمانية.

بين بلجيكا وألمانيا

كان سبق ذلك إعلان بلجيكا، بعد مناقشات طويلة داخل الائتلاف الحكومي، أنها ستفرض "عقوبات صارمة" ضد إسرائيل بسبب الوضع الإنساني في قطاع غزة وستعترف بدولة فلسطينية. لكن بالنسبة إلى إلغاء عرض أوركسترا شاني، فإن موقف الحكومة كان منددا، فقد انتقد قرار المهرجان بشدة من قبل رئيس الوزراء الفيديرالي، بارتي دي ويفر الذي عد القرار "غير مسؤول". ورئيس وزراء المنطقة الفلمنكية أيضا، ماتياس ديبندائيل. كتب رئيس الوزراء على منصة "إكس": "إن قرار المهرجان وصف بشكل صحيح بأنه معاد للسامية وبأنه ألحق ضررا بالغا بسمعة بلجيكا".

أثار إلغاء الدعوة ردود فعل حادة في ألمانيا، فقد اتهم المهرجان البلجيكي بمعاداة السامية وأنهت السفارة الألمانية في بلجيكا تعاونها مع المهرجان، وعبر وزير الثقافة فولفرام فايمر عن رأيه بهذا القرار بقوله إنه "عار على أوروبا"، بينما وصف وزير الثقافة البافاري ماركوس بلوم ذلك بأنه "فضيحة". ووجه عازف البيانو الشهير إيغور ليفيت اتهاما للمهرجان بـ"معاداة السامية الكلاسيكية المقززة"، بحسب موقع "شبيغل".

وقال السفير الإسرائيلي في ألمانيا، رون بروسور، لصحف "مجموعة فنكه" الإعلامية: "الموسيقيون والزوار والرعاة في المهرجان يأتون من جميع أنحاء العالم. لكن يستبعد قائد الأوركسترا من إسرائيل - هذه هي معاداة السامية الصريحة". وأكد أنه أصبح واضحا أن "اليهود غير مرحب بهم هناك"، ووجه اتهاما للمنظمين "بالهجوم العلني على حرية الفن" الذي أخفي تحت "عباءة نقد إسرائيل".

أصبح بعض الفنانين الروس غير مرغوب فيهم في دار الأوبرا الفرنسية أو "كارنيغي هول" في نيويورك، كما استبعدت روسيا من مسابقة "يوروفيجن" وألغيت عروض باليه "بولشوي"

وردا على قرار الإلغاء، وجهت الدعوة سريعا الى الأوركسترا بقيادة لاهاف شاني لتقديم عرض في مهرجان برلين للموسيقى، كمبادرة مشتركة من مهرجانات برلين ومؤسسة فيلهارمونيك برلين بالتعاون مع قاعة الحفلات في برلين، بهدف إظهار "قوة الفن الموحدة، والقيم الأساسية لمجتمعاتنا الديمقراطية في أوروبا، ضد معاداة السامية، والتمييز، ومقاطعة الفن والعلم"، كما ورد في البيان.

Reuters
القائد الإسرائيلي لاهف شاني يتلقى تصفيق الجمهور بعد أداء مع أوركسترا ميونيخ الفيلهارمونية في قاعة كونسرتهاوس ببرلين، 15 سبتمبر 2025

الكيل بمكيالين

عبارة "القيم الأساسية لمجتمعاتنا الديمقراطية في أوروبا"، تثير أسئلة حول موقف معظم الدول الأوروبية منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والإجراءات التي اتبعت من دون تأخير، ولا تزال إلى اليوم، في المجالات الثقافية والفنية عموما، وشكلت حزمة خاصة من العقوبات، ربما أوسع من العقوبات الاقتصادية. أصبح بعض الفنانين الروس غير مرغوب فيهم في دار الأوبرا الفرنسية في باريس أو "كارنيغي هول" في نيويورك. كما استبعدت روسيا من مسابقة "يوروفيجن" وألغيت عروض باليه "بولشوي" الذي يعد رمزا مهما للقوة الناعمة للاتحاد السوفياتي ثم لروسيا، في لندن ومدريد.

كذلك في عالم الموسيقى الكلاسيكية، أقصي سريعا بعض الفنانين الروس، من بينهم قائد الأوركسترا فاليري غيرغييف، وعازف البيانو دينيس ماتسوييف، والمغنية السوبرانو آنا نيتريبكو، الذين كانوا من بين أوائل النجوم الكبار الذين ألغيت عروضهم بشكل جماعي في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، بحجة أن "هؤلاء الفنانين لديهم مواقف تتعارض مع قيم المؤسسات الثقافية التي تستضيفهم".

الأمر نفسه يتكرر بالحجة ذاتها، فبعد إلغاء حضور "أوركسترا ماريينسكي" (من سانت بطرسبورغ)، أشار مدير قاعة باريس الفيلهارمونية أوليفييه مانتي الى أنه سيفعل "الشيء نفسه مع فنانين آخرين كانوا في الماضي مؤيدين للسلطة الروسية الحالية دون أن ينفوا ذلك منذ ذلك الحين".

Reuters
راقصو فرقة البولشوي خلال الحفل الختامي لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، 23 فبراير 2014

فهل تختلف هذه الحجة عن الحجة التي قدمها منظمو "مهرجان غينت" في بلجيكا حول إلغاء عرض الأوركسترا بقيادة المايسترو شاني؟

أما وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة روزالين باشلو، عندما سألتها وكالة "فرانس برس" على هامش عرض أسبوع اللغة الفرنسية والفرنكفونية، فقد أوضحت شروط الإلغاءات في فرنسا. "لقد طلبت أن تلغى أو تؤجل الفعاليات التي تنظمها: أولا، المؤسسات الثقافية الروسية الرسمية، وثانيا، الفنانون الذين اتخذوا موقفا واضحا لصالح نظام السيد بوتين منذ فترة طويلة".

في سلوفاكيا، ألغت الأوركسترا الوطنية من برنامجها مقطوعة ألكسندر نيفسكي  لبركوفييف. وفي أوبرا وارسو (بولندا)، ألغي العمل الروسي "بوريس غودونوف" لموسورغسكي. بينما ألغت الأوركسترا السمفونية في زغرب (كرواتيا) عرض عملين لتشايكوفسكي.

يمكن استحضار أمثلة كثيرة عن ممارسات وأفعال تكررت في معظم الدول الأوروبية، وفي الولايات المتحدة، ولا تزال إلى اليوم تتكرر، بعد اندلاع هذه الحرب، مواكبة للتطورات السياسية ومسار الحرب.

أليست حرب غزة الوحشية "معاداة للإنسانية؟"، أم أن "معاداة السامية" هي القيمة الأسمى، وهي الشماعة التي تستخدمها القوى الكبرى لترهب كل من يرفع صوته

إذا كانت رمزية هذه الإلغاءات في جميع أنحاء العالم واضحة، فهل أثرت في تطور الحرب ومسارها؟ هل العزلة الثقافية، تماما كما العزلة الاقتصادية أو السياسية المعمول بها، وهل هذا أمر مبرر في حق الكرامة الإنسانية والتاريخ الحضاري للبشرية؟

أوروبا التي تدافع عن قيم الديمقراطية لمجتمعاتها، أين كانت عندما كانت روسيا تقصف الشعب السوري بطائراتها على مدى سنوات؟ لماذا لم تفرض على النظام الروسي "عقوباتها الاقتصادية" لهذا السبب الإنساني؟ ولا قاطعت نشاطها الفني والثقافي؟

Reuters
القائد الروسي فاليري غيرغييف مع أوركسترا فيينا الفيلهارمونية في قصر شونبرون، فيينا، 18 سبتمبر 2020

في غزة

أنهت حرب الإبادة على غزة عامها الثاني أمام أعين المجتمع الدولي، ويمضي بنيامين نتنياهو في مشروعه وجرائمه مستخفا بكل المواثيق الدولية والمنظمات الحقوقية، والضمائر الإنسانية، مدعوما من حلفائه، وخاصة أميركا. ومع هذا لم تطبق عقوبات في حق رموز القوة الناعمة الإسرائيلية من قبل الأنظمة، أم أن الفلسطينيين ليسوا أرواحا، بل أرقام يحصيها عداد الموت كل يوم، وتنسى؟ أليست حرب غزة الوحشية "معاداة للإنسانية؟"، أم أن "معاداة السامية" هي القيمة الأسمى، وهي الشماعة التي تستخدمها القوى الكبرى لترهب كل من يرفع صوته ويجرؤ على النظر في عيونها؟

حتى الآن، وبعد الدمار والقتل والتهجير والتجويع، لم تثر الحرب في غزة، والتغول في حياة الفلسطينيين في الضفة واحتلال أراضيهم وبناء المستوطنات، فيها سوى بعض المواقف المعزولة، ففي عالم الموسيقى الكلاسيكية، في 6 سبتمبر/ أيلول الماضي، اجتمع مئات من الفنانين المهتمين بالموسيقى القديمة، والكلاسيكية، والمعاصرة، حول منصة نشرت في "ميديا بار"، داعين المجتمع "لتوضيح مواقفه في شأن الإبادة الجماعية الجارية في غزة". تعد هذه المبادرة الجماعية مهمة لأن العديد من الفنانين المعروفين دوليا يشاركون فيها، من بينهم عازف البيانو آدم لالوم، وعازف التشيلو برونو فيليب، وعازف البوق رومان ليل، والمغنية الميزو سوبرانو لوسيل ريتشاردو وغيرهم. لكن أين الحكومات والأنظمة التي تفعل المقاطعة الثقافية بحسب مصالحها وأجنداتها؟ أم أن الكيل بمكيالين هو المعيار القيمي والأخلاقي، ووحده يحدد مستوى وحجم الفعل الجرمي الذي يستدعي تفعيل العقوبات كلها، من تجويع الشعوب بالمقاطعات الاقتصادية حتى إعدام ارتقائها الثقافي ومنع إبداعاتها من الظهور؟

في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وتضامنا مع الشعب الفلسطيني وقضيته الإنسانية، أعلن أكثر من ألف كاتب من بينهم حائزون جوائز نوبل وبوليتزر وبوكر وجوائز الكتاب الوطنية، مقاطعتهم للمؤسسات الثقافية الصهيونية، معلنين في بيانهم "ننشر هذه الرسالة بينما نواجه أعمق أزمة أخلاقية وسياسية وثقافية في القرن الحادي والعشرين. لا يمكن إنكار الظلم الساحق الذي يعاني منه الفلسطينيون". وأشاروا إلى أن "عالم الثقافة لعب دورا أساسيا في تطبيع هذه المظالم. من خلال استخدام الفن، ساهمت المؤسسات الثقافية الصهيونية إلى حد كبير في تمويه وإخفاء سلب ملايين الفلسطينيين وقمعهم لعقود"، كما يشهدون أن لديهم "دورا" في إدانة هذه العمليات الدعائية، مستذكرين أن "عددا لا يحصى من المؤلفين وقفوا ضد جنوب أفريقيا، وهكذا ساهموا في النضال ضد الفصل العنصري في ذلك البلد"، ومستلهمين من تجربتهم.

AFP
مشهد لمركز رشاد الشوا الثقافي المدمّر في مدينة غزة، 18 أغسطس 2025

ديكتاتورية مبطنة

بينما تعمل الأنظمة على استخدام "القوة الناعمة" في الحروب، وتشويه المنجز الثقافي البشري، الذي يغتني بتنوعه واستيعابه منجزات كل الشعوب، بديكتاتورية مبطنة بينما تدعي الديمقراطية، فإن المنظمات غير الحكومية، ونشطاء من جميع الاختصاصات والنخب المجتمعية والثقافية في العالم يعملون على إعلاء القيم الأخلاقية والقيم الإنسانية بالعموم، ويلفتون النظر بمواقفهم النابعة من الشعور بالمسؤولية تجاه القيم، إلى القضايا الإنسانية، مترفعين عن الغوص في مستنقع السياسة والحروب.

بدأت الشعوب تخرج من شرنقة الأنظمة، خاصة في عصر الثورة الرقمية ومنجزاتها الخارقة، وبدأت القضايا المهمشة، ومنها القضية الفلسطينية، تحتل مكانا في الوعي الجمعي للشعوب

لكن الأنظمة السياسية، خاصة في الدول الكبرى، تمارس "قوتها الصلبة" لتعزيز "قوتها الناعمة" حتى لو تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ولو ازدوجت المعايير.

ألمانيا التي سارعت الى رد الاعتبار إلى قائد الأوركسترا شاني التي عدت قرار الإلغاء معاديا للسامية، كانت ألغت جائزة أدبية في أكتوبر/تشرين الاول 2023 في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، جائزة "ليبراتور" التي تمنح للكتاب غير الغربيين، بعد أن استحقتها الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي، وجاء في تقرير اللجنة التي أعلنت منحها الجائزة في يونيو/ حزيران: "عمل فني محكم يحكي عن سطوة الحدود، وما تفعله الصراعات الدموية في البشر"، عن روايتها "تفصيل ثانوي"، "دار الآداب" 2017، والتي وصلت عام 2021 في ترجمتها الإنكليزية إلى قائمة جائزة بوكر الدولية، وفي عام 2022 إلى القائمة القصيرة لجائزة الأدب الدولية التي تمنحها "دار ثقافات العالم" في برلين.

Reuters
مشجعون يلوحون بأعلام روسيا والصين خلال حفل العد التنازلي لمسابقة "إنترفجن" للأغاني، موسكو، 12 يونيو 2025

لكن أصواتا ارتفعت تندد بمنحها الجائزة، متهمة الرواية بمعاداة السامية، وعلى الرغم من أن أصواتا عديدة ارتفعت حينها منددة بقرار الإلغاء، إلا أن القرار استمر. من الأصوات المهمة حينها، كان صوت الروائية والمترجمة ذات الأصول اليهودية إيفا ميناسه، المتحدثة باسم "نادي قلم برلين"، التي قالت: "إن الرواية لن تصبح مختلفة، أو أفضل، أو أسوأ، لمجرد تغير نشرة الأخبار. إما أن الرواية تستحق التكريم أو لا تستحق". أما الشطر اللافت في حديثها حينذاك، والذي يؤكد ازدواجية المعايير لدى الأنظمة السياسية فهو قولها: "إن قراءة الرواية في سياق النقاشات الألمانية وحدها، لهو أمر يدل على ضيق الأفق، إذ يجب أن يسمح للكتاب العرب أيضا بوصف خبراتهم مع الاحتلال الإسرائيلي ومعاناة الفلسطينيين منه، وهذا هو ما تصوره رواية عدنية شبلي المتميزة".

هذا غيض من فيض "بازارات" الثقافة عندما تستقطب لصالح السياسة، ومن ظاهرة تم الاشتغال عليها، مدفوعة بمرامي النظام العالمي الجديد، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانهزام النازية، وشعور أوروبا بـ"عقدة الذنب" تجاه الشعب اليهودي الذي تعرض للإبادة فكان "الهولوكست"، ما جعل شرائح واسعة من شعوب تلك الدول، وغيرها في العالم، لا يفرقون بين اليهود والصهاينة.

هذا هو واقع العالم في مرحلته الراهنة، إنما من المهم استبشار الخير لشعوب العالم "المقهور"، عندما نرى أن الشعوب بدأت تخرج من شرنقة الأنظمة، خاصة في عصر الثورة الرقمية ومنجزاتها الخارقة، وبدأت القضايا المهمشة، ومنها القضية الفلسطينية، تحتل مكانا في الوعي الجمعي للشعوب، ربما تستطيع أن تصنع الفارق بعد حين، ويصبح العالم أكثر إنسانية.

font change