الشاعر السعودي عبد الله العقيبي هو من الأصوات الإبداعية التي تتحرك بثقة بين الشعر والسرد والنقد. يحمل خلفية أكاديمية، ويملك تجربة متعددة اشتغلت على القصيدة والقصة والمقالة النقدية، إضافة إلى حضوره الفاعل في المشهد الثقافي داخل المملكة وخارجها.
أصدر من قبل مجموعتين قصصيتين وديوانا شعريا، كما قدم دراسات نقدية حول الرواية والسينما، وأسس مجلة "سين" الإلكترونية، التي مثلت منبرا مميزا للنصوص العربية الجديدة بين عامي 2010 و2014.
في ديوانه الجديد "يهجم يهجم يهجم"، الصادر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" في القاهرة (2025)، يظهر نضجه الشعري من خلال تجربة مشحونة بالتأمل والصدق والبحث عن المعنى وسط هشاشة الحياة، حيث يتعامل مع القصيدة كمساحة للفهم والنجاة، وبوصفها أداة للرؤية، وليست مجرد زينة لغوية.
كمن يكتب تحت القصف
يجترح الديوان لنفسه مسارا قائما على الوعي والقلق والتأمل، إذ يبدو العنوان أكثر من نداء تعبيري، يتشكل كبوابة لمزاج شعري متوتر، تتكرر الكلمة ثلاث مرات، كالهجوم يتجدد دون توقف. هنا تبدأ الفكرة المحورية للديوان، التي تتمثل في حركة دائمة بين الذات والعالم، بين الداخل العميق والخارج المربك، وبين محاولة الفهم واستحالة التفسير. يتوزع النص الشعري عند العقيبي على مساحات شاسعة من المشاعر المتضاربة والتجارب الحميمة والصور الدقيقة التي تنمو من قلب الأشياء والتفاصيل الصغيرة.
يكتب الشاعر من حيز تتقاطع فيه الذكريات مع التفاصيل اليومية، يتيح للنص أن يظل مفتوحا على التأويل، مقترحا عبره أسئلة حول العلاقة مع النفس ومع الآخر، ومع الفقد والحب والوحدة والدهشة. كل ذلك يتم بلغة بسيطة وشفافة لكنها عميقة في تأويلاتها: "اليوم فتشت عن الحلوى/ آخر مرة خبأناها في خزانة ملابسك/ ورأيت فستانك الأخضر معلقا/ نظرت إليه/ وعلمت أنني أحبك".