بعد الانتخابات البرلمانية العامة التي جرت أخيرا، انفرزت القوائم الفائزة إلى ثلاث تكتلات سياسية "كبرى"، تُصنف وتُعرِّف كل واحدة منها نفسها كممثل مفوض عن واحدة من الجماعات الأهلية الثلاث الكبرى ضمن العراق، الشيعة والسُنة والأكراد. وتتطلع إلى إعادة ترتيب مراكز الحُكم ومؤسسات السلطة بين هذه الجماعات الأهلية عبر ممثليها السياسيين، ما يوحي بأن النظام السياسي في العراق يتجه لمزيد من وقائع وأسس تكريس "الكونفدرالية السياسية/الأهلية" بين الجماعات والمكونات الأهلية.
حلقات مغلقة
بعد ظهور نتائج الانتخابات مباشرة، أعلن "الإطار التنسيقي"، وهو تحالف سياسي يضم كل قوى الإسلام السياسي "الشيعية" في العراق، عن تمكنه من تشكيل "الكتلة البرلمانية الأكبر"، وتالياً التأكيد على "حقه" في تشكيل الحكومة الجديدة. لكن مسارعة "الإطار" كانت لقطع الطريق أمام إمكانية سعي رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني لتشكيل كتلة برلمانية "وطنية عابرة للانقسامات الأهلية". فالسوداني الذي حصلت قائمته "الإعمار والتنمية" على المركز الأول في الانتخابات الأخيرة، لن يستطيع فعل ذلك دون جذب جزء من قوى "الإطار"، وهو ما ظهرت صعوبته، ما دفعه للانضواء ضمن هذا التكتل السياسي/الطائفي.
عقب حدوث ذلك، أعلنت "القوى السُنية" الفائزة بالانتخابات عن تشكيل "المجلس السياسي الوطني"، ليكون مظلة تضم القوائم الانتخابية "السُنية" الأربع الفائزة في الانتخابات: "حزب تقدم" بزعامة رئيس البرلمان الأسبق محمد الحلبوسي، وتحالف "عزم" برئاسة السياسي الصاعد مثنى السامرائي، وتحالف "الحسم" التابع لوزير الدفاع الحالي ثابت العباسي، وتحالف "السيادة" الذي يترأسه خميس الخنجر. البيان المشترك الصادر عن إعلان المجلس قال حرفياً: "إن القادة المجتمعين ناقشوا مختلف التطورات السياسية، ووقفوا على طبيعة التحديات التي تواجه البلاد بشكل عام ومحافظاتهم على وجه الخصوص، مؤكدين أهمية توحيد الجهود والعمل برؤية مشتركة للحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي، وضمان الحقوق الدستورية، وتعزيز التمثيل في مؤسسات الدولة".
إلى جانب ذلك، كثف الحزبان الكرديان الرئيسان في العراق، "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" مساعيهما لإعادة إحياء "الاتفاق الاستراتيجي"، الذي كان قائماً طوال الأعوام (2005-2017). ففشل الطرفان في تشكيل الحكومة المحلية في إقليم كردستان، بعد عام من إجراء الانتخابات المحلية في كردستان، وإيحاء بعض الشخصيات السياسية السُنية بإمكانية سحب منصب رئيس الجمهورية من القوى الكردية مقابل منحهم منصب رئيس البرلمان، والضغوط الشعبية عليهما، خصوصاً بعد التراجع المُلاحظ لمقاعد أحزاب المعارضة الكردية، وبروز مؤشرات على مساعي قوى الإطار التنسيقي لجذب طرف كردي دون آخر، كانت كلها عوامل دفعت الحزبين للسعي لإعادة إحياء مبادرة التحالف الثنائي بينهما، لتشكيل جبهة سياسية كردية موحدة.


