مسرحية تستحضر سيرة "شاعر الآلام" حمد الحجي

عرضت خلال معرض الرياض الدولي للكتاب

خلال العرض المسرحي

مسرحية تستحضر سيرة "شاعر الآلام" حمد الحجي

الرياض: لم تتسع الحياة طويلا لتجربة الشاعر السعودي حمد بن سعد الحجي، الذي ولد في بلدة "مرات" في الوشم، 1938، حيث أنها ألهته وشاغلته بما ألمّ به من مرض نفسي عانى منه مبكرا في سن الخامسة عشرة. وقد عبّر في ديوانه "عذاب السنين" الذي طُبع بعد وفاته 1989 عن التجربة المريرة التي عاشها واستمر في مواجهتها وحيدا. درس الحجي في كليتي الشريعة واللغة العربية بجامعة الملك سعود، التي أراد مسرحها الذي وقف على خشبته الشاعر الحجي في بداياته، أن يستعيد ذكراه بعد أكثر من ثلاثة عقود من موته، وذلك عبر عمل مسرحيٍ يستحضر حكايته. مسرحية شعرية من تأليف سامي الجمعان وإخراج فهد الدوسري، يجسد فيها الفنان تركي اليوسف شخصية الحجي، مفصحا ببراعة عن مكنونات سيرته ولواعجه النفسية التي لم يجد طوال حياته من يخففها عنه غير شقيقته التي أدّت دورها الفنانة نيرمين محسن.

مؤلف مسرحية "حكاية شاعر" الدكتور سامي الجمعان شرح عبر "المجلة" سبب اهتمامه بشخصية الحجي وحياته: "كتبت هذا النص انطلاقا من شعوري بالمسؤولية تجاه قامات أدبية سعودية لها بصمتها الكبيرة، خاصة إذا ما امتزج الإبداع بالمعاناة وأي معاناة. إنها معاناة إنسانية محفزة على الكتابة، وهذا زاد حماسي لكتابة مسرحية حول شخصية الشاعر حمد الحجي، خاصة وأن المسرحية ستعرض في واحد من أبرز المحافل والمواسم الثقافية في المملكة وهو معرض الرياض الدولي للكتاب. ورأيت ان ذلك ملائم جدا للعرض، وأنّ شخصيته كانت واحدة من أبرز الشخصيات التي يمكنني انتقاءها بعناية، لقد كانت سيرته بحق حكاية شاعر.. فهو شاعر استثنائي صارع من أجل البقاء".

 كتبت النص في ثلاثة أيام وكنت في قمة الاستمتاع بمحاولة مسرحة سيرة شاعر نبغ صغيرا وعانى ما عاناه من قلق وانزواء وعزلة إبداعية رسمت معالمها في الظِل


سامي الجمعان

ويضيف الجمعان: "إن سيرة حمد الحجي ملهمة بحق، فقد نبغ صغيرا لكنه عانى من مرض نفسي ألمّ به وجعله في حالة استدعت العلاج في أكثر من مكان، وهذه السيرة المازجة بين الإبداع الحقيقي والألم النفسي تستفزّ قلم الكاتب المسرحي أو الدرامي عموما بسبب ثرائها الشديد".

وحول عملية كتابته "حكاية شاعر": قال الجمعان: "كتبت النص في ثلاثة أيام وكنت في قمة الاستمتاع بمحاولة مسرحة سيرة شاعر نبغ صغيرا وعانى ما عاناه من قلق وانزواء وعزلة إبداعية رسمت معالمها في الظِل. إن فن المسرحية من أخطر الفنون الكتابية وأكثرها تطلبا للحرص. إنه يتطلب وعيا عميقا بما نمسرحه كما يتطلب قدرة كتابية وحيلا إبداعية وفنية للوصول إلى عمق ما نمسرحه بصورة درامية جاذبة، وهذا بالتحديد ما سعيت إليه من خلال هذا العرض المسرحي".

بدورها، اعتبرت الفنانة السعودية نيرمين محسن أن مشاركتها في المسرحية بدور شقيقة الشاعر الحجي، هو "مساهمة في تقديم صورة من صور الوفاء لمبدعين تركوا أثرا في حياتنا الثقافية، ومنهم الشاعر الراحل حمد الحجي، وآمل أن نكون قد نجحنا في إيصال صوت الشاعر الملقّب بشاعر الآلام إلى الجمهور، ولاسيما الشباب الذين ربما يتعرّفون للمرة الأولى إلى سيرته".

 

مقطوعات موسيقية

وأكّدت محسن أنها تعاطفت شخصيا مع سيرة الشاعر، "الذي استطاع تحويل آلامه إلى قصائد أقرب إلى المقطوعات الموسيقية. وأعترف بأنني وأثناء قراءتي النص والبحث المضني عن سيرة الشاعر، تأثرت كثيرا بحقيقة أن الآلام التي خالطت مسيرته ربما لم تمنحه فرصة الظهور أكثر أو تسليط الضوء على إبداعه وقيمته الشعرية". وحول دورها في "حكاية شاعر"، تقول نيرمين محسن: "سعدت كثيرا بأداء دور شقيقة الشاعر الراحل، لأن الأخت هي أم أخرى، وهكذا كانت أخت حمد الحجي في حياته وهذا ما بيّنته المسرحية وتوسعت في هذا الجزء الهام والذي تجلى للجمهور ورأيت أثره في عيونهم أمام الدور الذي قامت به كأخت أوفت وأعطت وبذلت دون مللٍ ولا كلل لأخٍ لا شك في أنه استحق كل ما بذلته في سبيله".
 

من الملامح الهامة في هذا النص المسرحي أننا استطعنا الالتزام بنصٍ لغوي عربي فصيح، وهي بالنسبة إلينا مسؤولية فنية جعلتنا نصنع فنا أدبيا ومسرحا ثقافيا يرسخ في ذاكرة المسرح

نيرمين محسن

وأعربت نيرمين محسن عن تقديرها الكبير للدكتور سامي الجمعان "الذي بدأ هذه الفكرة وعرضها وكذلك للمنتج فهد الحوشاني، والزميل الفنان القدير تركي اليوسف الذي جسّد الشخصية بأروع ما يكون. والزميل الفنان الرائع جدا أستاذنا عبدالعزيز المبدل. وزملائي الممثلين الشباب المبدعين. ولعل من الملامح الهامة في هذا النص المسرحي أننا استطعنا الالتزام بنصٍ لغوي عربي فصيح، وهي بالنسبة إلينا مسؤولية فنية جعلتنا نصنع فنا أدبيا ومسرحا ثقافيا يرسخ في ذاكرة المسرح والمتلقي السعودي". 


من الجدير ذكره أن المرض لم يمهل الشاعر حمد الحجي لجمع قصائده في حياته، لينشر ديوانه "عذاب السنين" بعد موته، وقد تولى جمعه الأستاذ محمد الشدي من الصحف والمجلات التي كتب فيها الراحل ومنها جريدة "اليمامة".

ولم تغب تجربة الحجي عن المشهد الأدبي السعودي، وحضرت في مؤلفات الكثير من الأدباء والنقاد السعوديين حيث ترجم له الأديب الراحل عبدالله بن إدريس في أحد أهم مؤلفاته "شعراء نجد المعاصرون" وكذلك فعل الناقد الدكتور محمد بن سعد بن حسين الذي تناوله في كتابه "الأدب الحديث في نجد" وعاد مرة أخرى ليشارك في جامعة اليرموك بالأردن ببحث عنه بعنوان "حياة حمد الحجي وشعره".
 

font change

مقالات ذات صلة