على غلاف كتاب "لم يعثر عليه... وقائع تمشية بجوار عوليس بحثا عن الدكتور طه" ("دار ديوان للنشر والتوزيع"، القاهرة)، الذي صممه أحمد اللباد، نرى صورة الروائي الأيرلندي جيمس جويس، صاحب رواية "عوليس" Ulysses الشهيرة، تحتل معظم مساحة الغلاف بألوان داكنة مليئة بالكلمات الأشبه بالطلاسم، وعلى طرف الغلاف صورة مترجمها طه محمود طه (1929-2002). ولعل هذا الغلاف يختصر مسعى مؤلف الكتاب الصحافي محمد فرج بحثا عن قصة مترجم الرواية، الذي يعرف عنه أنه أمضى عشرين عاما في ترجمة هذا العمل.
يحاول الكتاب الإجابة عن سؤال جوهري حول الرواية وترجمتها: ما الذي منح رواية "عوليس" هذه الأهمية في التاريخ الأدبي حتى يفني رجل مثل الدكتور طه محمود طه عمره في ترجمتها؟
وفي حين يعترف المؤلف بأنه في خضم بحثه عن الإجابة، وجد تفاصيل لا تقدم إجابة شافية، إلا أن رحلة البحث في حد ذاتها كانت رحلة مثالية ومضنية تهدف إلى التذكير بمجهود مترجم، ومحاولة سبر سبب بذله كل هذا المجهود والوقت على كتاب واحد، فبدت هذه التفاصيل الدقيقة إخلاصا موازيا لإخلاص المترجم ووثيقة جديدة تثبت عدم نسيان مجهوده. هنا سعي إلى معرفة حكاية كتاب من أمهات الكتب في الأدب العالمي، وكيفية ترجمته للعربية من قبل رجل كان شغفه بالكتاب عظيما إلى درجة أنه أمضى سنوات في العمل عليه وتقصي خفاياه بين دبلن في أيرلندا والقاهرة، بل كثيرا ما يروى أن طه محمود طه أمضى سنوات عمره الأخيرة في ترجمة كتاب جويس الآخر المهم، "يقظة آل فينيغان"، حتى إنه فقد بصره خلال الترجمة، وتوفي دون أن يرى العمل مطبوعا، الذي صدر بالفعل بعد أشهر قليلة من رحيله في 2002.
بطل كل إنسان على مر العصور
ينقل الكتاب كلمات المترجم عن رواية عوليس فيقول: "هذه الرواية ملحمة كونية، أسطورة الأساطير، أم الرواية الحديثة والمستقبلية. دائرة للمعلومات، فيها تراث ضخم من أيام الخلق الأولى وعصور العمالقة، واختراع الأبجدية. بل قبل ظهور الإمبراطورات وسقوطها والمدارس الأدبية. بطلها كل إنسان على مر العصور، امتهن الكثير من الحرف وتزوج وبنى العواصم والمدن والحضارات وهدمها وحارب وانتصر وانهزم ثم قام وسقط ومات ثم بعث واستنسخ جويس منه نسخا عدة تحمل جيناته الوراثية".
لهذا الحد كان يرى المترجم، وغيره من النقاد والخبراء، أهمية هذه الرواية. والمثير فعلا أن الترجمة التي قدمها طه محمد طه لم تعد موجودة أساسا، بل لا نكاد نجد نسخة جيدة منها، وهو ما يثير سؤالا آخر عن إهمال إعادة طبع هذه الترجمة.



