حرب غوغل والتكنولوجيا من غزة الى... لشبونة

إجبار رئيس شبكة "قمة شبكة الإنترنت" على الاستقالة بسبب موقفه من حرب غزة

Sara Gironi Carnevale
Sara Gironi Carnevale

حرب غوغل والتكنولوجيا من غزة الى... لشبونة

تشن إسرائيل ما سمته عمليات عسكرية برية "موسعة" في غزة منذ ليل الجمعة، مهدت لها بحرب تكنولوجية على القطاع المنكوب. وفي آخر تجليات هذه الحرب، أعلنت الشركة الفلسطينية المزودة لخدمات الاتصالات أن هذه الخدمات انقطعت تماماً عن غزة بعد قصف إسرائيلي متعمد لمنشآتها في القطاع قبيل "توسيع" العمليات.

وأفادت "شركة الاتصالات الفلسطينية" (بالتل) أن "خدمات الاتصالات والإنترنت كلها تعطلت" في القطاع، في أعقاب إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت أمام مجموعة صغيرة من الصحافيين الأجانب أن العملية البرية "الموسعة" ستطول.

ومعلوم أن "حماس"، وهي رأس الحربة في مقارعة إسرائيل في غزة حالياً، وغيرها من الحركات، المسلحة والمدنية، الناشطة في قطاع غزة والضفة الغربية، تعتمد على الإنترنت في نقل مجريات الحرب الإسرائيلية على القطاع والهجمات الإسرائيلية على أهداف فلسطينية في الضفة، إلى جانب التعبير عن وجهات نظرها بالتوازي مع تغطية إعلامية غربية تصفها، عن حق أحياناً كثيرة، بالمنحازة إلى الدولة العبرية وغير المنصفة للفلسطينيين. وأوضح ناشطون فلسطينيون لمراسلين صحافيين، عرب وأجانب، أن إسرائيل شوّشت على ما لم تدمره من البنية التحتية للاتصالات في غزة.

رويترز
صورة بالقمر الاصطناعي تظهر المناطق المتضررة في مدينة بيت حانون الفلسطينية

حرب الخرائط

والثلثاء (الاثنين بتوقيت الولايات المتحدة)، أوقفت "أبل" "ألفابت" (الشركة الأم لـ"غوغل") العرض المباشر على تطبيقاتهما لأحوال المرور على طرق القطاع والضفة وإسرائيل بناء على طلب القوات المسلحة للأخيرة. والتطبيقات المعنية هي "خرائط أبل" (Apple Maps) التابع لـ"أبل"، و"خرائط غوغل" (Google Maps) و"وايز" (Waze) التابعان لـ"غوغل". ويستهدف التعطيل وقف التقييم المباشر عبر التطبيقات لأحوال المرور على الطرق، لكن التطبيقات ستواصل تزويد المستخدمين اتجاهات الوصول إلى المناطق التي يريدون الوصول إليها.

وأكدت الشركتان أنهما فعلتا الشيء نفسه في أوكرانيا بناء على طلب سلطات كييف منذ أن بدأت روسيا غزوها العسكري للبلاد في فبراير/شباط 2022.

إجبار بادي كوسغرايف، الرئيس التنفيذي لـ"قمة شبكة الإنترنت" السنوية في لشبونة، على الاستقالة بعدما كاد المؤتمر أن يُلغَى على وقع تهديد شركات تكنولوجية عالمية عملاقة بمقاطعته احتجاجاً على موقف كوسغرايف من الحرب الإسرائيلية على غزة

وفي حين تورد "خرائط أبل" و"خرائط غوغل" و"وايز" اسم إسرائيل من ضمن أراضي فلسطين التي قامت عليها عام 1948، ترسم للضفة الغربية وقطاع غزة حدوداً مختلفة عن الحدود التي ترسمها بين الدول، وتهمل اسم فلسطين تماماً، فتسمي المنطقة الأولى باسم الضفة الغربية والثانية باسم قطاع غزة. وتحيط القدس الشرقية بالحدود المختلفة نفسها، وتورد أسماء المستوطنات الإسرائيلية القائمة في الضفة الغربية.

رويترز
فلسطينيون يحاولون التقاط شبكة الاتصالات وسط الدمار في موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس جنوب قطاع غزة، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023

للمزيد عن واقع الحياة هذه الأيام والليالي العصيبة في القطاع إقرأ: هكذا نعيش تحت القصف في غزة وهكذا نتحايل على الموت

يُذكَر في هذا الصدد أن الولايات المتحدة أقرت عام 1997 تشريعاً يُعرَف باسم "تعديل كايل-بنغامان" بناء على ما يُوصَف بمخاوف أمنية إسرائيلية، وحدّ التشريع من حرية الشركات الأميركية المالكة لأقمار اصطناعية في أن توفر لتطبيقات الخرائط صوراً واضحة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمناطق إسرائيلية وحتى لمناطق في الضفة والقطاع. وأُلغِي التشريع عام 2020 بعدما مارست الشركات ضغوطاً على الكونغرس في هذا الاتجاه، يدفعها الخوف من منافسة شركات أوروبية كانت توفر صوراً واضحة من دون قيد أو شرط. ولم تنشر "خرائط أبل" و"خرائط غوغل" صوراً بالأقمار الاصطناعية لغزة إلا بعد فترة قصيرة من إلغاء التشريع.

"قمة شبكة الإنترنت" في خبر كان لولا...

في لشبونة، استقال بادي كوسغرايف، الرئيس التنفيذي لـ"قمة شبكة الإنترنت" السنوية، بعدما كاد المؤتمر أن يُلغَى على وقع تهديد شركات تكنولوجية عالمية عملاقة بمقاطعته احتجاجاً على موقف كوسغرايف من الحرب الإسرائيلية على غزة. والمؤتمر، أحد أكبر المؤتمرات التكنولوجية في أوروبا، من المقرر عقده في العاصمة البرتغالية الشهر المقبل. واتخذ كوسغرايف الأيرلندي الذي أسس القمة عام 2009 قراره بعدما شملت الشركات المهددة بالمقاطعة "ألفابت" و"إنتل" و"ميتا" و"سيمنز" و"سترايب" (شركة للمدفوعات).

وبعد اعتذار سبق الاستقالة يبدو أنه لم ينفع في إنقاذ المؤتمر، قال كوسغرايف في بيان استقالته: "لسوء الحظ، أصبحت ملاحظاتي الشخصية حرفاً للأنظار عن المناسبة وعن فريقنا ورعاتنا وشركاتنا الناشئة والحضور. أعتذر مجدداً عن أي ألم تسببت به".

إن جرائم الحرب هي جرائم حرب حتى حين يرتكبها حلفاء، ويجب تسميتها باسمها

بادي كوسغرايف، الرئيس التنفيذي المستقيل لـ "قمة شبكة الإنترنت" السنوية

وأفاد ناطق باسم المؤسسة المنظمة أن رئيساً تنفيذياً جديداً سيُختَار "في أسرع ما يمكن".

وكان كوسغرايف كتب على صفحته على تطبيق "أكس" يقول في 13 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد ستة أيام من شن "حماس" عملية "طوفان الأقصى" وبدء الحرب الإسرائيلية على غزة، متوجهاً إلى الحكومات الغربية الداعمة للدولة العبرية: "إن جرائم الحرب جرائم هي حرب حتى حين يرتكبها حلفاء، ويجب تسميتها باسمها".

زاد بلة في طين انسحاب المشاركين، تهديد جهات ممولة بوقف دعمها لـ"القمة"، ورجحت تقارير إعلامية غربية أن هذه الجهات التي يمول بعضها شركات مشاركة في المناسبة هددت هذه الشركات بسحب استثماراتها منها في حال حضر ممثلوها المناسبة.

للمزيد عن احوال غزة الاقتصادية وتداعيات الحرب الأولية إقرأ: اقتصاد غزة أشلاء تعصف بها الحرب

ولاحقا أتبع كوسغرايف منشوره ببيانات هاجمت "طوفان الأقصى" الذي شمل هجمات شنتها "حماس" على أهداف مدنية داخل إسرائيل، وشدد على "حق إسرائيل في الوجود والدفاع عن نفسها". لكن ذلك كله لم يساهم في محو "خطيئته الأصلية" في نظر المشاركين في القمة ومموليها. وليس من الواضح حتى كتابة هذه السطور إن كانت استقالة الرجل ستجعل المعتذرين عن عدم حضور المناسبة يحضرونها.

وكانت أسماء ورسائل معادية لإسرائيل غمرت خرائط غوغل عند البحث عن معبر رفح الحدودي بين غزة و مصر.

font change

مقالات ذات صلة