بعد اقتباس الإيطالي لوتشينو فيسكونتي لرواية "الغريب" لألبير كامو، بطولة مارسيلو ماستروياني سنة 1967، انطلق في قاعات السينما نهاية الشهر الماضي عرض اقتباس جديد للرواية نفسها للمخرج الفرنسي فرنسوا أوزون، وبطولة بنجامان فوازان.
لا يبدأ فيلم أوزون، كما تبدأ الرواية، بتلقي تلغراف المأوى الذي يخبر مورسو بوفاة والدته، وإنما بدخوله السجن (الذي يعج عربا) حيث يسأله أحد السجناء: "لماذا أنت هنا؟" فيجيب: "قتلت واحدا من العرب". هذه أول جملة ينطق بها مورسو في الفيلم. يبدأ الفيلم بذكر هذا "الواحد من العرب" الذي يظل في الرواية نكرة لا يحمل اسما. لكن الفيلم، الذي يبدأ بذكره، سينتهي بالترحم على قبره الذي يحمل اسمه ونسبه: "موسى حمداني".
إعادة اعتبار الى العربي
يسعى المخرج إلى أن يعيد الاعتبار الى هذا العربي الذي أطلق مورسو على جثته، بفعل أشعة الشمس، أربع طلقات، بعد أن أرداه قتيلا بالطلقة الأولى. بالعربي يبدأ الفيلم، وبه يختتم.
عند صدور رواية "الطاعون"، وجه الكاتب الجزائري مولود فرعون سنة 1951 رسالة إلى ألبير كامو يقول فيها: "قرأت رواية الطاعون، خلفت لدي قراءتها الانطباع بأنني فهمت كتابك أفضل مما فهمت أي كتاب آخر.
تملكتني الحسرة من الغياب المطلق لأي واحد من أهل البلد بين شخوص الرواية جميعهم، ومن كونك لم تر في مدينة وهران إلا ولاية فرنسية (...) ليس هذا عتابا. فكرت فحسب، أنه لو لم تكن بيننا هذه الهوة، لعرفتنا معرفة أفضل، ولشعرت بأنك قادر أن تتكلم عنا بالسخاء نفسه الذي يحظى به الآخرون. ومع ذلك فأنا آسف من كل قلبي أنك لا تعرفنا المعرفة الكافية، وأننا لا نحظى بمن يفهمنا، ويدفعنا نحو الفهم، فيساعدنا في معرفة أنفسنا". هذا ما سيؤكده كاتب جزائري آخر هو كاتب ياسين: "سيظل كامو دائما غريبا بالنسبة إلى الجزائر، مثلما كان غريبا بالنسبة إلى نفسه".



