أوسكار 2023 يطرق باب الحالمين

تحديات محسوبة وسباقات ساخنة

Dave Murray
Dave Murray
لا يزال الأوسكار يثير الحماسة ذاتها بعد 94 سنة ويشكّل الأهمية الكبيرة لصانعي السينما والمشتركين في كل خانة من خانات صناعتها.

أوسكار 2023 يطرق باب الحالمين

إذ تنطلق الدورة الخامسة والتسعون من جوائز الأوسكار خلال أيام، نتوقف عند جملة من التحديات تواجه أهم جائزة سينمائية عالميا، إلى جانب قراءة مستفيضة للترشيحات الأساسية ومَن هم الأقرب إلى دخول نادي الرابحين.

تنطلق هذه الدورة في الثاني عشر من مارس/آذار حاملة ما يُثير اهتمام أوساط كثيرة تبدأ بالوسط السينمائي الأميركي والدولي، وتشمل المتنافسين على الجائزة الذهبية الأشهر والإعلاميين والمتابعين من النقاد والهواة والمحترفين على حد سواء.

لكل فريق نصيب من هذا الاحتفال. لكل جائزة صداها. لكل فائز مصير قد يكمن في استمرار نجاحه أو ارتقائه مستوى أعلى.

الأوسكار، هو ذلك الصرح الذي انطلق ليل السادس عشر من مايو/أيار 1929 للمرّة الأولى. جزء أساسي من تاريخ السينما بأسره بدأ ذلك الحين، إذ لم تكن هناك أي مبادرات شبيهة تهدف إلى تكريم مؤسسة ما بالإنتاجات السينمائية والاحتفاء بصانعيها.

تلك الدورة شملت الأفلام التي عرضت على الشاشات الأميركية ما بين الأول من أغسطس/آب 1927 والأول من الشهر نفسه من سنة 1928. احتشد في فندق "هوليوود روزفلت"، الذي لا يزال قائما إلى اليوم مع بعض غبار التاريخ المديد، أرباب الصناعة وأبناؤها، وذهبت الجوائز الرئيسية (وربما اعتبرت كلها رئيسية) إلى فيلم "أجنحة" Wings لوليم ولمان وكان بذلك أول فيلم ينال أوسكارا في التاريخ.

أفضل مخرج كان فرانك بورزاج عن "السماء السابعة"، فيلمه العاطفي الممتاز الذي تقع أحداثه في باريس، وإلى جانبه على الصعيد الكوميدي المخرج ذي الأصل الروسي لويس مايلستون عن فيلمه "فارسان عربيان" (Two Arabian Knights).

على صعيد الممثلين خطف الألماني إميل جانينغز الأوسكار عن فيلم حربي آخر هو "الوصية الأخيرة" (The Last Command) في حين نالت جانيت غاينور الجائزة نفسها عن بطولتها لفيلم "السماء السابعة".

مستويات مقلقة

لا يزال الأوسكار يثير الحماسة ذاتها بعد 94 سنة ويشكّل الأهمية الكبيرة لصانعي السينما والمشتركين في كل خانة من خانات صناعتها. من الكتابة إلى عمليات ما بعد التصوير، مرورا بالإخراج والتصوير والتمثيل والمؤثرات وجوانب العالم الوهمي الذي يعيش بيننا منذ أكثر من 120 سنة.

هناك تحديات كبيرة في كل دورة من دورات الأوسكار وخصوصا من العام 2000 حتى اليوم.

لا تطاول تلك التحديات التي يدلف إليها المتنافسون على جوائز "أكاديمية العلوم والفنون السينمائية" مالكة الأوسكار تاريخا وحاضرا ومؤسسات، بل تطاول أساسا على وضع الحفل الأوسكاري في حد ذاته. وبالتالي قيمته ومعناه، وما إذا كان لا يزال اليوم يحوز الأهمية الكبيرة نفسها.

لقد شهدت نسبة مشاهدي حفل الأوسكار هبوطا شبه متوال من العام 2000 إلى العام الماضي. إذ بلغ عدد مشاهدي الحفل على شاشات المحطات التلفزيونية في الولايات المتحدة 46 مليونا و330 ألف مشاهد في سنة 2000 بحسب موقع Statista، الذي لا يزال الرقم الأعلى منذ ذلك الحين حتى العام الماضي عندما وصل عدد المشاهدين إلى خمسة عشر مليونا و360 ألف مشاهد.

في العام 2021 بلغ أدنى مستوى له إذا اكتفى بعشرة ملايين و400 ألف مشاهد.

خلال هذه السنوات كانت هناك قمم عالية لكنها لم تتساو مع الرقم المسجل لسنة 2000. مثلا ارتفعت النسبة من 33 مليونا سنة 2003 إلى 34 مليون و530 ألف مشاهد في 2004، وبعد سنوات من الهبوط حقق الأوسكار نسبة عالية سنة 2014 عندما بلغ عدد مشاهديه 43 مليونا و700 ألف مشاهد. لكن النسبة صارت دون ذلك الرقم المذكور، من ذلك العام إلى السنة الماضية.

الحفل الذي يُبث على شاشة ABC الأميركية يأتي مدعوما باتفاق مع مالكي تلك المحطة ("وولت ديزني كومباني") التي تدفع للأكاديمية مليار دولار طوال عشر سنين تنتهي في العام 2026 قابلة للتجديد كما يتوقع خبراء المهنة على الرغم من تراجع الإقبال.

ميشيل وليامز في «ذا فابلمنز» (يونيڤرسال بيكتشرز)

نسب متفاوتة

بناء على ذلك كله، فإن إقبال المشاهدين في أميركا، وباقي العالم، على أهميّته، يشكل نصف الحافز الذي يقف وراء اهتمام صناعة السينما في هوليوود وحول العالم بهذا المنجز الضخم. النصف الثاني، والأهم، يتألّف من صانعي السينما في كل جانب وشأن واحتراف. يحلّ الأوسكار في آخر صف موسم الجوائز الذي يحتوي على البافتا البريطاني والغولدن غلوبز الأميركي وسيزار الفرنسي وعشرات الجوائز التي توزعها مؤسسات وطنية، وهو يعتبر شيخ الجوائز تاريخا وأكبرها إلى اليوم.

هناك أكثر من سبب، بينها اعتماد أهل المهنة اليوم على تسجيل التميّز والنجاح تماما كما كانت حال من سبقهم من منتجين ومخرجين وكتاب ومديري تصوير وموسيقيين وباقي المنتمين إلى فعل صناعة الفيلم وإنتاجه. هوليوود تحتاج إلى الاحتفاء بنفسها، بصرف النظر عن نسبة المشاهدين. ستكون سعيدة أكثر لو ارتفعت هذه النسبة، لكن الأوسكار ذاته ليس موقع نقاش أو مساومة.

هناك 9579 مقترعا، كلهم أعضاء في الأكاديمية كشرط. هذا جسدٌ متين من المقترعين يفوق عدد المقترعين في أي مناسبة أخرى. النسبة الكبرى من هؤلاء هي من الممثلين والممثلات (قرابة 40 في المئة) يتبعهم المخرجون والمنتجون (نحو 26 في المئة) ثم باقي أصحاب الحرف المختلفة.

هذا لا يعني أن الجميع يصوّت معا في وقت واحد. ذلك لأن الترشيحات تنقسم ثلاثة أقسام أساسية: الترشيحات الأولى التي تتم فيها مشاهدة كل فيلم روائي أو تسجيلي أو رسوم متحركة تختاره اللجنة. من هذه النسبة يتم اختيار "اللائحة الطويلة" لكل قسم، ومنها يدلف الجميع إلى الترشيحات الرسمية.

هذه الترشيحات الرسمية هي التي يصوت عليها المقترعون جميعا. ما سبق ذلك، تختلف النسب من مسابقة إلى أخرى.

تحديات تواجه مكانة حفل الأوسكار كل عام وتتعلق بقيمته ومعناه وما إذا كان لا يزال اليوم يحوز الأهمية الكبيرة التي شكّلها قبل سنوات ليست ببعيدة

في قسم الأفلام العالمية فإن الإختلاف الحقيقي الوحيد هو أن لجنة اختيار تشاهد الأفلام المقدّمة من بلدانها وتفرز القائمة الطويلة منها. لجنة أخرى تشاهد هذه الأفلام وتفرز الترشيحات الخمسة التي على جميع الأعضاء التصويت لها.

بين الأعضاء كافة (بحسب إحصاء يعود إلى 2019) هناك 32 في المئة من الإناث بين أعضاء الأكاديمية (مقابل 26 في المئة في العام 2015) و18 في المئة من الأقليات (سود ولاتينيون وآسيويون) مقابل 8 في المئة فقط في العام 2015. بعد أن أثير الموضوع خلال السنوات الأربع الماضية، اقتربت نسبة المقترعات الإناث حاليا من 38 في المئة، ونسبة الأعضاء من الأقليات ارتفعت بدورها إلى نحو 22 في المئة.

هذا الحجم المتنوّع والكبير يفضي إلى حجم مماثل على صعيد المستوى الفني والمحتوى معا، وهذا ما يبرز في ترشيحات هذه السنة أكثر من السنوات القريبة الماضية.

خمسة أفلام عالمية

هناك حقيقة أخرى تقف وراء الأهمية الكبيرة للأوسكار على الصعيد العالمي، وهي ازدياد منافسة المهرجانات الدولية الكبيرة (البندقية، كان، تورنتو على الأخص) في ما بينها، على دعم حضورها السينمائي بانتخاب الأفلام التي قد تصل، في نهاية المطاف، إلى استحواذ الترشيحات إن لم يكن الجوائز.

ففي سباق أفضل فيلم عالمي هناك خمسة أفلام، كالعادة، كل منها ورد من مهرجان سابق.

حروب الأمس في «كله هادئ على الجبهة الغربية» (أميوزمنت بارك فيلمز)

فيلم شهد عرضه الأول في مهرجان البندقية في سبتمبر/أيلول الماضي هو "أرجنتينا، 1985"، وآخر شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان تورنتو (في الشهر نفسه) هو "كله هادئ على الجبهة الغربية" (All Quiet on the Western Front)، وثالث من عروض مهرجان برلين في فبراير/شباط من العام الماضي ("الفتاة الهادئة"، The Quiet Girl) وفيلمان من مهرجان كان هما EO البولندي وClose البلجيكي.

هذه المهرجانات (وفي مقدّمتها البندقية نسبة لكثرة وصول أفلامها إلى سباق الأوسكار) تتباهى بأن ما عرضته من أفلام هو سبيل مؤكد لدخول معترك الجائزة الكبرى. وهي تفعل ذلك لا لإرضاء الأوسكار أو الأكاديمية، بل لكي تجذب إليها الأفلام التي تريد حشدها لعروضها الخاصّة بها على أساس أن هذا المهرجان أو ذاك هو المنصّة الفعلية للوصول إلى احتمالات الفوز بالأوسكار، على غرار ما فعل "روما"، الفيلم المكسيكي الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم أجنبي سنة 2019.

إلى جانبه كان هناك "حرب باردة" لبافل بافولفسكي و"كفرناحوم" لنادين لبكي و"لصوص المحلات" (Shoplifters) التي عرضها مهرجان كان. الفيلم الخامس "لا تشح نظرك" هو فيلم ألماني شهد عرضه العالمي الأول في المهرجان الإيطالي ذاته.

هذا العام، لا تتمتع الأفلام المتنافسة المذكورة أعلاه بمستوى واحد من التنافس. "الفتاة الهادئة" (أيرلندا) لكولم بيريَد هو أهدأ مما يجب. الفيلم البولندي "إي أو" ليرزي سكوليموفسكي يثير الاهتمام إلى حد معيّن بالنظر إلى فحواه (بطولة حمار يحمل وجهة نظر في حياته المتقلّبة)، كذلك يفعل الفيلم البلجيكي "عن كثب" (Close) للوكاس دونت.

"الأرجنتين، 1985" لسانتياغو متري هو أقوى هذه المجموعة شكلا ومحتوى، إذ يدور على ويلات الإنقلاب العسكري الذي وقع في الأرجنتين في ذلك العام وما تسبب به من اعتقالات واغتيالات. هو أقوى هذه المجموعة باستثناء "كله هادئ على الجبهة الغربية" لإدوار برغر الذي حصد منذ عروضه في تورنتو عشرات الجوائز، آخرها جائزة "بافتا" البريطانية (الموازية للأوسكار نوعا ما). هذا الفيلم الحربي مهم ويصل في وقت تشهد فيه أوكرانيا حربها المفجعة. في الوقت ذاته، فإن أحداث الحرب العالمية الأولى التي يعرضها، تختلف عن أي حرب حديثة أخرى بفعل تقدّم آلات الحرب وأدواتها. على ذلك، توعز مشاهدة الفيلم وتركيزه على المقاتلين أنفسهم بأن الحروب لا تزال فعل أفراد في الجبهة.

جدير بالذكر هنا أن الأفلام العربية التي اندفعت إلى دخول الترشيحات الرسمية لم يصل أيّ  منها. أقواها وأفضلها كان "القفطان الأزرق" للمغربية مريم توزاني.

• توقّعات الناقد: All Queit on the Western Front

حقيقة أخرى تقف وراء الأهمية الكبيرة للأوسكار وهي ازدياد منافسة المهرجانات الدولية الكبيرة في ما بينها على دعم حضورها السينمائي 

الأفلام العشرة في المسابقة الأولى

هناك من طالب ولا يزال بأن ترفع الأكاديمية عدد الأفلام الأجنبية المتسابقة في هذا الميدان لإتاحة المجال أمام عدد أكبر من الأفلام العالمية المتسابقة. هذا ليس متوقعا حدوثه، وإن حصل فسيأتي ملازما لعدد الأفلام الأميركية والأساسية المتنافسة على أوسكار أفضل فيلم. وهذا قد يفتح الباب أمام مطالبات شبيهة من المسابقات الأخرى، على ما قاله لنا مصدر من الأكاديمية.

من «مثلث الحزن» (إمبراتيڤ إنترتينمنت)

تتضمن مسابقة أفضل فيلم هذا العام، عشرة أعمال، ثلاثة منها ليست من إنتاج أميركي هي "مثلث الحزن" (Triangle of Sadness)، كناية عن تمويل جيء به من عشرة بلدان هي سويسرا والسويد وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والدانمارك (يحمل الفيلم هويتها) واليونان وتركيا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية.

الفيلم الثاني هو الأيرلندي "جنيات أنيشِرين" (The Banshees of Inisherin) لمارتن مكدونا و"كله هادئ على الجبهة الغربية" الذي يحمل تمويلا مشتركا بين ألمانيا والولايات المتحدة.

"جنيات إنيشِرين" و"كله هادئ على الجبهة الغربية" هما أقوى هذا الثالوث من الأفلام. "كله هادئ" هو من بين الأفلام التي يدور حولها اليوم الاحتمال الأعلى للفوز. هذا ليس مرده إلى قوّة الفيلم وحسن إخراجه فقط، بل إلى حقيقة موازية لوضع الفيلم في مسابقة أفضل فيلم عالمي.

كولين فارل في «جنيات إنيشيرين» (تشابل بلايس برودكشنز)

توقعات كاتب هذه السطور هنا لا تستطيع الابتعاد عن هذا الاحتمال، لكن المنافسة صعبة وساخنة بسبب جودة فيلمين آخرين هما "جنيات إنيشِرين" و"أفاتار: طريق الماء" (Avatar‪: The Way of Water)، في الوقت نفسه، لا يمكن استبعاد فوز "كل شيء كل مكان في آن واحد" وهو فيلم فانتازي لمخرجين جديدين هما دانيال كوان ودانيال شاينرت. المحيّر في هذا الفيلم الأميركي هو الإعجاب المطلق الذي استقبله به النقاد الغربيون، خصوصا الأميركيين. فاز بعشرات الجوائز من مطلع هذه السنة أهمّها "غولدن غلوب" كأفضل فيلم كوميدي، لكنه خسر أمام "كله هادئ" في مسابقة "بافتا" قبل أيام.

حسب استفتاء موقع Goldderby فإن "كل شيء كل مكان..." يتصدّر الاحتمالات، يليه "جنيّات إنيشِرين" ثم فيلم ستيفن سبيلبرغ The Fabelmans. لا ذكر لفيلم "أڤاتار" في هذا الموقع.

في توقعات أخرى، فإن المركز الثالث من نصيب "توب غن: مافريك" (Top Gun: Maverick) الذي قاد بطولته توم كروز، بينما يحل "كله هادئ" في المركز الخامس من الاحتمالات مباشرة بعد فيلم ستيفن سبيلبرغ الذي هو أقرب إلى السيرة الذاتية.

الأفلام الأخرى التي تشكل، مع ما سبق ذكره، سباق أفضل فيلم هي "تار" لتود فيلد و"إلفيس" لبز لورمن و"نساء يتكلمن" لسالي بوتر.

• توقعات الناقد: The Banshees of Inisherin

أفضل مخرج؟

في وسط معمعة الأفلام، تأتي مسابقة أفضل مخرج المؤلّفة من خمسة وتضم تود فيلد عن "تار" ومارتن ماكدونا عن "جنيات إنيشِرين" وستيفن سبيلبرغ عن "ذا فابلمنز" وروبين أوستلاند عن "مثلث الحزن" ودانيال كوان ودانيال شاينبرت عن "كل شيء كل مكان في آن واحد".

معظم التوقعات تقترح فوز الدانيالز (كوان وشاينبرت) بهذه الجائزة، استنادا إلى فوزهما سابقا بجائزة أفضل إخراج لدى "نقابة المخرجين الأميركية" التي لها حضور واسع في الأكاديمية مثلما تقدّم.

ميشيل يواه (يميناً) في «كل شيء كل مكان في وقت واحد» (A24)

لكن، وبكل موضوعية ممكنة، هل إخراج هذه الفانتازيا (التي تضم كل شيء كل مكان في آن واحد فعلا) أقوى من إخراج مارتن ماكدونا أو ستيفن سبيلبرغ أو روبن أوستلاند؟

وهل هو أفضل على مستوى الإخراج من سينمائيين مبعدين هنا هما جيمس كاميرون عن "أفاتار: طريق الماء" وجوزف كوزينسكي عن "توب غن: مافريك"؟ سبب المقارنة بين الدانيالز وكاميرون وكوزينسكي، أن أفلام هؤلاء تستند إلى قدر طاغ من المؤثرات الخاصّة: توم كروز في طائرته وهو يدرّب فريقه ثم يخوض وإياه غزوة ناجحة فوق بلد عدو، و"أفاتار: طريق الماء" الذي يستخدم المؤثرات على بعد سنوات ضوئية من أي فيلم آخر من هذه المذكورة أو سواها؟

• توقّعات الناقد: "كل شيء كل مكان في آن واحد".

 

سباق الممثلين

إذا كان كل ما سبق يصعب تأطيره، فانتظر ما سيلي في سباق الممثلين والممثلات. كل شيء هادئ على الجبهات الأخرى بالمقارنة.

الممثلون الخمسة المشتركون في سباق أفضل ممثل في دور أول، هم أوستن بتلر عن "ألقيس" وبراندون فرايزر عن "الحوت" (The Whale) وكولِن فارل عن "جنيات إنيشِرين" وبل نايي عن Livingوبول مسكال عن Aftersun.

كل واحد من هؤلاء قدّم دور العمر. إثنان منهم أقل شهرة من سواهما، هما بول مسكال وبل نايي عن "ليڤينغ" لكن أداء كل منهما يتساوى مع الثلاثة الآخرين الذين يلتقون في نواح مختلفة.

كولِن فارل يحتاج إلى هذا الأوسكار أكثر من حاجته إلى فيلم جديد من الوزن ذاته الذي أدّى فيه دور الأيرلندي الذي يدفع بصديق الأمس لقطع أصابع يده في "جنيات إنيشِرين". لقد سبق له أن غازل الترشيحات أكثر من مرّة عبر عدد من الأفلام لكنه لم يفز بأي ترشيح. دوره هنا جيد ويستدعي الإعجاب، لكن كذلك أوستن بتلر عن تجسيده شخصية المغني الراحل الملقب (إلى اليوم!) بـ"ملك الروك أند رول". بتلر برهن أنه الممثل المناسب لدور صعب كهذا.

كلاهما، بتلر وفارِل، باتا أقرب إلى نيل الأوسكار من المرشّح الخامس براندون فرايرز الذي يتبوأ بطولة فيلم "الحوت"، عن أستاذ مدرسة يعاني من إدمان الطعام. وزنه ما عاد يُحتمل وبدانته خطرة. الفيلم هو أكثر من نظرة على عالم رجل مسكين إذ يميل إلى شرح الخلفيات التي ساهمت في وصوله إلى هذا المطاف.

استجاب الممثل براندون فرايزر لرغبة المخرج دارن أرونوفسكي وأضاف إلى وزنه (الذي كان فوق المعدّل أساسا) وزنا إضافيا. لعب الدور بكل ما أوتي من مشاعر تخدم الفرصة التي أتيحت له للعودة من التغييب الذي كان يمر به حتى لحظة قيام المخرج بطلبه.

الحماسة له ليست عاطفية، بل فنية. والمشهد معقّد هنا على أساس أن للثلاثة المذكورين (فرايزر وفارل وبتلر) حظوظا متساوية.

• توقّعات الناقد: أوستن بتلر

 

سباق الممثلات

أندريا رايزبورو عن To Leslie تلعب شخصية أمّ بلا زوج تبعثر ثروتها في محاولة يائسة منها لتعيش ما فاتها من مسرّات. بعد إنفاقها ثروتها لا يعود أمامها سوى محاولة شق طريق الحياة من جديد.

آنا دي أرماس هي المقابل الإنثوي لأوستن بتلر، فهو لعب شخصية فنان حقيقي ولعبت هي شخصية فنانة حقيقية (كلاهما راحل عن عالمنا منذ عقود). دي آرماس تؤدي شخصية الممثلة ماريلين مونرو وإجادتها ليست مدعاة نقاش طويل.

كايت بلانشَت في «تار» (فوكاس فيتشرز)

في الترتيب الثالث وصولا إلى الأكثر احتمالا، هناك ميشيل وليامز التي تؤدي في "ذا فابلمنز" دور والدة المخرج الشاب الذي هو نسخة عن مخرج الفيلم سبيلبرغ.

هؤلاء الممثلات لديهن معا نصف التوقعات بالنسبة إلى من ستفوز بأوسكار أفضل ممثلة أولى. النصف الثاني مؤلف من ممثلتين فقط هما ميشيل يواه عن "كل شيء كل مكان" وكايت بلانشَت عن "تار".

بلانشَت لها اليد العليا إلى الآن، لكن المنافسة تكاد تكون على حد متساو مثل سباق الجياد أو السيارات. ما قد يعمل ضد بلانشَت، عاملان: الأول ما قد يجول في الجزء الخلفي من رؤوس المقترعين من أنه سبق لها أن فازت، بالتالي فإن ميشيل يواه جديرة بأن تُمنح الفرصة.

العامل الثاني، أن الأفلام التي لا تربح الأوسكار هي عرضة لانحسار أن يربح أبطالها أو بطلاتها أوسكار أفضل تمثيل. هذا العامل يأتي معكوسا أيضا، إذ إن فوز الفيلم كثيرا ما أدّى إلى فوز ممثليه وممثلاته أيضا. المشكلة هنا أن "تار" لا يبدو الفيلم الذي سيفوز بالأوسكار على أي حال.

• توقّعات الناقد: ميشيل يواه

font change

مقالات ذات صلة