مع تنامي الاستياء داخل أروقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي إزاء الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، وتزامنا مع اتساع رقعة التحول السياسي في صفوف الناخبين الأميركيين ضد كل من دعم أو ساند أو شجع العدوان الصهيوني على الفلسطينيين، أعلن المتبرعون والمانحون الداعمون لمرشحي الكونغرس من أنصار إسرائيل واللوبيات الصهيونية الحرب على من يطلقون عليهم "أعداء السامية" و"كارهي إسرائيل"، حيث صعّدوا من خطابات التهديد والوعيد بمنع هؤلاء من الوصول إلى أي منصب رسمي سواء كان تنفيذيا أو نيابيا وبالحيلولة دون نجاحهم في انتخابات التجديد النصفي القادمة بأي ثمن.
يأتي هذا فيما يشهد الدعم الذي اعتادت إسرائيل الحصول عليه من القاعدة المحافظة بالولايات المتحدة انحسارا واضحا، لاسيما بين المسيحيين الإنجيليين الذين كانوا يشكلون أقوى القلاع المسيحية دفاعا عن إسرائيل واليهود. وتجلى ذلك في نكوص عدد من اليمينيين والمحافظين المؤثرين على موقفهم من الدولة العبرية، من أمثال تاكر كارلسون الذي كان يعد أحد أيقونات اليمين المحافظ وأبرز نجومهم الإعلاميين الذين تألقوا على شاشاتهم، خاصة "فوكس نيوز"، وكانديس أوينز الكاتبة والمعلقة السياسية التي صعد نجمها في سماء المحافظين، ومارغوري تيلور غرين النائبة الجمهورية اليمينية التي كانت من أشد أنصار دونالد ترمب قبل أن تنقلب عليه وتنتقد سياساته الخارجية والداخلية على السواء. وانتفضت اللوبيات الصهيونية بشكل خاص بعد أن استضاف كارلسون في برنامجه الشهير الذي يتابعه عشرات الملايين الناشط العنصري اليميني نيكولاس فوينتس الذي يجهر بكراهيته لإسرائيل ويرى أن اليهود الأميركيين أكثر ولاء لإسرائيل من الولايات المتحدة. كارلسون لم يتفق مع الكثير من آراء فوينتس لكنه أكد أنه يشاطره الرأي إزاء علاقة الولايات المتحدة ودعمها المستمر لإسرائيل، مؤكدا أن هذا ضرب من الجنون وأن هذه العلاقة لا تعود بأي نفع على واشنطن.
ورغم استمرار الدعم لإسرائيل بين المحافظين من كبار السن، فإن هذا الدعم بدأ يتلاشى بين الأجيال الجديدة وفقا لكثير من استطلاعات الرأي. فقد أظهر استطلاع أجراه "مركز بيو للبحوث" هذا العام أن شباب المحافظين ممن تقل أعمارهم عن 50 عاما يزدادون توجسا من إسرائيل. وقفزت الآراء السلبية لهذه الشريحة عن إسرائيل من 35 في المئة إلى 50 في المئة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ومن شأن اتساع رقعة هذه الآراء بين المحافظين وانتقالها من المؤثرين على وسائل التواصل إلى النواب المنتخبين أن يهدد المليارات من الدولارات التي تتلقاها إسرائيل سنويا من الولايات المتحدة في شكل مساعدات عسكرية ومدنية، ناهيك عن الدعم الدبلوماسي المطلق.


