في خضم أسبوع حافل بالتحركات الدبلوماسية المكثفة، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسم ملامح الدور الأميركي في الشرق الأوسط، ليس كشرطي للعالم أو كوسيط دبلوماسي بالمعنى التقليدي الذي ساد لعقود، بل كرجل أعمال ومطور عقاري يرى في تحولات الجغرافيا السياسية سلسلة من الصفقات الكبرى التي تنتظر من يمتلك الجرأة لإنجازها.
في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، قام ترمب بزيارتين خاطفتين، الأولى إلى تل أبيب، التي لم تتجاوز مدتها أربع ساعات وتوجت بإلقائه خطابا تاريخيا أمام الكنيست إضافة إلى وعدٍ بمنحه الوسام الرئاسي الإسرائيلي. وفي الأخرى انتقل إلى شرم الشيخ لرعاية قمة سلام دولية حضرها بعض القادة الدوليين.
لا يمكن النظر للجدول الحافل لذلك اليوم بوصفه مجرد أحداث سياسية عابرة، بل كانت عرضا حيا لما يمكن تسميته بـ"عقيدة ترمب" (Trump Doctrine) في السياسة الخارجية والتي تتبنى منهجية تقوم على كسر القواعد، وتجاوز المسارات التقليدية البطيئة، والتركيز على النتائج الملموسة والفورية، بغض النظر عن تعقيدات السياق التاريخي أو الاجتماعي.
هذه المقاربة، التي يصفها أنصاره بالبرغماتية الجريئة وينعتها منتقدوه بالتبسيط المخل الذي يتجاهل جذور الصراعات، تطرح سؤالا محوريا يتجاوز شخصية ترمب وإرثه السياسي الذي يسعى لبنائه: ما هي طبيعة الشرق الأوسط الذي يتشكل بفعل هذه السياسة، وما هي السيناريوهات المستقبلية للاستقرار الإقليمي في ظل دبلوماسية الصفقات؟ إن تحليل هذه العقيدة وتأثيراتها المحتملة يتطلب تفكيك أسلوبها، وفهم الدوافع الكامنة وراءها، وتقييم مدى قابليتها للنجاح في منطقة معروفة بأن كل حقبة من تاريخها تحمل في طياتها بذور صراع مستقبلي.