أندرو ميلر لـ"المجلة": أشفق على الكتاب الذي يقضون وقتهم على "السوشال ميديا"

روايته "الأرض في الشتاء" مرشحة لجائزة "بوكر"

CHRIS J RATCLIFFE / AFP
CHRIS J RATCLIFFE / AFP
ChatGPT said: الكاتب البريطاني أندرو ميلر يحمل روايته "The Land in Winter" خلال جلسة تصوير القائمة القصيرة لجائزة بوكر 2025

أندرو ميلر لـ"المجلة": أشفق على الكتاب الذي يقضون وقتهم على "السوشال ميديا"

ولد الروائي البريطاني أندرو ميلر عام 1960 في بريستول، إنكلترا، وتخرج في جامعة لانكستر ثم حصل على درجة الماجستير في الأدب من جامعة "إيست أنجليا"، حيث درس الكتابة الإبداعية. يمتاز أندرو ميللر بقدرته على مزج الدقة التاريخية بالتأمل الفلسفي والعمق النفسي، ويعرف بأسلوبه اللغوي المرهف الذي يجمع بين الشاعرية والانضباط السردي.

غالبا ما تدور أعماله حول الذاكرة والهوية والألم الإنساني والتحولات الأخلاقية في مواجهة التاريخ.

صدرت له ثماني روايات نالت تقديرا نقديا واسعا، من أبرزها روايته الأولى "ألم فذ" التي فازت بجائزة "جيمس تيت بلاك التذكارية" و"جائزة دبلن" 1999 وصدرت نسختها العربية عام 2010، و"نقاء" 2011 الحاصلة على "جائزة كوستا للرواية" كما دخلت ضمن القائمة القصيرة لـ"جائزة دبلن" 2013.

ترجمت أعماله إلى أكثر من 30 لغة من بينها الإسبانية واليابانية والفارسية والتركية، مما جعل اسمه أحد أهم الأصوات البريطانية المعاصرة في الرواية التاريخية ذات البعد الإنساني. كما تدرس بعض أعماله في الجامعات البريطانية ضمن مقررات الأدب الحديث.

لا أؤمن بوجود ذات ثابتة، وهذا يمنحني حرية مقاربة الشخصية من زوايا متعددة

في هذا الحوار مع "المجلة"، يتحدث ميلر عن روايته الجديدة " الأرض في الشتاء" الصادرة عام 2024 والتي دخلت ضمن القائمة القصيرة لجائزة "بوكر" 2025، وعن علاقته بالزمن، والشخصيات التي لا يراها كائنات ثابتة بل كيانات متحولة تتشكل من تناقضاتها.

تدور رواية "الأرض في الشتاء " حول فصل الشتاء الأشد برودة في بريطانيا عام 1962. ما الذي جذبك إلى تلك اللحظة التاريخية تحديدا، وكيف أثرت في المناخ العاطفي للرواية؟
أعتقد أنني كنت أسترجع بدايات طفولتي، فقد ولدت في عام 1960 وربما، بشكل خاص، السنوات الأولى من حياة والدي الزوجية. ومع التعمق في البحث عن تلك الفترة، وجدت نفسي متحمسا جدا، فهي البيضة التي فقس منها العالم الحديث، أو الجزء الذي أعرفه منه على الأقل.

غلاف رواية"الأرض في الشتاء"

تبدو شخصيات الرواية مطاردة بماضيها ومقيدة بحاضرها. كيف تقترب من كتابة شخصيات بهذا العمق العاطفي؟
أنا لست "جوهريا" في نظرتي الى الإنسان. لا أؤمن بوجود ذات ثابتة، وهذا يمنحني حرية مقاربة الشخصية من زوايا متعددة. حين تتصرف الشخصيات بتناقض، أبدأ عندها في رؤيتها بوضوح.

المرآة

لطالما كان الأدب مرآة، ولكنه استفزاز أيضا. هل ترى أن أدبك يعكس العالم بالأساس، أم أنه يتحداه ويعيد تشكيله؟

المرآة توحي بسلبية لا تتوافق مع تجربة الكتابة الإبداعية، ومع ما تحمله من مشاعر، أما الاستفزاز فيوحي بما يشبه بيان المهمة، أو نية دخيلة على العمل نفسه. ماذا عن مرآة تتحرك ككاميرا ألياف بصرية تغرس في الوريد وتدفع برفق نحو القلب؟ ربما أوافق على شيء كهذا.

REUTERS/Paul Hackett
الكاتب أندرو ميلر يلقي كلمة بعد فوزه بجائزة كوستا لأفضل كتاب لعام 2011 عن روايته Pure في لندن، في 24 كانون الثاني/يناير 2012

فزت بجائزة "كوستا" الكبرى، ورشحت لجوائز مرموقة أخرى. هل تغير الجوائز نظرتك إلى عملك؟
الجوائز ضوضاء خارجية بلا شك، لكنها ضوضاء نحتاج إلى سماعها بين الحين والآخر.

يقول البعض إن الجوائز تجلب الاعتراف لكنها تفرض ضغطا على الكاتب. هل شعرت بذلك؟
في بعض الجوانب، الفوز بجائزة يخفف الضغط أكثر مما يزيده. عندما فزت مثلا بجائزة "كوستا" عن روايتي الأولى "النقاء" (Pure)، شعرت بعد ذلك أنني أستطيع أن أكتب أي شيء تقريبا، وسيتم قبوله على الأقل من الناشرين.

لا أحد يعيش خارج زمنه، لكن "الزمن" ليس حدودا مغلقة. فجذوره تمتد عميقا في الماضي وتظل نابضة بالحياة

 أما إذا كنت قد كتبت كتابا اعتبر فشلا من الناحية النقدية والتجارية، فإن فشلا ثانيا قد يكون قاتلا أو على الأقل يجعل الناشرين يتجاهلونك. هذا هو الضغط الحقيقي.

Photo by AF
صورة التقطت في 30 نيسان/أبريل 1969 تظهر قلعة كارنارفون في شمال غرب ويلز

تمزج أعمالك بين الخيال التاريخي والهم الإنساني. هل تشعر بالقرب من الماضي الذي تعيد تخيله أم من الحاضر الذي تعيشه؟
لا أحد يعيش خارج زمنه، لكن "الزمن" ليس حدودا مغلقة. فجذوره تمتد عميقا في الماضي وتظل نابضة بالحياة. هل ينتهي شيء حقا؟ من يقول ذلك؟

إلى أي حد تتسرب ذاتك، مخاوفك وهواجسك إلى شخصياتك؟
كل شيء يتسرب بطريقة أو بأخرى.

الصمت

الصمت وما يحذف من الحوار عنصران أساسيان في أسلوبك الأدبي. كيف تحدد ما يجب أن يقال وما ينبغي أن يترك للصمت؟
أميل إلى قول أقل ما يمكن. الصمت هو الحالة الافتراضية للكتابة. ما يترك وما يعاد إدخاله هو جوهر العملية الإبداعية.

الصمت هو الحالة الافتراضية للكتابة. ما يترك وما يعاد إدخاله هو جوهر العملية الإبداعية

 عادة ما أحذف أكثر مما ينبغي، ثم أعيد بعض المقاطع لأجل الاتساق فقط.

كتبت عن قرون مختلفة وأماكن متباعدة. هل هناك زمن أو مكان لم تكتبه بعد ويناديك؟
في مشروعي الجديد، أغوص أعمق في التاريخ. أود الكتابة عن زمن كاد أن يمحى من الذاكرة، حين كانت حياة الناس تتشكل داخليا وخارجيا بمعتقدات لم نعد نعرفها أو نعيشها كما كانت.

REUTERS/Paul Hackett
أندرو ميلر

في زمن التواصل الرقمي، اخترت الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي. هل هذا خيار متعمد؟
نعم، لا أحبها كثيرا. لم تكن موجودة حين بدأت الكتابة، ولا أملك غريزة التعامل معها. أجدها تجربة غير مرضية بالمرة، وأشفق قليلا على الكتاب الأصغر سنا الذين يضطرون لقضاء وقتهم عليها.

font change