اتفاق أضنة بين سوريا وتركيا... ماذا يعني "توسيع نطاقه"؟https://www.majalla.com/node/327868/%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D9%88%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A3%D8%B6%D9%86%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%8A%D8%B9%D9%86%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%B9-%D9%86%D8%B7%D8%A7%D9%82%D9%87%D8%9F
تناقش أنقرة ودمشق "توسيع نطاق" اتفاقية أضنة، التي وقعت بين الحكومتين التركية والسورية في أكتوبر/تشرين الأول 1998، وأسفرت عن خروج زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان من سوريا، وانتهاء أزمة بين البلدين، كادت تؤدي إلى مواجهة عسكرية.
حسب معلومات خاصة، وتقرير من "بلومبيرغ"، تجري محادثات لتزويد الجانب السوري معدات عسكرية تشمل مدرعات ومسيرات وأنظمة دفاع جوي، مقابل رفع عمق الأراضي التي يحق للجيش التركي التوغل فيها شمال سوريا من 5 إلى 30 كيلومترا، لملاحقة عناصر "حزب العمال الكردستاني"، أي ذات عمق المنطقة الآمنة، التي تأسست بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، بموجب اتفاق أميركي تركي في نهاية 2019.
وراعت أنقرة عدم نشر معدات في العمق السوري، بعدما تعرضت محاولات سابقة لإقامة قواعد وسط سوريا، إلى قصف إسرائيلي. ويكتسب تجدد الحديث عن اتفاق أضنة و"توسيع نطاقه" أهمية كبيرة وسط تطورات مهمة، إذ تجري مفاوضات بين دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تضم "وحدات حماية الشعب" الكردية وتعتبرها أنقرة امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني"، للاندماج بالجيش السوري. كما أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، أبرمت اتفاقا مع أوجلان الموجود في السجن منذ بداية 1999، تضمن التخلي عن السلاح، واتباع الخيار السياسي.
ما اتفاقية أضنة؟ ما بنودها العلنية والسرية؟ وماذا يعني استئناف العمل بها وتوسيع نطاقها؟ ما قصة عبدالله أوجلان؟ وعلاقته مع سوريا؟
أنقرة وتركيا... أوراق ضغط
مرت العلاقات بين الجارتين، سوريا وتركيا، في العقود الماضية بتقلبات كثيرة، وصلت إلى حافة الحرب، آخرها منتصف التسعينات. استخدمت أنقرة ملف مياه نهري الفرات ودجلة للضغط على دمشق. في المقابل، استضافت سوريا قيادة "حزب العمال الكردستاني" وزعيمه عبدالله أوجلان في بداية الثمانينات.
في عام 1998، حشدت تركيا جيشها على حدود سوريا ووجهت إنذاراً، وطلبت بوضوح إخراج أوجلان
كان أوجلان على صلة بالاستخبارات السورية، وقاتل عناصره مع فصائل فلسطينية خلال الوجود العسكري السوري في لبنان. ولم يستقبله أي مسؤول سياسي حتى عام 1992 حين التقاه نائب الرئيس الراحل عبدالحليم خدام للمرة الأولى، ثم اجتمع به مرات عدة لإقناعه بالوصول إلى حلول سياسية مع تركيا، ضمن وساطة دمشق مع حكومة نجم الدين أربكان. فشلت الوساطات بين أوجلان وأنقرة، واستمرت دمشق باستضافته، ورفض طلبات أنقرة بتسليمه أو طرده. وفي عام 1998، حشدت تركيا جيشها على حدود سوريا ووجهت إنذاراً، وطلبت بوضوح إخراج أوجلان.
وكانت "المجلة" قد نشرت وثائق رسمية سورية نقلها خدام إلى باريس قبل انشقاقه في 2005، ولمناسبة تجدد الحديث عن اتفاقية أضنة، ننشر وثائق سورية إضافية.
وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مقر الناتو ببروكسل، 5 يونيو 2025
في منتصف 1998، بعد تهديدات تركيا باستخدام القوة ضد سوريا، ما لم تطرد أوجلان، استقبل الأسد خدام في اللاذقية في الأول من أكتوبر عام 1998. ويقول خدام: "بينما كنا نتحدث حول لبنان، دخل الحاجب وسلّمه مظروفاً قرأنا ما فيه، وقد تضمّن تصريحاً لسليمان ديميريل الرئيس التركي، وفيه تهديد موجّه إلى سوريا بالعمل العسكري، إذا لم تسلّم أوجلان، وأن تركيا ضاقت ذرعاً بدعم سوريا للإرهاب الكردي، الذي أدى إلى قتل عشرات الألوف من المواطنين الأتراك".
بعد مناقشة الأمر، بين الأسد وخدام، كان الرأي أن التهديدات "تمت بالاتفاق مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهي مرتبطة بالضغوط علينا من أجل التسوية مع إسرائيل (باعتبار أن مفاوضات سرية كانت تجري بين الأسد وبنيامين نتنياهو) وفي إطار الحلف الجديد في المنطقة" حسب خدام.
اتصل الرئيس الراحل حسني مبارك بالأسد، واتفق الرئيسان على زيارة الرئيس مبارك لدمشق في 4 أكتوبر 1998. بحثا الأمر ثم ذهب مبارك إلى تركيا، والتقى ديميريل، وعاد إلى دمشق في السادس من أكتوبر1998 من أنقرة، وعقد اجتماعا مغلقا مع الأسد. قبل ذلك بيوم، اتصل وزير الخارجية فاروق الشرع بخدام، وطلب زيارته في المنزل لمناقشة التهديدات التركية. يقول خدام: "استقبلته (الشرع) الساعة الثامنة مساء، وناقشنا احتمال تطور الأزمة مع تركيا، وناقشنا مسألة أوجلان في سوريا والطلب إليه الخروج".
كان خدام قد اجتمع بأوجلان في نهاية يوليو 1996 واتفق معه على مغادرة الأراضي السورية إلا أنه "تهرّب من تنفيذ هذا الاتفاق"
كان خدام قد اجتمع بأوجلان في نهاية يوليو/تموز 1996 واتفق معه على مغادرة الأراضي السورية إلا أنه "تهرّب من تنفيذ هذا الاتفاق". ويقول خدام: "كان لا بد من اتخاذ مثل هذا القرار لأنه لا يمكن أبداً تعريض سلامة البلاد من أجل شخص أو حزب".
استدعى خدام والشرع إلى الاجتماع اللواء عدنان بدر الحسن رئيس شعبة الأمن السياسي آنذاك، وناقشوا كيفية إبلاغه. إذ كان الأسد يفضل أن يقوم خدام بهذه المهمة نظراً إلى معرفته به، اتفق مع الحسن "على ترتيب اللقاء معه في مكتبه (اللواء الحسن) بصورة سرية في اليوم التالي الساعة السادسة مساء بتاريخ 6 أكتوبر 1998".
بالفعل، حصل الاجتماع، وفوجئ أوجلان بوجود خدام. وبعد أخذ ورد ونقاشات طويلة، أبلغه نائب الرئيس السوري القرار. ودار هذا الحوار:
- أوجلان: سأتصل بأصدقائنا في اليونان لترتيب الموضوع (الخروج من سوريا).
- خدام: عامل الزمن ليس في مصلحتنا، والوضع الآن مختلف عما كان عليه قبل عام عندما بحثنا الموضوع نفسه.
- أوجلان: سأعمل ترتيباتي في وقت سريع.
صورة أرشيفية لعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، مع مقاتليه في معسكر تدريبي بقرية الحلوة، في سهل البقاع اللبناني، على بُعد كيلومترين ونصف من الحدود السورية عام 1992
وغادر زعيم "حزب العمال" سوريا إلى اليونان الخميس في 8 أكتوبر، وكادت اليونان تلقي القبض عليه، فتوصّلت جماعته إلى ترتيب لإخراجه إلى روسيا، حيث بقي هناك حوالي أسبوعين، ثم لجأ إلى إيطاليا بعد ضغط أميركي على موسكو، على الرغم من قرار مجلس الدوما، إعطاءه اللجوء السياسي.
وفي إيطاليا بقي بعض الوقت، ونتيجة الضغوط الأميركية والتركية وبالترتيب مع اليونان رحل إلى كينيا، وهناك في عاصمتها اختطفته المخابرات التركية في فبراير/شباط 1999، وأحيل إلى المحاكمة، وحُكم عليه بالإعدام بعد أشهر، ولا يزال في السجن إلى الآن.
مفاوضات مهينة
اتصل الرئيس مبارك بالرئيس سليمان ديميريل، وأبلغه بالموقف السوري، واتفق الرئيسان على زيارة وزير الخارجية المصري عمرو موسى، الاثنين 11 أكتوبر. وجرت سلسلة اتصالات مصرية-سورية-تركية. وفي الثاني عشر من أكتوبر زار موسى أنقرة، واجتمع مع الرئيس التركي ووزير خارجيته إسماعيل جيم، وعرض الرد السوري وكانت الأجواء إيجابية وتم الاتفاق على عقد اجتماع أمني على الحدود السورية-التركية خلال أيام. وفي 13 أكتوبر، أبلغ السفير التركي مديرة إدارة أوروبا في الخارجية صبا ناصر، بأن الحكومة السورية والتركية اتفقتا على عقد اجتماع ثنائي وسري في أنقرة أو أضنة أو ديار بكر يوم الجمعة، 16 أكتوبر 1998.
اقترحت عليه أن يتم الاجتماع في حلب أو اللاذقية ولكنه رفض، وقال إنه ستتم استضافة الوفد السوري في أماكن رسمية لتفادي الفنادق والأماكن، التي تحفل عادة بالصحافيين، وبأن الوفد التركي سيكون برئاسة السفير أوغور زيال (الأمين العام المساعد في وزارة الخارجية) ويضم ضباطا في الجيش والاستخبارات.
طلبت تركيا أن يصطحب كل وفد مترجما من اللغة التركية، وأعطت تعليمات إلى وفدها بأن يلتزم بما جاء في مبادرة الرئيس مبارك، قال السفير التركي دون أي تردد: "سوف يكون موضوع الأمن هو الموضوع الوحيد للمباحثات، وأي محاولة لتوسيع النقاش لن تؤخذ بعين الاعتبار".
وحذرت السفيرة صبا ناصر: "الوقت قصير جدا، ولا يجب أن نضيع هذا الزخم وهذه الفرصة". وأشار إلى أنه شخصيا يفضل مدينة أضنة مكانا للاجتماع لسهولة الوصول إليها بالسيارات، بينما يحتاج السفر إلى أنقرة التوقف في إسطنبول، والرحلة لا تقل عن سبع ساعات.
افتقدت الجلسة الأولى من مفاوضات أضنة إلى الحد الأدنى من مظاهر اللياقة، إذ عند دخول الوفد السوري قاعة الاجتماع ظلّ الوفد التركي جالسا في مقاعده، ما عدا ممثل وزارة الخارجية
افتقدت الجلسة الأولى من مفاوضات أضنة إلى الحد الأدنى من مظاهر اللياقة، إذ عند دخول الوفد السوري قاعة الاجتماع ظلّ الوفد التركي جالسا في مقاعده، ما عدا ممثل وزارة الخارجية. ومنع الجانب التركي أعضاء الوفد السوري من الاتصال بدمشق، ولكن صبا ناصر تملّصت وتمكنت من الاتصال بالشرع.
صبا ناصر: ماذا نفعل؟ إنهم يريدون في نص الاتفاق إدانة لـ"حزب العمّال الكردستاني"؟
فاروق الشرع: أدينوا الأعمال الإرهابية الموجهة ضد البلدين من دون تسميات، فنحن لا نستطيع أن ندين الأعمال الإرهابية بصورة مطلقة، من دون تمييزها عن المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ما يهم تركيا هو إدانة الإرهاب الموجه ضدها لا أكثر ولا أقل.
وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، في دمشق، سوريا، 19 يناير 2025
في اليوم الثاني كانت الأجواء أفضل من الناحية البروتوكولية، واتفق الطرفان على عدم الرغبة في العودة إلى الماضي، وإنما التطلع إلى المستقبل. عبر الجانب التركي عن الرغبة بإيجاد آلية للعمل غير آلية اللجنة الأمنية السابقة.
اتفاق أضنة... نصوص ورسائل
بعد مناقشات استمرت يومين، تم الاتفاق على الوثيقة النهائية، ووقع عليها اللواء عدنان بدر الحسن من الجانب السوري، ومساعد وزير الخارجية السفير أوغور زيال من الجانب التركي. هذا نصها:
محضر اجتماع الوفدين السوري والتركي في مدينة أضنة، ونص الاتفاق الموقع بتاريخ 20 أكتوبر/تشرين الأول 1998.
في ضوء الرسائل المنقولة باسم سوريا من خلال رئيس جمهورية مصر العربية، صاحب الفخامة الرئيس حسني مبارك، ومن خلال وزير خارجية إيران سعادة وزير الخارجية كمال خرازي، ممثل الرئيس الإيراني صاحب الفخامة محمد سيد خاتمي، وعبر السيد عمرو موسى، التقى المبعوثان التركي والسوري المذكور اسماهما في القائمة المرفقة (الملحق رقم 1)، في أضنة يومي 19 و20 أكتوبر/تشرين الأول العام 1998 لمناقشة مسألة التعاون في مكافحة الإرهاب.
خلال اللقاء، كرر الجانب التركي المطالب التركية التي كانت عرضت على الرئيس المصري (الملحق رقم 2)، لإنهاء التوتر الحالي في العلاقة بين الطرفين. وعلاوة على ذلك، نبّه الجانب التركي الجانب السوري، إلى الرد الذي ورد من سوريا عبر جمهورية مصر العربية، والذي ينطوي على الالتزامات التالية:
1- اعتباراً من الآن، عبد الله أوجلان لن يكون في سوريا، وبالتأكيد لن يسمح له بدخول سوريا.
2- لن يسمح لعناصر "حزب العمال الكردستاني" في الخارج بدخول سوريا.
3- اعتبارا من الآن، معسكرات "حزب العمال الكردستاني" لن تعمل على الأراضي السورية، وبالتأكيد لن يسمح لها بأن تصبح نشطة.
4- كثير من أعضاء "حزب العمال الكردستاني" جرى اعتقالهم وإحالتهم إلى المحكمة، وتم إعداد اللوائح المتعلقة بأسمائهم، وقدمت سوريا هذه اللوائح إلى الجانب التركي.
أكد الجانب السوري النقاط المذكورة أعلاه. وعلاوة على ذلك، اتفق الطرفان على النقاط التالية:
إن سوريا، على أساس مبدأ المعاملة بالمثل، لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها، بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا. كما لن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية، والدعم المالي والترويجي لأنشطة "حزب العمال الكردستاني" على أراضيها.
صنفت سوريا "حزب العمال الكردستاني" على أنه منظمة إرهابية. كما حظرت أنشطة الحزب والمنظمات التابعة له على أراضيها، إلى جانب منظمات إرهابية أخرى.
لن تسمح سوريا لـ"حزب العمال الكردستاني" بإنشاء مخيمات أو مرافق أخرى لغايات التدريب والمأوى أو ممارسة أنشطة تجارية على أراضيها.
لن تسمح سوريا لأعضاء "حزب العمال الكردستاني" باستخدام أراضيها للعبور إلى دول ثالثة.
ستتخذ سوريا الإجراءات اللازمة كافة لمنع قادة "حزب العمال الكردستاني" الإرهابي من دخول الأراضي السورية، وستوجه سلطاتها على النقاط الحدودية بتنفيذ هذه الإجراءات.
اتفق الجانبان على وضع آليات معينة لتنفيذ الإجراءات المشار إليها أعلاه بفاعلية وشفافية. وفي هذا السياق:
أ - سيتم إقامة وتشغيل خط اتصال هاتفي مباشر فورا بين السلطات الأمنية العليا لدى البلدين.
ب - يقوم الطرفان بتعيين ممثلين خاصين أمنيين في بعثتيهما الدبلوماسيتين في أنقرة ودمشق، ويتم تقديم هذين الممثلين إلى سلطات البلد المضيف من قبل رؤساء البعثة.
ج - في سياق مكافحة الإرهاب، اقترح الجانب التركي على الجانب السوري إنشاء نظام من شأنه تمكين المراقبة الأمنية من تحسين إجراءاتها وفاعليتها. وذكر الجانب السوري أنه سيقدم الاقتراح إلى سلطاته للحصول على موافقة، وسيقوم بالرد في أقرب وقت ممكن.
د - اتفق الجانبان، التركي والسوري- ويتوقف ذلك على الحصول على موافقة لبنان- على تولي قضية مكافحة "حزب العمال الكردستاني" الإرهابي في إطار ثلاثي. (كان "حزب العمال الكردستاني" يقيم معسكرات في سهل البقاع اللبناني، منذ بداية الثمانينات خلال الوجود السوري الذي انتهى في أبريل/نيسان 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في فبراير/شباط من العام نفسه)
هـ - يُلزم الجانب السوري نفسه باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ النقاط المذكورة في "محضر الاجتماع" هذا، وتحقيق نتائج ملموسة.
أضنة - 20 أكتوبر 1998
عن الوفد التركي: السفير أوغور زيال - معاون الأمين العام في وزارة الخارجية
وعن الوفد السوري: اللواء عدنان بدر الحسن - رئيس شعبة الأمن السياسي
ملاحق سرية لاتفاق أضنة
إضافة إلى نص الاتفاق، اتفق الطرفان على ملاحق سرية تنفيذية، ضم الأول أسماء الوفدين، فيما ضمت الباقية تفاصيل مهمة.
الملحق رقم 2 مطالب تركيا المحددة من سوريا
من أجل تطبيع علاقاتنا، نتوقع من سوريا الالتزام بالقواعد والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية. وفي هذا الصدد، ينبغي تحقيق المطالب المحددة التالية:
1- نظراً لحقيقة أن العلاقات التركية-السورية كانت قد تضررت بشكل جدي بسبب الدعم السوري للإرهاب، نريد من سوريا القبول رسميا بالتزاماتها، والتخلي عن موقفها السابق بشأن هذه المسألة. ويجب أن تشمل هذه الالتزامات تعهدا رسميا بعدم منح الإرهابيين الدعم، أو الملاذ، أو المساعدة المالية. وينبغي أيضا على سوريا محاكمة مجرمي "حزب العمال الكردستاني" وتسليمهم إلى تركيا، بما في ذلك زعيم "حزب العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان ومعاونوه.
الزعيم التركي عبد الله أوجلان يعقد مؤتمرا صحفيا في المصنع على الحدود اللبنانية السورية، في 28 سبتمبر1993
2- في هذا الإطار، يجب على سوريا:
- ألا تسمح لمخيمات تدريب الإرهابيين بالعمل على الأراضي الواقعة تحت سيطرتها.
- ألا تزود "حزب العمال الكردستاني" بالأسلحة والمواد اللوجستية.
- ألا تزود أعضاء "حزب العمال الكردستاني" بوثائق هوية مزورة.
- ألا تساعد الإرهابيين على الدخول القانوني والتسلل إلى تركيا.
- ألا ترخص الأنشطة الترويجية للمنظمة الإرهابية، أي "حزب العمال الكردستاني".
- ألا تسمح لأعضاء "حزب العمال الكردستاني" بإنشاء وتشغيل مقرات على أراضيها.
- ألا تسهل عبور الإرهابيين من دول ثالثة إلى شمال العراق وتركيا.
3- التعاون في جميع الأنشطة الرامية إلى مكافحة الإرهاب.
4- الامتناع عن تحريض البلدان الأخرى الأعضاء في جامعة الدول العربية ضد تركيا.
5- في ضوء ما سبق، وما لم توقف سوريا هذه الأعمال فوراً، مع كل العواقب، تحتفظ تركيا بحقّها في ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وتحت كل الظروف للمطالبة بتعويض عادل عن الخسائر في الأرواح والممتلكات.
في الواقع، نقلت هذه الآراء إلى سوريا من خلال القنوات الدبلوماسية، في 23 يناير/كانون الثاني 1996. ومع ذلك، فقد قوبلت تحذيراتنا بآذان صماء.
الملحق رقم 3
اعتباراً من الآن، يعتبر الطرفان أن الخلافات الحدودية بينهما منتهية، وأن أيا منهما ليست له أي مطالب أو حقوق مستحقة في أراضي الطرف الآخر.
الملحق رقم 4
يفهم الجانب السوري أن إخفاقه في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في هذا الاتفاق، يعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كيلومترات.
لعبت أنقرة دور الوسيط بين بشار الأسد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في 2008، بعد العزلة التي تعرض لها الأسد جراء اغتيال الحريري في 2005
تم التوقيع على اتفاقية في 20 أكتوبر 1998، وساهمت في تحسن العلاقات بين الجانبين، بل إن أنقرة لعبت دور الوسيط بين بشار الأسد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في 2008، بعد العزلة التي تعرض لها الأسد جراء اغتيال الحريري في 2005. كما جرى اعتقال كثيرين من "العمال الكردستاني" وسلم بعضهم للسلطات التركية.
ظلّت اتفاقية أضنة تتجدد بشكل دوري إلى حين اندلاع الثورة السورية، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2012. وقد سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإحيائها مرات عدة اعتبارا من سنة 2017، مع إدخال تعديلات عليها كالسماح بدخول القوات التركية إلى عمق الأراضي السورية، لملاحقة الانفصاليين الأكراد بعمق 30-35 كيلومترا، ولكن الأسد رفض القبول بذلك، وبقي متمسكا بموقفه لغاية الإطاحة به سنة 2024. وبعد سقوط الأسد، تجرى مفاوضات بين سوريا وتركيا لتوقيع سلسلة من الاتفاقات العسكرية، بينها نسخة جديدة من اتفاقية أضنة.
لاشك ان تجدد الحديث عن اتفاق أضنة و"توسيع نطاقه" يكتسب أهمية بالتزامن مع مفاوضات بين دمشق و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تضم "وحدات حماية الشعب" الكردية وتعتبرها أنقرة امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني"، للاندماج بالجيش السوري بوساطة أميركية. كما أن حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، أبرمت اتفاقا مع أوجلان الموجود في السجن منذ بداية 1999، تضمن التخلي عن السلاح، واتباع الخيار السياسي.
يضاف الى ذلك تنامي ملامح المواجهة في سوريا، بين تركيا التي تعزز وجودها بالشمال وإسرائيل التي تعزز توغلاتها وتوسعاتها بالجنوب، في وقت تجري دمشق مفاوضات مع موسكو حول مصير القاعدتين العسكريتين في طرطوس واللاذقية غرب البلاد.