تونس تشهد طفرة في الوعي البيئي لكن طريق الإصلاح لا يزال طويلا

احتجاجات متزايدة ضد أخطار "المجمع الكيميائي"

MOHAMED KHALIL / AFP
MOHAMED KHALIL / AFP
محتجّون يرفعون لافتات وأعلام الوطنية خلال مسيرة في مدينة قابس جنوب تونس، وسط إضراب عام بعد أسابيع من الاحتجاجات على مصنع كيميائي

تونس تشهد طفرة في الوعي البيئي لكن طريق الإصلاح لا يزال طويلا

بعد ظهر يوم الثلاثاء 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تجمع آلاف المتظاهرين في مدينة قابس بالجنوب التونسي. لم تعلن السلطات أعدادا رسمية للمشاركين في الاحتجاجات لكن بعض المنظمات الحقوقية قدرتها بأكثر من مائة ألف مشارك. المدينة تكاد أن تكون أقفلت بالكامل: المحلات والمدارس والمكاتب. خرج الجميع ليطالبوا بحقهم في تنفس هواء نظيف. إنه أكبر احتجاج في تاريخ المدينة، والسابقة هو أنه أول احتجاج جماهيري بيئي في البلاد التونسية.

وراء هذا التحرك الواسع الذي ينم عن تطور في الوعي البيئي، حالات اختناق وتراخ في الأعضاء وصعوبة في التنفس لدى تلاميذ من المدارس الإعدادية في حي "شط السلام" قرب المجمع الكيميائي التونسي. انتشرت فيديوهات إنقاذهم وهم في حالة دوار أو اختناق من قبل فرق الحماية المدنية على وسائل التواصل الاجتماعي، فطفح الكيل، إذ يطالب سكان مدينة قابس، منذ زمن قديم، بتفكيك الوحدات الملوثة لـ"المجمع الكيميائي التونسي".

قصة كارثة بيئية في الجنوب التونسي

أنشئ "المجمع" سنة 1972 بقرار من الدولة التونسية، بهدف تحويل مادة الفوسفات الخام المستخرج من مدينة قفصة المجاورة إلى مشتقات كيميائية ذات قيمة مضافة، خصوصا الأسمدة والحمض الفوسفوري الذي يستخدم في المختبرات والصناعات المعدنية وصناعة المشروبات الغازية ومواد التنظيف، إلى جانب محطة لتفريغ الكبريت، وهو ضروري لإنتاج المشتقات الكيميائية المذكورة، كما أنه مستورد من الخارج. وقع الاختيار آنذاك على مدينة قابس كمقر مركزي للمجمع، نظرا لقربها من الميناء البحري الذي يسمح بتصدير المنتجات واستيراد الكبريت.

اليوم، يشكل المجمع إحدى أكبر المؤسسات الصناعية في تونس وشمال أفريقيا، وبتوسع وحداته إلى مدن أخرى (صفاقس والمظيلة) صار يمثل أحد أكبر مشغلي اليد العاملة الصناعية في البلاد، كما أنه مصدر استراتيجي لعائدات الدولة. لكن لم يرافق هذا التوسع تطور في تقنيات الحفاظ على البيئة ومنظومات المعالجة، ولا في صيانة المنشآت الصناعية التي غدت مهترئة. تتعرض مدينة قابس، جراء ذلك، لانبعاث غازات سامة (ثنائي أكسيد الكبريت، الفلور، الأمونياك)، كما يقوم المجمع بتصريف مباشر للنفايات الصناعية مثل الفوسفوجيبس في البحر، محولا الواحة البحرية الفريدة من نوعها في المنطقة إلى بحر داكن اللون، هجره المصطافون والصيادون، وغدا الدخول في مياهه خطرا على صحة البشر.

من بين الأعراض المبلغ عنها لدى سكان مدينة قابس، حالات سرطان واسعة الانتشار، وصعوبة في التنفس وهشاشة في العظام وتراخ في الأرجل، يجعل المشي صعبا، وحتى في الأعضاء جميعها. ومن بين العاملين في المجمع، صرح البعض بإصابات من نوع الشلل الارتعاشي (داء باركنسون) جراء تنفس مادة الأمونياك.

لم يرافق هذا التوسع تطور في تقنيات الحفاظ على البيئة ومنظومات المعالجة، ولا في صيانة المنشآت الصناعية التي غدت مهترئة

لكن إزاء ذلك، لا تبدي السلطات استعدادا لمعالجة بيئية أو صحية جادة للمسألة، فبعد تراكم أكثر من 30 مليون طن من الفوسفوجيبس على الساحل في قابس، رفعت الدولة التونسية مادة الفوسفوجيبس من قائمة المواد السامة والخطرة في شهر مارس/آذار من السنة الجارية، في حين أن هذه المادة، وإن لم تكن سما كيميائيا مباشر التأثير على الإنسان، ملوث مزمن طويل الأمد يحتوي على ملوثات كيميائية وإشعاعية تجعل منه مادة خطرة إذا لم تعالج بشكل سليم.

MOHAMED KHALIL / AFP
محتجّون يحملون لافتات ويهتفون خلال مسيرة في قابس جنوب تونس، 21 أكتوبر 2025، وسط إضراب عام احتجاجا على مصنع كيميائي متهم بالتسبب بمشكلات صحية.

في الاتحاد الأوروبي، يصنف الفوسفوجيبس رسميا على أنه نفاية صناعية خطرة، حيث يمنع تصريفه في البحر منذ التسعينات، ويخزن في مكبات صناعية محصنة تخضع للمراقبة المستمرة، قبل إعادة تدويره حسب معايير صارمة كمادة بناء.

هل ثمة ارتفاع في الوعي البيئي في البلاد التونسية؟

قبل سنة، عرضت مسرحية "البخارة" للمخرج التونسي من مدينة صفاقس، صادق الطرابلسي. تستخدم مفردة "البخارة" في قابس وفي المدن الأخرى حيث فروع "المجمع الكيميائي التونسي" مثل صفاقس، للإشارة إلى مادة ثنائي أكسيد الكبريت الذي يمثل مركبا كيميائيا ينتج طبيعيا من البراكين وصناعيا خاصة من حرق مركبات الكبريت، وهو غاز عديم اللون، كثيف وسام، قد يتسبب في الأمطار الحامضية، كما يسبب استنشاقه تهيجا شديدا والتهابا في الجهاز التنفسي.

فاز عرض "البخارة" بأهم جائزة مسرحية في البلاد، التانيت الذهبي لأيام قرطاج المسرحية 2024، إلى جانب جائزتي مهرجان المسرح العربي ومهرجان أيام الشارقة المسرحية في 2025، ولاقى نجاحا جماهيريا واسعا في العاصمة ومختلف المناطق. يكاد يكون العرض التونسي الوحيد الذي يتطرق إلى مسألة بيئية. لكن مع حضور مسألة التلوث بمادة البلاستيك في مسرحية أخرى بعنوان "الهاربات" للمخرجة التونسية وفاء الطبوبي، التي عرضت للمرة الأولى في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2025، قد نتساءل إن كان الوعي البيئي قد ارتفع في تونس إلى درجة أنه أصبح هاجسا فنيا.

ينص الدستور التونسي الأخير الصادر في عام 2022، كما دستور عام 2014، في مادته السابعة والأربعين، على أن الدولة  تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ، وأن عليها توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي. وقد صدر سنة 2017، قرار وزاري بتفكيك وحدات "المجمع الكيميائي التونسي" في قابس، لكن جميع هذه النيات القانونية الواعية بالبيئة بقيت حبرا على ورق.

FETHI BELAID / AFP
محتجّون يحملون لافتات ويهتفون خلال مسيرة في مدينة قابس جنوب تونس في 31 أكتوبر 2025 للمطالبة بتفكيك مصنع الفوسفات الحكومي الملوّث

التحركات البيئية في قابس التي تطالب اليوم السلطات بتنفيذ القرار الوزاري لسنة 2017، لها تاريخ طويل رغم أنها لم تبلغ سابقا الجماهيرية التي نراها عليها اليوم. يعود أول احتجاج شعبي على الانبعاثات السامة في المنطقة إلى سنة 1990 في قرية غنوش، شمال مدينة قابس، حين تسببت الانبعاثات الغازية في آثار صحية لدى الأطفال. وتسارعت وتيرة الاحتجاجات مباشرة إثر الثورة التونسية، سنة 2011، ثم تواصلت في إطار تحركات سنوية تعرف ذروتها كلما اشتدت الآثار الصحية على السكان وخاصة حينما تصيب الأطفال، مثل الأزمة التي لحقت بمدرسة بحي "القناينة" سنة 2024. تجمع الناشطون في حركة Stop "أوقفوا التلوث" Pollution، وهم يبدون عزما شديدا لتحقيق مطلبهم بتفكيك وحدات "المجمع" ونقلها خارج المناطق العمرانية، إذ اتخذوا كشعار الحق الأساسي في التنفس، وهم يعتمدون في خطابهم عبارات تتجاوز مطلبية الثورة التونسية، حيث لا يستخدمون، وعن وعي، عبارة "الشعب يريد" بل عبارة "الشعب قرر". حتى الساعة لم تجبهم السلطات إلا بمعالجة أمنية متشددة استخدمت فيها الغاز المسيل للدموع خلال الاحتجاجات، ولم تبد أي نية باتخاذ قرارات أو مبادرات بيئية أو صناعية.

تعتبر مسرحيتا "البخارة" و"الهاربات" أول عملين تونسيين يتناولان قضية الأخطار البيئية

عرفت مدينة صفاقس الساحلية قبل ست سنوات، تحركا شبيها بتحرك قابس، حيث كانت تشمل مصنعين تابعين لـ"المجمع الكيميائي التونسي"، مصنع NPK "إن بي كاي" ومصنع "السياب" SIAPE. أغلق الأول في أواخر الألفية السابقة بعد أن ترك أطنانا من الفوسفوجيبس، ويخضع موقعه حاليا لمشروع واسع النطاق لإزالة التلوث يعرف بـ"ـمشروع طبرورة". أما مصنع "السياب" فكان أحد أبرز مصادر التلوث الصناعي في تونس، إذ كان ينتج الفوسفات الثلاثي الفائق (TSP) مطلقا أدخنة حمضية ونفايات سامة وإشعاعية أثرت على صحة الأهالي والبيئة الساحلية. بعد عقود من الاحتجاجات والمطالبة بالإغلاق، نجح المجتمع المدني والسكان في فرض وقف النشاط الملوث في أغسطس/آب 2019 بقرار حكومي استجابة للضغط الشعبي والمحلي الواسع، وهو ما يعتبر انتصارا مواطنيا بيئيا نادرا في تاريخ تونس الحديث.

FETHI BELAID
الدخان يتصاعد من مصنع الأسمدة الملوّث في قابس وسط احتجاجات تطالب بتفكيكه

عموما، ازدادت المبادرات والجمعيات البيئية في تونس منذ سنة 2011، مدفوعة بأفق الحرية الذي فتح للجمعيات بعيد الثورة التونسية، وأيضا التغيرات المناخية المتسارعة في العقد الأخير والتي تسببت في ندرة المياه في البلاد، خاصة أن ماء الحنفية غدا غير صالح للشراب بعد الثورة. فقد تقدم بعضها على تنظيم حملات تشجير (حملة جمعية Soli&Green لإعادة تشجير غابة جبل دس في الشمال الغربي بعد الحرائق)، أو حملات نظافة كبرى إما في المدينة (جمعية تجميل مدينة الدندان ومنوبة وحماية التراث، وجمعية "من أجل تونس نظيفة" في عملية تنظيف لحديقة المدينة بالتعاون مع السلطات المحلية)، وإما على الشواطئ (جمعية "تونسي" وجمعية "التربية البيئية بالحمامات")، أو عروض توعوية (عرض الجمعية التونسية للزراعة المستدامة لوثائقي عن الزراعة البيئية). تتعامل الجمعيات أحيانا مع السلطات، وأحيانا تعوضها، وأحيانا أخرى تنتقدها أو تتجاهلها. ومنذ سنة 2020، انخرط المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في القضاء البيئي، وقد رفع شكوى ضد "المجمع الكيميائي التونسي" بخصوص أضرار مدينة قابس، عقدت أولى جلساتها يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. فهل يعني كل هذا أن الوعي البيئي ارتفع في تونس؟

 

MOHAMED KHALIL / AFP
يمرّ رجل بدراجته الهوائية أمام بنك مغلق خلال إضراب عام دعا إليه العمّال بعد أسابيع من الاحتجاجات على مصنع كيميائي

تناقض المواطن وتناقض الدولة

على الرغم من تواتر المبادرات البيئية وازدياد عدد الجمعيات الناشطة في هذا المجال وتوسع دائرة تدخلها، وعلى الرغم من شح المياه المتزايد والتصحر وزحف الرمال، فإن البيئة لا تحوز بعد في البلاد التونسية اهتماما متأصلا في الحياة اليومية. غالبا، لا يهتم المواطن التونسي بالحفاظ على نظافة محيطه، وإن كان يعلن في استطلاعات الرأي أن التلوث يشكل مشكلة خطيرة (88% حسب استطلاع "أفروبارومتر" 2023)، كما لا يتردد في استخدام كيس بلاستيكي لأصغر مشترياته حجما، وإن كان يبدي خلاف ذلك في استطلاعات الرأي (80%  من المستطلعين يرون أن الأكياس البلاستيكية تشكل مصدرا رئيسا للتلوث في تونس – "أفروبارومتر" 2023)، علما أن الدولة أجبرت محلات السوبرماركت قانونيا على جعل الأكياس بمقابل. عموما، لا يشكل إلقاء الفضلات في الشارع عارا أخلاقيا في المجتمع، وبعد انهيار المنظومة المحلية لجمع النفايات عقب الثورة التونسية، وتحول جدران بعض البيوت إلى مصب عشوائي للنفايات، صار ساكنو تلك البيوت يخطّون على جدرانهم عبارات يناشدون بها الله لتسليط العقاب على من يلقي بنفاياته تحت شبابيكهم. لكن حتى ذلك لم يجد نفعا.

ازدادت المبادرات والجمعيات البيئية في تونس منذ سنة 2011، مدفوعة بأفق الحرية الذي فتح للجمعيات بعيد الثورة التونسية، وأيضا التغيرات المناخية المتسارعة في العقد الأخير

أما الدولة فلديها سياسة بيئية، لكنها تبدو متشظية، غير مثمرة وغير مناسبة. تاريخيا، كانت تونس من بين أولى دول المنطقة التي وضعت سياسة رسمية لحماية البيئة، حيث أعدت خطة العمل الوطنية للبيئة منذ تسعينات القرن الماضي من أجل حماية البيئة والموارد الطبيعية، كما  أطلقت عام 1995 برنامج التنمية المستدامة ضمن "أجندة 21" الوطنية.

صورة تظهر انخفاض منسوب المياه في سد سيدي سالم بمنطقة تستور في محافظة باجة شمالي تونس، 23 أكتوبر 2025

 النتائج لا زالت بعيدة كل البعد عن الطموحات المرسومة، وقد أقر تقرير صادر سنة 2015 عن وزارة البيئة بالتعاون مع مؤسسات تونسية وأممية وأوروبية، بأن "المقاربة البيئية التي طورت خلال الثلاثين سنة الماضية، لم تسهم في اعتماد مقاربات متكاملة ورؤى منهجية شاملة تربط بشكل متناسق بين مختلف المكونات"، وأن "السياسات في المجالات البيئية (...) غالبا مجزأة، ومعزولة عن مسارات التنمية، والأدهى أنها تخطط دون إشراك الفاعلين المحليين، مع ضعف في مراعاة الخصوصيات الجهوية والمحلية"، كما "أن غياب الآليات وأدوات التخطيط المتكاملة (...) لا يساهم في تحقيق التطور المنشود في مجال دمج مكونات التنمية المستدامة".

خلقت السلطات في التسعينات من القرن الماضي شخصية بيئية رمزية باسم 'لبيب"، تتمثل في ثعلب صحراء أدخلت عليه بعض سمات الأنسنة وصار تميمة التربية البيئية وموجها في الأساس إلى الأطفال، ولكن نظرا إلى السلوك المجتمعي الشائع اليوم تجاه البيئة، يمكن الجزم بأن تلك المبادرة التي أطلقت حينها على نطاق واسع، تلفزيوني ومدرسي وثقافي، لم تؤت أكلها.

Fethi Belaid / AFP
تبحث طيور الفلامنغو تبحث عن الغذاء في سبخة السيجومي في تونس

تواصل الدولة التونسية حتى الساعة وضع برامج التعليم البيئي بإدخال أندية بيئية والتشجيع على تبني سلوكيات بيئية في مدارس التعليم الإعدادي والثانوي، وإعداد وثائق تربوية، كما أنها تواصل وضع الاستراتيجيات البيئية، مثل الاستراتيجيا الوطنية للانتقال الإيكولوجي التي اعتمدتها سنة 2024، لكنها في الوقت نفسه تواصل تجاهل مطالب أساسية مثل مطلب أهالي قابس في التنفس. عموما يمكن القول إن الثقافة البيئية ليست "سردا عاما" بعد في تونس.

ما هو نموذج ارتفاع الوعي البيئي في مدينة قابس التونسية إذن؟

يتجاوز التحرك البيئي الحالي في قابس نموذج الوعي البيئي الكلاسيكي الذي يأتي إثر تحسن المستوى المعيشي، فهو في الأساس احتجاج على تدهور شامل في مستوى المعيشة وعلى خطر وجودي يمس الأهالي في أثمن ما لديهم، أي أطفالهم، ويبدو أن هذا التراكم قادر على تعبئة جماهيرية وصلت أصداؤها إلى العاصمة، في وقفات مساندة. في الوقت نفسه، ترى بعض الدراسات أن الوعي البيئي المستدام ينشأ داخل أنظمة متعددة المراكز (مركز محلي، جهوي، وطني، دولي) تعمل بالتوازي والتنسيق وليس اعتمادا على مركز واحد فقط، حيث تجرب المجتمعات المحلية وتتعلم وتتعاون وتنشر نجاحاتها. وهذا تحديدا ما يحدث اليوم في قابس، فالتحرك محلي وناجح في تعبئة جماهيرية محلية، وسبقه في ذلك تحرك محلي في مدينة صفاقس المجاورة ولأسباب مشابهة، كما توج بنيل الحركة لمطالبها. ثم إن التعبئة متواصلة في قابس، حيث سادت في الأيام الأخيرة حالة احتقان كبير، إذ، أمام صمت السلطات وتجاهلها الموضوع، يشعر الأهالي بالاحتقار، وقد أعلنوا منذ أيام أنهم سيتحركون مجددا وسيواصلون عملهم المدني.

على الرغم من تواتر المبادرات البيئية وازدياد عدد الجمعيات الناشطة في هذا المجال، فإن البيئة لا تحوز بعد في البلاد التونسية اهتماما متأصلا في الحياة اليومية

فهل يمكن أخيرا القول بتطور الوعي البيئي في تونس؟ من المؤكد أن ثمة بشائر، لكنه وعي في صدد النضوج، ولا شك في أن مجتمع قابس سيصهر في بوتقة هذه التجربة، ليواجه بها ربما في ما بعد، المشروع الجديد للدولة المتمثل في إنشاء مصنع هيدروجين أخضر، في المدينة ذاتها، بغاية إنتاج الأمونياك والهيدروجين الموجه نحو السوق الأوروبية، خاصة أنها منشآت تستهلك كميات كبيرة من المياه.

font change