أعاد اغتيال القائد العسكري لـ"حزب الله" هيثم الطباطبائي، عصر الأحد في الضاحية الجنوبية لبيروت، المخاوف من تكرار سيناريو حرب سبتمبر/أيلول- نوفمبر/تشرين الثاني 2024، من حيث إن المقدمات الرئيسة لتلك الحركة تمثلت وقتذاك باغتيال القائد العسكري لـ"حزب الله" محمد شكر قبل أن تكر سبحة الاغتيالات الإسرائيلية وصولا إلى الأمين العام لـ"الحزب" حسن نصرالله، ثم خلفه هاشم صفي الدين على وقع الغارات الإسرائيلية المتواصلة جنوبا وصولا إلى بيروت وكل الأراضي اللبنانية. لكن إذا كان تكرار هذا السيناريو الدراماتيكي واردا في أي لحظة إلا أنه ليس حتميا، والأرجح أننا لسنا إزاء مثل هذا السيناريو الذي انتفى سياقه الإقليمي والدولي، ولاسيما بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة الشهر الماضي، وإقرار مشروع القرار الأميركي بخصوصه الأسبوع الماضي، وهو ما أكد مجددا مقدار الدعم الأميركي للحفاظ على هذا الاتفاق، وإن أمكن خلال الأيام القليلة الماضية ملاحظة نوع من تراجع وتيرة زخم الدعم الأميركي لهذا الاتفاق، ولاسيما أن وتيرة الهجمات الإسرائيلية في غزة كانت قد تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية وهذا قبل هجوم الأحد في بيروت.
لكن حتى الآن لا يمكن الحديث عن تراجع أميركي عن دعم هذا الاتفاق وإلا كان ذلك من العبث السياسي، في حين أن إدارة دونالد ترمب تعيد بناء استراتيجيتها في الشرق الأوسط حول هذا الاتفاق، من دمشق وصولا إلى الرياض وما بينهما. وبالتالي لا يمكن الحديث عن ضوء أخضر أميركي لإسرائيل لتوسيع خروقات وقف إطلاق النار في غزة، بالرغم من تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية في اليومين الماضيين، لكن الأخطر كان خرق إسرائيل للخط الأصفر الذي قسم غزة جزأين، ما يعني أن بنيامين نتنياهو الذي لا يبدو أن لديه استراتيجية بديلة عن التصعيد والحرب، يحاول اختبار متانة الاتفاق وصبر الأطراف الدولية والإقليمية الداعمة له، أو اختبار ردود أفعالهم بأقل تقدير، لكن أي تصعيد إسرائيلي مفتوح في غزة يعني شيئا واحدا لا يمكن تصوره حتى الآن: سقوط الدعم الأميركي لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي عده ترمب إنجازا تاريخيا له.

