إن العلاقة بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي، ترزح تحت كم هائل من التوتر، بعد لجوء السلطات الانتقالية في باماكو، إلى محكمة العدل الدولية، ورفعها دعوى ضد الجزائر، بشأن إسقاطها طائرة مالية من دون طيار، انتهكت المجال الجوي الجزائري في مارس/آذار الماضي، لكن التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد، إذ يضاف إلى ذلك ما يتصل بالمشهد السياسي الرسمي في مالي، والذي أصبحت فيه الجزائر موضوعا أساسيا في خطابات المسؤولين الماليين.
ويأتي المنعطف الجديد في العلاقات الجزائرية– المالية المتوترة أصلا، بعد الخطاب العدائي الذي ألقاه الجنرال عبد الله مايغا، رئيس الحكومة في مالي، خلال كلمته أمام الجمعية العامة الثمانين للأمم المتحدة في نيويورك، مطلقا اتهامات ضد الجزائر بـ"دعم الإرهاب الدولي".
في ظل هذه التطورات، تطرح تساؤلات ملحة حول أسباب لجوء مالي إلى ساحات القضاء الدولي، ولمن ستعود غلبة القانون الدولي، وتثار أسئلة أخرى حول تقدير مسارات الأزمة ومآلاتها المقبلة، وعما إذا كان هناك مخرج واضح في الوقت الحالي، والسؤال الثالث وهو المهم والأهم في الموضوع: من الذي يقف وراء هذه الخطوات الضارة بالعلاقات الثنائية؟
يبدو واضحا أن السلطة الانتقالية في باماكو، تريد ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول: تدويل الحادثة على المستوى الإقليمي والدولي، من أجل كسب الدعم الدولي، أما الثاني فيتمثل في بحثها عن الشرعية على الساحة الدولية، فمالي اليوم تعيش مرحلة انتقالية صعبة لتشابك الأحداث، وكثرة اللاعبين الإقليميين في المنطقة، وفوضوية المشهد وكل هذه الظروف ساهمت في تصاعد الهجمات الدامية، بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (جي إن آي إم، المرتبطة بتنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي) والجيش المالي وأيضا تفاقمت معاناة الماليين أمنيا واقتصاديا.